تعد دولة الإمارات إحدى الدول الأكثر حماسة وطموحاً للتحول إلى عصر الطاقة المتجددة، والتخلص من المشكلات الناتجة عن الاعتماد على الاستهلاك المفرط للطاقة التقليدية، ومن ثم فهي تعد إحدى الدول الأعلى استثماراً لإنجاز هذا التحول، حيث بلغت الاستثمارات الإماراتية الموجهة لتحقيق هذا الغرض، نحو 3 مليارات درهم عام 2011، لتستحوذ بذلك على نحو 15 في المئة من إجمالي استثمارات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المجال، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن عدد من المؤسسات الدولية المهتمة بقضايا الطاقة المتجددة والبيئة، وعلى رأسها "برنامج الأمم المتحدة للبيئة". إن الاستثمارات الإماراتية السخية في مجال التحول إلى عصر الطاقة الجديدة والمتجددة، تأتي ضمن مساعٍ شاملة تسلكها الـدولة نحو إدراك التنمية المستدامة، وهي المساعي التي تشمل -إلى جانب هذا التحول- مساعي أخرى، تستهدف تحسين إدارة الموارد الطبيعية المتوافرة، وبخاصة موارد المياه والطاقة، وتحسين إدارة المخلفات بجميع أنواعها، وغيرها من المساعي التي لها علاقة مباشرة بالمحافظة على استدامة الموارد الطبيعية أولاً، والحد من مخاطر التلوث البيئي ثانياً، مما يرمي في النهاية إلى مواصلة التنمية في المستقبل، من دون معوقات. ولإدراك هذه الغايات تتبنى دولة الإمارات، كثيراً من المبادرات، تأتي على رأسها مشروعات مدن المستقبل، كمشروع "مدينة مصدر" في أبوظبي، الجاري تنفيذها منذ عام 2006، والتي ستكون لدى اكتمال بنائها عام 2016، المدينة الأولى في العالم المعتمدة بشكل كامل على الطاقة الشمسية في تلبية احتياجاتها من الطاقة، وستكون أيضاً مدينة بلا نفايات. وبجانب هذا المشروع، يأتي مشروع "مدينة دبي المستدامة" التي تم افتتاحها خلال معرض "سيتي سكيب جلوبال" الذي عقد مؤخراً في دبي. إن تعدد المبادرات الإماراتية في مجال بناء مدن المستقبل، يؤكد أن هذه المدن، تمثل نهجاً للعمل الإماراتي في مجال التحول إلى عصر طاقة المستقبل، وآلية من الآليات التي تتبناها الدولة، من أجل إدراك التنمية المستدامة، ومن المؤشرات الدالة على سلامة هذا النهج، الكلمات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة السيد "بان كي مون"، على هامش حضوره لـ"القمة العالمية لطاقة المستقبل" التي عُقدت في أبوظبي مطلع العام الجاري، والتي علق فيها على مدينة مصدر قائلاً: "إن (مصدر)، تقدم للعالم صورة مشرقة لما سيكون عليه المستقبل، حيث تعكف على تطوير الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة التي ستساعد في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وتعزيز صحة المجتمعات ورفاهيتها، وتعود بالفائدة على العالم أجمع، وإذا ما تم تطبيق المزيد من هذه الجهود والمبادرات بالتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، فستكون التكنولوجيا الحديثة في متناول الجميع". إن هذه الكلمات تمثل شهادة دولية على نجاح دولة الإمارات في قطع أشواط مهمة، على طريق الانتقال إلى طاقة المستقبل، وتمثل أيضاً تأكيداً على قطع المزيد من الخطوات، في هذا الاتجاه، هو توجه سليم، لا يُقصَر مردوده الإيجابي على استكمال البناء الإماراتي المتميز والرائد في هذا المجال، بل إنه يعزز أيضاً الدور الذي تضطلع به الدولة في الإسهام في مسيرة التحول العالمي إلى طاقة المستقبل. ـــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.