شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال العقود الماضية، تطورات تنمويّة كبيرة، ترافقت مع زيادة ملحوظة في عدد السكان، الأمر الذي دفع استهلاك الطاقة والمياه في الدولة إلى الارتفاع بشكل لافت للنظر خلال السنوات الماضية. وتشير التقديرات إلى أنه من المنتظر أن تشهد السنوات المقبلة مزيداً من الارتفاع، وفي هذا السياق أعلنت وزارة البيئة والمياه، مؤخراً، أن الطلب على الطاقة الكهربائية في دولة الإمارات سيرتفع من نحو 24 ألف ميجاوات العام الماضي إلى نحو 40 ألف ميجاوات عام 2020، وأن الطلب على المياه في الدولة سيرتفع من نحو 4,5 مليار متر مكعب عام 2008 إلى نحو تسعة مليارات متر مكعب عام 2030. وفي مواجهة هذا الوضع، فإن دولة الإمارات لا تتوقف عن بذل الجهد ورسم الخطط والاستراتيجيات من أجل الوفاء باحتياجات السكان من كهرباء ومياه في الحاضر والمستقبل، وتخصّص من أجل ذلك استثمارات كبيرة بهدف زيادة إمكانات الإنتاج، وإتاحة المزيد من الخيارات التي يمكن الاعتماد عليها. وفي هذا الإطار يأتي التوسّع التدريجي في توليد الطاقة عبر المصادر المتجددة، من خلال الاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقد أصبحت الدولة من خلال ما نفذته من مشروعات ومبادرات واحدة من الدول ذات الخبرات الكبيرة على المستوى العالمي في هذا المجال، ففي مجال الطاقة تنفذ الدولة العديد من المشروعات الرائدة، التي يأتي على رأسها مشروع مدينة "مصدر" في أبوظبي، و"مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية" في دبي. وعلى صعيد تطوير مصادر المياه تحرص الدولة على تطوير قدراتها في مجال تحلية مياه البحر، بصفته خيارها الأول لتنويع مصادر المياه في ظل محدودية موارد المياه العذبة المتوافرة لديها، نظراً إلى بيئتها الصحراوية. وفي مسار موازٍ لهذه الجهود تسعى دولة الإمارات إلى تحسين كفاءة استخدام الطّاقة والمياه، من خلال ترشيد هذا الاستخدام، والوصول إلى ما يسمّى الاستخدام الأمثل لمجمل الموارد الطبيعية، وليس لموارد المياه والطّاقة فقط، وذلك من منطلق الحرص على حماية تلك الموارد من الاستنزاف، لما يمثله هذا الاستنزاف من تهديد مباشر لأمن الطّاقة والمياه، وما يستتبعه ذلك من تهديد لاستدامة التنمية، وما يمكن أن ينتج عنه من آثار سلبية في الجوانب البيئيّة والاجتماعيّة، ومن أجل تلافي كل هذه الصعوبات والتهديدات تسعى الدولة إلى إيجاد نوع من التوازن بين اعتبارات تلبية احتياجات السكان المتزايدة من الطاقة والمياه من ناحية، واعتبارات المحافظة على الموارد الطبيعيّة والتوازن البيئيّ من ناحية أخرى. واستكمالاً لهذه الجهود التنموية تعمل الدولة على إشراك سكانها، بجميع فئاتهم، فيها بصفتهم الشريك والمستفيد الأول من عوائد التنمية، من خلال توعيتهم بأهميّة تطوير طرق استهلاك المياه والطاقة، وتشجيعهم على رفع كفاءة الاستهلاك والحدّ من الإسراف، بالحصول على ما يغطي احتياجاتهم كاملة، من دون أن يطغى ذلك على حقوق الأجيال المستقبليّة منها، وفوق هذا وذاك، فإنها توفر لهم من التكنولوجيات والأجهزة الكهربائية والمنزلية ما يساعدهم على ذلك، وتتيحها في الأسواق بأسعار في متناول أيديهم تتناسب مع دخولهم. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية