يجلس سلطان أحمد حامدي، 74 عاماً، في محله اليوم بانتظار الزبائن، دون أن يلوح في الأفق أنيس أو جليس... وتمضي الساعات طوالاً وتعود به الذكريات مع الزمن إلى الأيام الخوالي، حين كانت الحياة مقبلة وتفاصيلها بسيطة، وتشابكات المعاملات في السوق هنا في "هيرات" أكثر حميمية، وكان معظم الزبائن والمارة وسكان البلدة عموماً يعرفون بعضهم بعضاً، ويسلم كل منهم على الآخر باسمه وكنيته. في حين أن معظم المارة الآن هم من أجيال لا يعرفهم ولا يعرفونه، ولا يعرف بعضهم بعضاً أيضاً، فقد تعقدت الحياة، وهاجر أهالي الريف إلى المدينة، واختلط الحابل بالنابل. وفي هذه الأثناء انتابت بائعنا المشيب نوبة "نوستاليجيا" وحنين إلى أيام البركة والبساطة فاحتضن آلة العزف التقليدية المعروفة هنا -وفي إيران وآسيا الوسطى- باسم "دوتار"، وراح يهدهد الأوتار بأنامله المنهكة المعروقة، مستمتعاً ومستمعاً إلى عزفه المنفرد ونشيج أنين وتره الحزين. (ا ف ب).