يجمع المتخصصون في شؤون التنظيمات الإسلامية المتطرفة على أنها قد خرجت جميعاً من عباءة التنظيم الأم المسمى بجماعة "الإخوان المسلمين". وكلمة "جماعة" في حد ذاتها، إنما ظهرت أصلاً كتمويه وتضليل، لإخفاء حقيقة كون "الإخوان" تنظيماً هرمياً قائماً على بنية سرية بالغة التعقيد، على طريقة الجماعات الدينية السرية الغامضة المشابهة كالحركة الماسونية، حيث تخفي الأسماء الفضفاضة والتعبيرات "البيضاء" السطحية في التداول الإعلامي الموجه، حقيقة المكائد والأجندات التنظيمية المبيّتة. والتنظيم السري الذي تم الكشف عنه في الإمارات، وعلاقته بجماعته الأم "الإخوان"، لا يخرجان عن هذه القاعدة، فثمة حبل سري ممتد من التنظيم الأم، وتحديداً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الموجه الأساسي لكافة تحركات العناصر الإخوانية المتورطة في التآمر على الإمارات. ومسؤوليتنا جميعاً تتحدد اليوم في إيجاد يقظة وحصانة من مخططات تنظيم الإخوان الدولي، من خلال معرفة حجمه وخطورته وخططه ، ومن ثم التصدي له وإفشال دعاياته ومؤامراته. وكعادتهم في تغطية الحقيقة والتعمية عليها حاول "الإخوان" مراراً وتكراراً إنكار وجود مثل هذا التنظيم، وزعموا أحياناً أنه قد تم حلّه في فترة معينة. وعلى كثرة ما كذب الإخوان، ونفوا حقيقة وجود تنظيم دولي لهم، فقد دار التاريخ دورته، وانكشفت الحقيقة الآن بعد نجاح ما يسمى ثورات "الربيع العربي"، حيث راحوا وسط غمرات النشوة يعترفون بوجود ذلك التنظيم الدولي، الذي يحرك جميع خيوط لعبتهم السياسية ومؤامراتهم ضد الدول العربية والإسلامية. ولولا نهج الخديعة والتآمر الذي جبلوا عليه لما أنكر الإخوان أصلاً وجود ذلك التنظيم وتوابعه ومن ضمنها اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وهو الجناج الأوروبي لتنطيم الاخوان المسلمين العالمي والذي أسسه سعيد رمضان ومجموعته من الإخوان الذين هربوا من مصر في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي بعد اصطدامهم بنظام عبد الناصر. وكان هذا التنظيم الدولي يدار حتى العام الحالي من قبل عناصر من الحزب الإسلامي العراقي- الفرع العراقي لتنظيم الإخوان المسلمين- والآن عادت القيادة من المصب إلى المنبع ومن الفرع إلى الأصل، حيث رجعت مجدداً إلى التنظيم المصري. وقد أنشأ اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عدداً من الواجهات التمويهية ليعمل من خلالها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والمنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة، ومنتدى الشباب المسلم الأوروبي، واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، واتحاد الجاليات والمنظمات الإسلامية في إيطاليا. ومن المؤسسات الأخرى التابعة أيضاً: المجلس الإسلامي الدانمركي، ورابطة مسلمي سويسرا. وفي مقابل هذه الواجهات التمويهية الخارجية المقامة هناك في المهاجر الأوروبية في غير "دار الإسلام" تتبع التنظيم الدولي أيضاً شبكات من الواجهات المعلنة وشبه المعلنة والسرية، في البلدان العربية والإسلامية، حيث يتم استغلال أية هوامش تحرك في بلد ما لحبك المؤامرات ضد بلد آخر شقيق. وقد سعى التنظيم الدولي لإيجاد العديد من المنابر، من وإلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً للإمكانيات الواسعة المتاحة فيها فيما يتعلق بفرص جمع الأموال وتوظيفها، وقد أنشأ استثمارات وجمع أموالاً كثيرة كان لها دور خطير في التآمر على دول المنطقة، وهو يسعى من خلالها إلى تحقيق الفكرة المركزية لدى الإخوان حول أستاذية العالم، بحيث يصبح المرشد هو "أستاذ العالم" وسيده، والحاكم بأمره في كل زمان ومكان. ولأن كل خيوط التآمر الإخواني تنتهي عند عتبة التنظيم الدولي، لذا نجد هذا التنظيم اليوم في صلب الحملة الإعلامية الرديئة ضد الإمارات، الوطن والشعب. وهنا لا نكشف سراً إذا قلنا إن هذه الحملة الساعية إلى تشويه سمعة الإمارات يديرها اليوم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بالتنسيق مع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومن خلال مكتب التنسيق الخليجي التابع لتنظيم الإخوان المسلمين بالكويت، ويستغلون في حملتهم هذه بعض العناصر الإماراتية المطلوبة في قضية التنظيم السري بالدولة، والهاربين حالياً خارج البلاد. ولا أعتقد أن الحاجة ما زالت قائمة إلى مزيد من الأدلة على أن حملة التنظيم الدولي الخبيثة ضد الإمارات قد باتت حملة تنظيمية منسقة، وتسير وفق مخطط دقيق من الافتراء والكذب. ولكن لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقد فشلت سلفاً حملة الإخوان ضد الإمارات، لأن العالم كله يعرف رشد سياساتها وحجم إنجازاتها. وفشلت الحملة أيضاً، أولاً وأخيراً، بفضل التفاف الشعب حول قيادتنا الرشيدة وأهداف وطننا السامية، وبفعل عمق الولاء والانتماء الذي يتحلى به أبناء هذا الشعب الكريم، وهو ما يحصنهم عن التأثر بتآمر وسفه دعاية تنظيم سري حاقد أولاً، وحاسد ثانياً، ولن يزداد شعب الإمارات بعد هذه الافتراءات إلا وحدة وتماسكاً والتفافاً واصطفافاً حول توجهات القيادة ومصالح الوطن. ولن يزداد إلا ولاءً وانتماءً لهذه الأرض، ومتانةً وحصانةً في التعلق بالقيم الوطنية الراسخة، وفي المضي قدماً لتحقيق الأهداف العليا التي بايعنا عليها قيادتنا الرشيدة منذ قيام دولتنا الميمونة، وما زلنا سائرين لاستكمالها بثبات راسخ وعزيمة لا تلين، ولن تؤثر فينا مؤامرات المتآمرين، ولا أكاذيب الإخوان المفلسين.