تلقي شابة مسلمة هذا الأسبوع الكلمة الرئيسية حول التكامل في المجتمع الكندي أمام تجمع كبير في تورنتو. وفي منتصف أكتوبر، ستكرّم النساء المسلمات أخواتهن اللواتي حققن نجاحات من خلال مساهماتهن المجتمعية بكندا. وفي فترة لاحقة من هذه السنة أيضاً، سيتم تكريم امرأة مسلمة من قبل الحكومة الكندية لجهودها المقدرة في خدمة قضايا حقوق المرأة وتشجيع الحوار بين الديانات. وليس هذا النشاط الواسع للنساء المسلمات في خدمة الاندماج والتعايش والتسامح في كندا مجرد ظواهر عابرة. فلدى النساء المسلمات هنا تاريخ طويل من العمل الجاد والهادف، ألهمهن إياه تقديرهن العميق لسياسة التعددية الثقافية في كندا واحترام الحقوق والحريات فيها. وقد تأسس المجلس الكندي للمرأة المسلمة عام 1982، ووضع رؤية واضحة لخدمة قضايا النساء، والجالية المسلمة على اتساعها، من خلال التأكيد على الالتزام بمبادئ الإسلام وروحه الدينية القائمة على التسامح والتكامل مع المجتمع الأوسع. وكانت تلك خطوة كبيرة في بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما انشغل المسلمون في كندا، ومعظمهم من المهاجرين لأسباب اقتصادية، بالحصول على مصدر رزق، عن التركيز على الدور الذي سيلعبونه في وطنهم الجديد. وبطبيعة الحال فليس التحول من التقاليد إلى التكيّف سريعاً أو سهلاً. وفي عام 1988، كان مسجد الرشيد، أقدم مساجد كندا، على وشك الاختفاء بعد أن فشلت محاولات لإعادة تأسيسه بمساعدة مسلمي كندا ومسلمين من الخارج، حيث إنه كان مبنياً على أرض تخص مستشفى. ويومها تقدم فرع "إدمنتون" لمجلس النساء المسلمات الذي لا يملك مالاً ويضم اثنتي عشرة امرأة فقط (أصبح يشار إليهن فيما بعد بالاثنتي عشرة الرائعات) وقمن بطرح القضية كمشكلة كندية عامة وليس كمشكلة مسلمة فقط. وقد بينت النساء أن مسجد الرشيد شكل بداية جديدة لفصل جديد في التاريخ الكندي ويستحق بالتالي أن يكون مع المباني التاريخية الأخرى في منتزه فورت "إدمنتون"، وهو متحف تاريخ حي في المدينة. ووجدت القياديات من النساء المسلمات بذلك فرصة لتثقيف وإعلام الجمهور وتهدئة مخاوفه، وفي الوقت نفسه تمكن من تجاوز العراقيل التي اختلقتها منظمات مهتمة فقط بالتاريخ والتراث الكنديين، بمعناهما الضيق. وفي نهاية المطاف، فازت الاثنتا عشرة الرائعات، وأصبح مسجد الرشيد جزءاً من التراث الكندي واشتركت منظمات التيار الرئيس في المجتمع في كلفة نقله. وفي الجالية المسلمة نفسها، حققت هؤلاء النساء أكثر من سابقة في العمل من خلال قضايا صعبة، بغض النظر عن حساسيتها. ففي عام 2003 وبعد أن سعت مجموعة من الرجال للحصول على وضع قانوني لقرارات التحكيم التي تصدرها محاكم شرعية إسلامية حسب قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، بدأت المجموعة حواراً حول تفسير هذه القوانين في أوساط الجالية المسلمة. وقد ظهر أثر هذا الحوار لاحقاً. وبعد ذلك قامت المنظمات المسلمة بإعداد دورات في الثقافة الكندية والتاريخ والقانون الكنديين لمساعدة القادة الدينيين وغيرهم على تطوير فهم أعمق للمجتمع الكندي. والأهم من ذلك أن هؤلاء النساء رعين بنجاح الحوار المفتوح في أكثر من قضية تعتبر غير قابلة للحوار عادة في العديد من الجاليات المسلمة. داود حمداني كاتب وأستاذ بمعهد القيادة الإسلامية الكندية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية