تصدّرت دولة الإمارات ترتيب دول منطقة الخليج العربية واليمن، من حيث عدد المشروعات الصّغيرة والمتوسطة، إذ إن عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها يمثل نحو 47,7 في المئة من إجمالي عدد هذه المشروعات في دول المنطقة، وفقاً لبيانات "منظّمة الخليج للاستشارات الصناعية" (جويك)، كما أنها تستحوذ على نحو 29 في المئة من إجمالي الاستثمارات الموجّهة إلى هذه المشروعات في المنطقة أيضاً، وهو ما يعبّر عن مدى الاهتمام الذي توليه الدولة لهذه الفئة من المشروعات مقارنة بدول المنطقة. ونتيجة لهذا الاهتمام تحتل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات مكانة مهمّة بين باقي فئات مؤسسات الأعمال، إذ انها تمثل نحو 90 في المئة من مؤسسات الأعمال في الدولة، كما أنها توظّف نحو 85 في المئة من الأيدي العاملة بها، وهو ما يشير، ليس إلى الأهمية التي تحتلها هذه المشروعات بين مؤسسات الأعمال فقط، بل إنه يعبّر أيضاً عن الدور التنموي الذي تضطلع به على المستوى الوطني، كونها تمثل قطاعاً حيوياً ومحركاً للنمو الاقتصادي، ومصدراً حيوياً من مصادر توليد فرص العمل الجديدة في الدولة، كما أنها تعدّ واحدة من الآليات التي تلعب دوراً مهماً في تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني، إذ يقدر ناتجها السنوي بنحو 282,6 مليار درهم، تمثل نحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة. ويتناسب الدور الذي تلعبه فئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات، في الأهمية والحجم، مع الدور الذي تلعبه الفئة نفسها من المشروعات في الاقتصادات المتقدمة، إذ إنها تمثل، على سبيل المثال، نحو 98 في المئة من إجمالي مؤسسات الأعمال في دول "الاتحاد الأوروبي"، وتوظّف نحو67 في المئة من إجمالي العمالة هناك، ويصل نصيبها إلى نحو 65 في المئة ونحو 60 في المئة من الإنفاق الاستثماري في دول "الاتحاد الأوروبي" وفي الولايات المتحدة على الترتيب. إن العدد الكبير والحجم الصّغير للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يسمح لها بالانتشار في مختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مختلف المناطق الجغرافية في الدولة، بل إن هذه المميزات تسهّل عليها إمكانية التنقل بين القطاعات والمناطق الجغرافية أيضاً، ما يجعلها أداة في يد الدولة توظّفها في توسيع القاعدة الإنتاجية على المستويين القطاعي والجغرافي، وتحقيق نوع من التوازن فيها، لتكون أكثر استقراراً وأكثر قدرة على الاستدامة، ويمكن للدولة توجيه هذه المشروعات إلى القطاعات الأكثر أهمية بالنسبة إلى الاقتصاد، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة التنموية التي تمر بها الدولة. ولا شكّ في أن المكانة التي تحتلها الإمارات على مستوى منطقة الخليج العربية، فيما يتعلق بحجم هذه المشروعات وأهميتها بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، لم تتأتَّ إلا بنجاحها في توفير المناخ المناسب لها، بتطوير القوانين المنظّمة لها، وتسهيل إجراءات التأسيس والتشغيل، وإجراءات تغيير النشاط، بخلاف إجراءات تصفية المشروعات، والجهود التحفيزية والتشجيعية للمستثمرين الجدد ورجال الأعمال الصغار من أبنائها لتأسيس المشروعات الصغيرة الخاصة بهم، وتوفير التدريب والدعم الفني والإداري لهم، لتمكينهم من بدء النشاط وتشغيله وكسب الخبرات اللازمة لتطويره، وكذلك الآليات العديدة التي تتبناها الدولة لتمويل هذه المشروعات، من أجل تسهيل مهمّة القائمين عليها في الحصول على ما يلزمهم من تمويل، وهي الآليات التي تتراوح بين الصناديق المتخصصة التي تنشئها الدولة لهذا الغرض من ناحية، وتحفيز المصارف والمؤسسات المالية على توفير الائتمان لتلك المشروعات بشروط ميسّرة من ناحية أخرى. ـ ـ ـ ـ ـ ـــ ـ ـ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.