كلمة رجيم "Regime " تعني النظام السياسي أو السلطة، واستخدام هذه الكلمة يحمل نظرة سلبية للنظام السياسي في اللغة الإنجليزية، ولكن استخدامها في العموم يعني النظام السياسي. ولكن "رجيم" بشار الأسد بحق لا يحمل سلبيات فقط، بل حمل نظام "البعث" السوري ليكون من أسوأ ثلاثة أنظمة عربية عرفتها المنطقة منذ تكوين الدول العربية بعد انهيار الدولة العثمانية واستقلال البلدان العربية من الاستعمار الأوروبي. فلم يأت "رجيم" بشار الوارث لأبيه في نظام "جمهوعبثية" ليصلح نظام "البعث" السوري كقائد شاب، بل زاد من مظالم النظام وراح به إلى قمة أسوأ الأنظمة العربية، وذلك يعود إلى رجال العسكر المحتكرين للسلطة والربح المادي الفئوي، وأيضاً لأن النظام أصبح شبه طائفي بيد "العلويين" مع العسكر، أضف إلى ذلك الفئة المغردة للنظام "العبثي" حيث امتازت بكلمات ونغمات العروبة والعدو الخارجي، وهم بذلك يغردون لشرعية نظام عبث بدولة وشعبها. لقد خلق "رجيم" بشار حالة من الرجيم للشعب السوري الذي قَدِم من خلال نظام أبيهِ "حافظ" بحالة من الخوف من أجهزة الأمن الداخلية القاتلة للحرية والعدالة، كما أنه في حالة من الفقر والتخلف عن التطور، وهنا فإن الحمية "الرجيم" لشعب ليس به بدانة الحرية، وسلامة حقوق الجسم والدم، والحق في التطور والنماء، تكون مدمرة لحال الشعب الذي أصبح رافضاً لعمليات تطويعه لنظام سياسي واجتماعي وأمني واقتصادي لا يراعي حال شعبه المزري في الاقتصاد والحرية والعدالة والتطور، كما أنه محكوم عليه البقاء في ظل نظام يحكم ليستمر في الحكم، وليس ليرفع من قدرة ونماء وتطور الوطن والشعب. لقد انفجر الشعب في وجه النظام، وأصبح هناك المجلس الوطني السوري، وهو جماعة سياسية سورية تضم أغلب أطياف المعارضة منها "الإخوان المسلمين" و"إعلان دمشق" و"المؤتمر السوري للتغيير" ومستقلون، وأعلن عن تشكيله في 2 أكتوبر 2011 في اسطنبول، ويهدف إلى إسقاط "رجيم" الأسد. ليس إلى هذا الحد، فـ"رجيم" بشار مع الملالي راح يفرض على لبنان قائمة محددة من القابضين والمسيطرين على أمن البلاد، والذي جعل لبنان يعيش حمية سياسية وأمنية بين "الكباب" الإيراني و"المنسف" السوري وتبولة "حزب الله"، كيف لا و"حزب الله" أصبح لا يُدعم من دول وحسب، بل حتى المطاعم تدعمهُ في لبنان وخارجها، أي أصبح أمن ومستقبل لبنان بيد معادلات إيران والأسد الإقليمية والدولية، التي تصل إلى روسيا والصين في مصالح موجهة بالتحديد ضد واشنطن في الشرق الأوسط. بينما القتال والدماء واللاجئون حالات وصلت أوجها، ومازالت مستمرة بين نظام بشار والمعارضة، إضافةً إلى عجز الأمم المتحدة ودول جوار سوريا في إنهاء هذه الحرب الداخلية، يأتي مؤتمر المعارضة في دمشق كجماعة المعارضة الرئيسية في الداخل، وهي "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي"، ?وهذا المؤتمر يأتي كأداة سياسية تدعمها روسيا والصين اللتان عرقلتا محاولات الدول الغربية لفرض عقوبات من الأمم المتحدة على الأسد، والواضح أن بكين وموسكو وطهران تريد التغير من هذه المعارضة كي لا تخسر علاقاتها ومصالحها الجيوسياسية مع دمشق الجديدة، أي دمشق بعد "البعث" السوري. لكن هذه المعارضة ربما تدور في فلك نظام بشار، والذي يقبلها من قاعدة أنها تدعو إلى التحول السلمي من دولة الحزب الواحد إلى الحكم الديمقراطي، ويشير حلفاء النظام إلى المعارضة الداخلية باعتبارها مؤشراً على جدية الرئيس في التغيير. وقد جاء في المبادئ الأساسية لمؤتمر إنقاذ سوريا "إسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاته بما يضمن بناء الدولة الديمقراطية المدنية، والتأكيد على النضال السلمي كاستراتيجية ناجعة لتحقيق أهداف الثورة، ويدعو أيضاً إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ولتكن هدنة، تفتح الطريق أمام عملية سياسية تكفل الانتهاء من النظام الراهن لصالح ديمقراطية جدية وحقيقية". رغم هذا المؤتمر وما جاء به والدعم الروسي والصيني والإيراني له من خلال حضور المؤتمر والتصريحات التي تدور حول التغير من الداخل ومنع التدخل الأجنبي، فإن نظرة التخوين تندفع إلى القول إن نظام الأسد يحاول دائماً التفاوض مع نفسه، وإنها مجرد خطة سخيفة لتضليل المجتمع الدولي ليظن أن هناك مفاوضات جارية، كما أن موسكو وبكين وطهران تريد كلاً منها استنساخ "رجيم" آخر يحافظ على مصالحها الخاصة، وإنْ كانت تلك المصالح تأتي على حساب ما ينشدهُ الشعب السوري من حرية وتغير سياسي واجتماعي واقتصادي كبير. أخيراً، تكشف الأزمة السورية المتمثلة في نظام بشار والمعارضة وقائع مهمة تأتي لدعم حقائق مهمة في المنطقة، وعلى المستوى الدولي والعالمي. ومن تلك الوقائع عجز الأمم المتحدة عن حل الأزمة السورية بسبب "الفيتو" الروسي والصيني، وذلك يدعم حقيقة أن الدول الكبرى صاحبة "الفيتو" تضعف من مصداقية ودور الأمم المتحدة، وفي حالة تضاد من هذه الحقيقة، فإن الدول الكبرى صاحبة "الفيتو" تدعم قوة الأمم المتحدة في حالات أخرى. كما أن الدماء التي ترسم الوضع السوري الراهن ومع تاريخ نظام "البعث" السوري في داخل سوريا ولبنان وعمليات الاغتيال وتخلف الجمهورية السورية عن الركب، تجعل النظام من أسوأ ثلاثة أنظمة عربية مع البعث الصدامي ونظام معمر القذافي.