أصبح التشويه المصطلحي للغة أداةً من أدوات الصراع السياسي والإعلامي لجماعة "الإخوان المسلمين"، وهو أحد مؤشرات التضليل السياسي المعتمدة من قبل الجماعة باستخدام العديد من المصطلحات المتعارف عليها لدى الجمهور، فبواسطة المصطلح يمارس التلاعب الكلامي في الخطاب المقروء والمكتوب وبالتالي التضليل الفكري ويتم تكريس المصطلح في وعي ثم لاوعي المتلقي والجمهور. لقد بات جلياً بأن التنظيم العالمي لـ"الإخوان المسلمين" بدا في مواجهة مع دولة الإمارات مستخدماً التصريحات الإعلامية كتصريحات محمود غزلان، المتحدث باسم جماعة "الإخوان" في مصر، ومحاولات التدخل في الشؤون الداخلية كما فعل القرضاوي من على منبر "الجزيرة"، واستخدام كافة الأدوات الإعلامية المتاحة ووسائل التواصل الاجتماعي والمنظمات الحقوقية، وصولاً إلى نشر المقالات في الصحف الأجنبية لمخاطبة رأي عام أجنبي باستخدام أدواته في حملة تضليل وتشويه للحقائق، إحدى أدواتها تحريف المصطلحات بما يتناسب مع أجندات التنظيم. وبالنظر إلى الخطاب الإعلامي لـ"الإخوان المسلمين"، سواء في المقالات أو التصريحات أو حتى تغريدات تويتر، يبرز تواتر استخدام مصطلحات مثل "دعاة الإصلاح"، و"معتقلي الرأي"، و"نشطاء المجتمع المدني"، و"المدافعين عن حقوق الإنسان"، وهي مصطلحات جديدة نسبياً على الخطاب المتأسلم لـ"الإخوان"، مصطلحات تبدو منتزعة من سياق ليبرالي لتستخدم في خطاب الإسلام السياسي من ناحية، وهي مصطلحات تحمل مرادفاتها الواضحة في مواثيق حقوق الإنسان الدولية وتستدعي تدخل حماة حقوق الإنسان من منظمات دولية حكومية وغير حكومية وتدخل في صلب تقارير حقوق الإنسان السنوية، وذلك بهدف جعل دولة الإمارات في موضع تساؤل دولي حول أوضاع "حقوق الإنسان"، وفتح الأبواب على مصراعيها لتدخل المنظمات الحقوقية المسيسة ولممارسة الضغوطات الدولية على دولة الإمارات من قبل الحكومات صاحبة المصلحة في استغلال وممارسة مختلف الضغوط. ولا يخفى على الجميع أن المثاليات والقيم الأخلاقية لا تدخل ضمن محددات السياسة الخارجية للدول فالعلاقات الدولية تبنى على البراغماتية والمصلحية. إن التضليل السياسي هو أحد أدوات إدارة الصراع بين الدول، وغالباً ما تلجأ الدول إلى تحشيد أجهزتها الإعلامية والاستخباراتية والإنسانية وحتى الحقوقية في استخدام التضليل السياسي الممنهج. ومن أبرز أدوات التضليل المستخدمة في إدارة الصراعات غير العسكرية، المنظمات غير الحكومية المسيسة، فباسم القيم الإنسانية وحقوق الإنسان تتدخل هذه المنظمات تدخلاً أخلاقياً أو حقوقياً في الشؤون الداخلية للدول، وينشأ التضليل على مستوى المصطلح من خلال الاستخدام المشترك لذات المصطلحات في التحليل والتقرير ونشر المعلومة. وهذا هو الحال مع منظمة مراقبة حقوق الإنسان، أكثر المنظمات الدولية تسيساً. فبالنظر إلى مصطلحات التقارير الصادرة مؤخراً حول دولة الإمارات نلاحظ امتزاج المصطلحات الحقوقية مع مصطلحات جماعة "الإخوان"، ليصبح خطاب الخارج انعكاساً لخطاب الداخل والعكس صحيح كذلك. هذا التماهي في المصطلحات الحقوقية مستجد على خطاب الجماعة التي هجرت المصطلحات الدينية الشرعية في خطابها الإعلامي. ويستخدم التضليل السياسي كممارسة واقعية في الصراعات السياسية والفكرية، ويستخدمه تنظيم "الإخوان" بإتقان ووفق آليات وتقنيات حديثة، فيتم إيصاله عبر وسائل الدعاية السياسية الحديثة وعبر الخطاب الإعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي، فتوظف المصطلحات في حملة منظمة وممنهجة لتضليل الجمهور المتلقي، كما يمارس التكرار وسيلةً في حملة تشويهً للواقع وللمصطلح حتى يصبح المصطلح مرادفاً لجماعة "الإخوان".