حقّق اقتصاد أبوظبي في عام 2011 نمواً يقترب من نحو 7 في المئة، فارتفع ناتجه المحلي الإجمالي إلى نحو 606 مليارات درهم، مقارنة بنحو 567.8 مليار درهم في عام 2010، وكان هذا النمو يمثل جزءاً من نمو أكبر حققه اقتصاد الإمارة على مدار عقد كامل، بدأه في عام 2001 بحجم ناتج عند مستوى يقدر بنحو 372 مليار درهم، وأنهاه بناتج يزيد على ذلك المستوى بنحو 63 في المئة في نهاية العام الماضي، جاء ذلك في البيانات الصادرة خلال الأيام القليلة الماضية عن "مركز الإحصاء-أبوظبي". يحمل النمو الذي حققه اقتصاد إمارة أبوظبي على النحو المذكور، عدداً من الدلالات الإيجابية: أولاها، أنه يمثل تعبيراً واضحاً عن أن هذا الاقتصاد قد تعافى بشكل كامل من تداعيات "الأزمة المالية العالمية"، وعاد إلى النمو المرتفع الذي دأب عليه طوال فترة ما قبل الأزمة، منهياً مرحلة من التباطؤ كان قد تعرض لها كغيره من الاقتصادات حول العالم خلال السنوات الماضية. ثانيتها، أن اقتصاد الإمارة قد حقق هذا النمو بالاعتماد على قدراته الذاتية وقواه المحركة على المستوى المحلي، من دون انتظار تعافي الاقتصاد العالمي، ومن دون اللجوء إلى أي دعم يأتيه من الخارج، خاصة أن النمو الذي حققته الإمارة قد حدث في الوقت الذي ما زالت تعاني فيه معظم الاقتصادات حول العالم مظاهر الضعف والتباطؤ في معدلات النمو. ثالثتها، أن النمو المحقّق في اقتصاد أبوظبي لم يقتصر على الجانب الكمي فقط، بل إنه احتوى على جانب كيفي على قدر كبير من الأهمية أيضاً، فقد تضاعف ناتج القطاعات غير النفطية بنحو الضعفين خلال العقد 2001-2011، حتى أصبحت هذه القطاعات تسهم بنحو 47.6 في المئة من إجمالي حجم الناتج المحلي الإجمالي، وأصبحت تمثل قوة محركة داخل الاقتصاد، بعد أن كان هذا الاقتصاد يعتمد في بداية العقد على القطاع النفطي، محققاً بذلك تقدماً كبيراً على طريق تنويع مصادر الدخل والوفاء بمتطلبات استدامة النمو والتنمية الاقتصادية، وهو ما يتوافق مع الأهداف التي تتبناها "الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي"، التي تسعى إلى بناء اقتصاد متطور ومتنوع وقادر على النمو المستدام. رابعتها، أن إمارة أبوظبي استطاعت بالفعل على مدار العقود الماضية أن تستثمر مواردها الطبيعية على الوجه الأمثل، فإلى جانب أنها لم ترتكن إلى الاعتماد على قطاع واحد أو عدد محدود من القطاعات، فهي قد تمكنت من بناء قاعدة إنتاجية متوازنة ونموذج اقتصادي وتنموي على قدر كبير من الكفاءة في توصيل عوائد التنمية إلى المواطنين بمختلف فئاتهم وأماكن معيشتهم، الذين هم يمثلون الغايتين الأولى والأخيرة لمجمل الجهود للعملية التنموية في الإمارة. وقد استطاع هذا النموذج أن يحقق أهدافه بالفعل، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال متوسط نصيب الفرد من الدخل على مستوى الإمارة، الذي ارتفع إلى نحو 88.1 ألف دولار في السنة خلال عام 2008، كأعلى متوسط دخل للفرد على مستوى العالم، وذلك كما جاء في "تقرير التنمية البشرية" لإمارة أبوظبي، الصادر مؤخراً عن "دائرة التنمية الاقتصادية" بالتعاون مع "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة"، الذي يمثل أفضل تكليل للجهود الاقتصادية والتنموية التي بذلتها الإمارة على مدار العقود الماضية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.