تعرضت الصبيّة الباكستانية ملالا يوسف التي تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً لإطلاق رصاص من قبل مجموعة مسلحة تنتمي لـ"طالبان" الباكستانية، قامت بتوقيف الحافلة التي كانت تقلُّ "ملالا" وزميلاتها إلى المدرسة وسألت عن "ملالا" تحديداً، وقد نجت من الموت بأعجوبة رغم إصابتها الخطيرة في الرأس والرقبة. ملالا يوسف نموذج مشّرف وجميل للجيل الجديد من الفتيات في عالمنا الإسلامي، فقد طالبت رغم حداثة سنّها بوجوب السماح للبنات بالتعليم في منطقتها. هذه الصبيّة ترشّحت لجائزة سلام دولية عام 2009 بعد أن قامت بكتابة يوميات عن الحياة الاجتماعية التي تعيش فيها بإقليم "سوات"، الذي تنحدر منه، في ظل حكم جماعة "طالبان" الباكستانية المتشددة التي تمنع البنات من التعليم وتقوم بإغلاق المدارس. خرس صوت "ملالا" لن يقضي على مطالب الجيل القادم من الفتيات. وإذا قُتلت "ملالا" ستظهر آلاف مؤلفة من "ملالا" يُطالبن بحقهنّ في التعليم وبالكثير من حقوقهن المهدورة لضمان مستقبل ناصع لأنفسهن. وقد نددت جمعيات حقوقية عديدة بالحادث معتبرة إياه تعدياً سافراً على آدمية المرأة. هناك خبر آخر قامت بنشره مؤخراً صحيفة (الاندبندنت) البريطانية، أنّ شركة (إيكيا) السويدية العملاقة تُواجه انتقادات لاذعة من الحكومة بعد اكتشاف أن صور النساء التي تُرفق مع (الكتالوج) السنوي المتضمن منتجات إيكيا من الأثاث والمطابخ وغيرهما من المستلزمات المنزلية، قد تمّ نزعها من النسخة المخصصة للسعودية! هذا التصرف من الشركة دفع وزيرة التجارة السويدية إلى التعليق باستهجان قائلة: "من المستحيل شطب المرأة من واقع الحياة، وإلغاء صور المرأة شهادة دامغة على أنّ أمامنا طريق طويل فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين في السعودية". الحدثان مختلفان في طريقة التعامل معهما، ولكن فكرة إقصاء المرأة عن الحياة العامة يظلُّ المحور الأساسي الذي يجمع بينهما. فهل من المعقول في زمن الانفتاح على العالم، أن يعتقد المتطرفون دينيّاً أن عزل المرأة هو السلاح الذي سنُغالب به أمم الأرض، وأنه الطريق الأمثل لبناء مجتمعات سوية متوازنة؟! ما يجري خلف الأستار فيما يخصُّ شؤون المرأة كثير جداً. فالمرأة لم تزل تدفع أثماناً باهظة. والبعض يُصرُّ على التشبث بمعتقدات عقيمة لا أصل لها في تشريعاتنا الدينية ، وإن أدّى هذا الأمر إلى شلل نصف المجتمع المتمثل في المرأة. يُحزنني ما يجري للمرأة العربية والمسلمة في بعض دولنا، وللأسف بلادي لا أستثنيها مما يجري على أرضها من انتهاكات في حق المرأة! صحيح الحكومة السعودية تُحاول أن تُلبي المطالب الدولية كي تُبرّئ صفحة وجهها فيما يخصُّ وضع المرأة السعودية في الداخل، لكن الطريق في رأيي لم يزل طويلاً! والمتشددون دينيّا يقفون بالمرصاد أمام أي انفراج حقيقي للمرأة بحجة الغيرة على كيانها كامرأة وكي لا تتعرّض إلى ما يخدش أنوثتها! تصلني بين حين وآخر رسائل على بريدي الإلكتروني بأسماء وهمية من رجال دين، منهم من يُطالبني بلغة حسنة أن أعود إلى رشدي وأراعي الأجيال القادمة من الفتيات فيما أكتبه في رواياتي. وهناك من يُطالبني بلغة فظّة أن أكفّ عمّا أسطّره فيها، وأنني أحرّض المرأة من خلالها على التحرر والخروج من عباءة موروثاتها الدينيّة! المرأة العربية والمسلمة لن تعود للوراء مهما حاول المتشددون إعاقة طريقها. والإنجازات التي حققتها في العقود الماضية لن تجعلها تلتفت للخلف، وترجف من طلقة بندقية أو تردعها صرخة تخويف! المرأة العربية والمسلمة اليوم بفضل تعليمها ومن خلال ما حققته من إنجازات رائعة في مجتمعاتها، قادرة على تشريع النوافذ عن آخرها لتستقبل العواصف مهما بلغت حمولتها!