تكتل حزبي جديد... واليهود أقلية في فلسطين -------- إسرائيل تواجه التهديد الديموغرافي في فلسطين التاريخية، وانتهاء صلاحية الكنيست الحالي، واحتدام التنافس الانتخابي في إسرائيل، ثم استحقاق الاتحاد الأوروبي لجائزة نوبل للسلام... أهم القضايا التي عرضتها وناقشتها الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي. -------- واقع الثنائية القومية حذرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي مما أسمته التهديد الديموغرافي الذي بات يطوق إسرائيل، هذا التهديد الذي لم يحظَ بعد بالاهتمام اللازم في الحملة الانتخابية التي تعيش على وقعها إسرائيل هذه الأيام، فرغم خطورة الموضوع تقول الصحيفة، ما زال السياسيون في الدولة العبرية يركزون على القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية دون الانصراف إلى حل القضية الفلسطينية. وللتدليل على أهمية الموضوع الديموغرافي وخطورته في نفس الوقت، تستند الصحيفة إلى تقرير نشرته لمراسلها "أكيفا إلدار" يقول فيه بأن الأرقام الرسمية تشير إلى وجود 5.9 مليون يهودي يعيشون بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، فيما وصل عدد غير اليهود إلى 6.1 مليون نسمة، وهو ما يعني تشكل أغلبية غير يهودية في فلسطين التاريخية تعيش تحت السيطرة الإسرائيلية. فرغم عملية فك الارتباط الأحادي إزاء غزة التي قامت بها إسرائيل، لا يمكن الجزم بأن القطاع انفصل تماماً عن مسؤولية إسرائيل، لاسيما وأن اتفاقات أوسلو تتحدث عن غزة والضفة الغربية ككيان واحد غير منفصل، بل الأكثر من ذلك، تورد الصحيفة توقعات "معهد سياسات الشعب اليهودي" الذي يتنبأ أيضاً بأغلبية غير يهودية في فلسطين التاريخية خلال بضعة سنوات، هذا الواقع الزاحف على إسرائيل -تؤكد الصحيفة- لا يحظى بالأولوية لدى رئيس الوزراء الذي يصر على أنه غير معني بالأمر ما دامت الأغلبية اليهودية موجودة داخل حدود إسرائيل. والحال أن سياسات "الليكود" التي ترفض الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حدود 1967، وتشجع على الاستيطان في الضفة الغربية، تجعل من إسرائيل دولة بدون حدود واضحة، لتقضي بذلك على أية فرصة لقيام دولة فلسطينية، وهو ما يشجع أصواتاً فلسطينية للمطالبة بحقوق متساوية مع باقي الإسرائيليين ضمن دولة واحدة والكف عن المطالبة بدولة مستقلة لم تعد فرص تحققها ممكنة. غير مأسوف عليه بهذا العنوان استهلت "هآرتس" افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي متطرقة إلى الكنيست الحالي الذي عقد جلسته الأخيرة لحل نفسه في الأسبوع الماضي وإعلان رحيله عن الحياة السياسية في إسرائيل، هذا الرحيل تصفه الصحيفة بأنه غير مأسوف عليه، وذلك على أمل أن يكون الكنيست الجديد الذي دُعي لانتخابه مبكراً من قبل رئيس الحكومة أفضل إذا ما استطاع القطع مع ممارسات سابقة تعتبر، حسب الصحيفة، وصمة عار حقيقية على جبين الديمقراطية. ولتبرير موقفها تورد الصحيفة سلسلة من التشريعات التي صادق عليها البرلمان المنتهية ولايته، فقد شكل هذا البرلمان تحت سيطرة كتلة "الليكود" فرصة للضغط على الأقليات داخل إسرائيل وفي مقدمتها العرب والتضييق على حقوقهم، بل سعى الكنيست إلى تكميم أفواه الصحافة وملاحقة منظمات المجتمع المدني. ويتذكر الجميع المحاولات الملتوية التي لجأ إليها نواب الكنيست من تحالف اليمين من أجل التحايل على قرارات المحكمة الدستورية التي طالبت بإخلاء بؤر استيطانية غير مشروعة في الضفة الغربية قامت على أرض فلسطينية خاصة أو مسروقة، حيث حاول الكنيست إيجاد استثناءات والالتفاف على قرارات القضاء، والأكثر من ذلك سيدخل الكنيست الراحل التاريخ بوصفه البرلمان الذي صادق على قانون النكبة الذي يمنع العرب من التعامل مع "اليوم الوطني الإسرائيلي" بوصفه لحظة حزينة ومأساوية في تاريخهم. هذا بالإضافة إلى الموافقة على إنشاء لجنة القبول في أحياء بعينها داخل مدن إسرائيل تقوم بفحص طلبات السكن والانتقال إلى الحي، والتي من الواضح أنها تستهدف العرب وتروم إبعادهم عن تلك الأحياء والتمييز ضدهم، لذا تخلص الصحيفة إلى أن الكنيست الـ18 في حياة إسرائيل لن يتحسر على رحيله أحد. حزب جديد ينافس نتنياهو في تقرير نشرته يوم أمس الجمعة أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى انكباب السياسيين المناوئين للحكومة الحالية التي يقودها نتنياهو على التفكير في صيغة سياسية جديدة تتيح لهم الإطاحة برئيس الوزراء في الانتخابات التي ستجرى في 22 يناير المقبل، وليس أفضل لتحقيق هذا الغرض من تشكيل حزب سياسي جديد من وسط اليسار يكون قادراً على حشد عدد من الرموز السياسية والأسماء الوازنة في الساحة الإسرائيلية لمنافسة نتنياهو. لكن الأمور -تقول الصحيفة- ما زالت في طور الاختمار ولم يتم الإعلان عن شيء بعد، بحيث حدد السياسيون يوم الاثنين المقبل للفصل في من سيقود التكتل السياسي الجديد. ومن الأسماء المتداولة بقوة، هناك رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وإن كان لم يحدد بعد ما إذا كان سيعود إلى الحياة السياسية أم سيفضل الابتعاد عنها. وفي هذا الإطار نقل التقرير بعض التحركات التي قد تشي بقرب عودته، مثل لقائه في الأسبوع الماضي مع قائد هيئة الأركان السابق جابي أشكنازي الذي ربما يبحث معه تقلد منصب وزير الدفاع، كما أشار التقرير إلى تنسيق يجري حالياً بين أولمرت ووزيرة الخارجية السابقة تسفني ليفني، بالإضافة إلى رئيس المجلس الوطني السابق لحزب "كاديما"، حاييم رامون. لكن رغم التخمينات لم تبرز بعد ملامح واضحة لما ستكون عليه الخريطة السياسية الآخذة في التشكل قبيل الانتخابات القادمة، والقوى التي ستفرزها التحالفات الجديدة الساعية إلى التنافس على منصب رئيس الوزراء، فنتنياهو ما زال قوياً ويحظى بشعبية في الأوساط السياسية، هذا بالإضافة إلى التفاف أحزاب اليمين، سواء الدينية أو القومية، على مشروعه المناهض لمفاوضات على حدود 67، لتبقى حظوظ نتنياهو، حسب التقرير، رهينة بقوة خصومه السياسيين وقدرتهم على التعبئة والتحالف في إطار كيان سياسي موحد، وهو ما سيحسمه قرار أولمرت بالعودة إلى السياسة من عدمه. "نوبل" للاتحاد الأوروبي دافع السفير الإسرائيلي السابق لدى فرنسا، "دانيال شيك"، في مقال له على صفحات "يديعوت أحرنوت" خلال الأسبوع الماضي عن منح جائزة نوبل للسلام للاتحاد الأوروبي، فقد اندهش الجميع من قرار لجنة الجائزة غير المتوقع، وأثيرت تساؤلات عدة عن سبب هذا القرار: ألم يبقَ في العالم كله من هو أجدر باستحقاق جائزة نوبل للسلام غير الاتحاد الأوروبي؟ وأين المنظمات الإنسانية والأشخاص الذين خدموا السلام في العالم لتمنح إلى أوروبا؟ ثم ألا يواجه الاتحاد الأوروبي اليوم خطراً وجودياً يتمثل في الأزمة المالية والركود الاقتصادي الذي يكاد يعصف به؟ أليس من المفارقة أن تكون لجنة الجائزة في النرويج التي ما زالت ترفض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟ كل هذه الأسئلة، يقول الكاتب، لا تبرر حجب الجائزة عن الاتحاد الأوروبي، لأن هذا الأخير يمثل صرحاً قل نظيره في العالم، حيث استطاع التأسيس لفضاء مشترك من المصالح الاقتصادية المتداخلة، وحدد لنفسه أهدافاً سياسية طموحة تسعى إلى الاندماج من خلال مؤسسات سياسية منتخبة على الصعيد الأوروبي. ورغم المشاكل التي يتخبط فيها الاتحاد اليوم، فقد أظهر صلابة واضحة وقدرة على الاستمرار، ولعل أهم ما يُحسب له نجاحه في القطع مع تاريخ طويل من العداء بين الدول الأوروبية، إذ من كان يتخيل في أربعينيات القرن الماضي، أن تصبح فرنسا وألمانيا العدوان اللدودان، أصدقاء بل وشركاء ضمن فضاء أوروبي موحد تسقط فيه الحدود بين الدول وتفسح فيه مشاعر القومية والانغلاق الطريق أمام سيادة مشتركة وتنازلات اقتصادية لفائدة الشعوب والسلام العالمي؟ لذا يقول الكاتب من الإجحاف استكثار جائزة نوبل على الاتحاد الأوروبي الذي أثبت عبر السنوات أنه يستحقها بالفعل. إعداد: زهير الكساب