تحذير من تفاقم الاستقطاب في بريطانيا... وصعوبة التحولات الليبية مظاهر الاستقطاب المتزايدة في بريطانيا، وتطورات معركة الخلافة في الصين، والاستفتاء على انضمام بريطانيا للاتحاد الأوروبي، ومصاعب مرحلة التحول في ليبيا... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية. لحظة تاريخية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "نحن بحاجة إلى تجنب الاستقطاب في بريطانيا"، دعت "الأوبزرفر" كافة الأحزاب البريطانية إلى الشروع في معالجة أسباب الظاهرة التي باتت مؤشراتها واضحة للعيان، وهي أن بريطانيا تتحول على نحو مطرد إلى مجتمع متشظ، على أن تبدأ في ذلك خلال الأسابيع القادمة مع افتتاح موسم المؤتمرات السياسية للأحزاب، بحيث يصبح هذا الموضوع قضية مطروحة على نحو جدي في حملات انتخابات 2015. وتشير الصحيفة في هذا الخصوص إلى التقرير الجديد المهم الذي أعده كل من "معهد الدراسات المالية" و"معهد البحوث الاقتصادية"، وهما من المعاهد المستقلة والمحترمة في بريطانيا، والذي حذرا في خلاصته من أنه إذا لم تبدأ بريطانيا في العمل، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمعالجة ظاهرة التشظي، والاستقطاب في المجتمع البريطاني اعتباراً من الآن، فإن بريطانيا ستصبح بحلول 2020 أمة منقسمة إلى نصفين: نصف غني يزداد غنى على الدوام ونصف يتراوح ما بين فقير ومتوسط الحال يزداد فقراً على الدوام بشكل مطرد. وخلص التقرير المذكور إلى أن الاستقطاب المجتمعي في بريطانيا الذي سينشأ عن ذلك، وما يصاحبه من تآكل للطبقة الوسطى سيكون مدمراً للمواطن البريطاني، وللجسم السياسي، واللحمة الاجتماعية، والصحة المستقبلية، وموارد الثروة، ورفاهية الجمهور بشكل عام، وهو ما لا يجب السماح بحدوثه بحال. وأشار ذلك التقرير إلى أن بريطانيا، وفي فترات مختلفة من حياتها وجدت نفسها في ظروف تدعو إلى صياغة عقد اجتماعي جديد، وإلى إعادة تعريف حقوق ومسؤوليات الدولة والمواطن. وأن تلك اللحظات التاريخية قد جاءت عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية وفي عام 1979 وعام 1997 وفي اللحظة الحالية. صراع حزبي "معركة خلافة محتدمة في الصين" كان هذا عنوان مقال "كيري براون" المنشور في "الأوبزرفر" الاثنين الماضي الذي بدأه بالإشارة إلى حقيقة معروفة بشأن الحزب الشيوعي الصيني الذي يبلغ عدد أعضائه ما لا يقل عن 80 مليون عضو، هي قدرته الفذة على البقاء متماسكاً، والمحافظة على سلطته، على الرغم من المشكلات المختلفة التي واجهها عبر تاريخه في الحكم. هذه القدرة تواجه في الوقت الراهن- كما يرى الكاتب- تحديات من طبيعة مغايرة تتمثل في الانقسامات العديدة بين الصفوف العليا في قياداته حول العديد من القضايا التي برزت في سياق الانطلاقة الاقتصادية الصينية المدوية على الساحة العالمية، بعد عقود طويلة من الانغلاق والجمود. من أمثلة تلك المشكلات: دور السوق في الصين، ووظيفة الشركات والمؤسسات غير الحكومية علاوة على الصراعات التي ظهرت للعلن بين قياداته، والفضائح التي طالتهم. ولذلك يرى الكاتب أن عملية التغيير المزمع للقيادة، إذا تمت بأسلوب متعجل ومرتبك تحت ضغط عنصر الوقت والظروف المحيطة المعقدة، فإن ذلك في حد ذاته سيدخل الصين في دائرة صراع داخلي خبيث من النوع الذي أدى إلى أنهيار دول كانت تقوم على نظام الحزب الواحد في أماكن أخرى. وأشار الكاتب إلى أن النمو الاقتصادي المتسارع- وإن كانت وتيرته قد تباطأت خلال العامين المنصرمين- قد أدى إلى خلق العديد من المشكلات التي لم تكن موجودة من قبل في الصين مثل انعدام المساواة، والمشاكل البيئية، ومشكلات الطاقة، وزيادة وتيرة التوتر الاجتماعي بسبب الصراعات المحتدمة بين النخب السياسية وجماعات المصالح العديدة التي تكونت في السياق الصيني خلال السنوات الماضية، وهي صراعات ازدادت خطورة وتأثيراً بسبب لجوء أطرافها إلى استخدام وسائط الإعلام الاجتماعي، والوسائل القانونية من أجل دفع قضيتها قدماً. وأشار الكاتب إلى ظواهر أخرى لافتة تعتبر في نظره محصلة للصراعات والتوترات السابقة؛ منها على سبيل المثال أن الصين باتت تنفق على تعزيز الأمن الداخلي أكثر مما تنفق على الدفاع الوطني في سبيل المحافظة على الاستقرار والأمن في الداخل كضمانة لاستمرار النمو الاقتصادي. وهناك مشكلة أخرى سوف تسبب صداعاً دائماً للقيادة الجديدة في الصين ألا وهي تلك المتعلقة بالمحافظة على التوازن بين الحاجة المستمرة للنمو الاقتصادي، والإصلاحات السوسيو- سياسية الأخرى وخصوصاً تلك التي ستحمل في طياتها مخاطر سياسية ولكنها تكون مع تلك الطريقة الوحيدة لمحاولة خلق الاستقرار والتوازن في مجتمع، بات أكثر ثراءً، وأكثر حريةً، وأكثر تمرداً وخروجاً على مقتضيات السياق بالتالي. المسألة الأوروبية تحت عنوان "الاستفتاء على الانضمام للاتحاد الأوروبي يمكن أن يتحول للحظة حاسمة في تاريخ كاميرون المهني"، يرى "إيان مارتن" في عدد "الديلي تلجراف" يوم السبت الماضي أن هناك دلائل عديدة تشير إلى أن هناك استفتاء سيعقد بشأن الانضمام للاتحاد الأوروبي من أهمها أن هناك 17 دولة على الأقل في نظام العملة الموحدة تسير الآن على طريق تكوين اتحاد مصرفي تنوي من خلاله تأسيس نظام مصرفي موحد، ودينامية لإنقاذ "اليورو" وحمايته من العواصف. وهذا الاتحاد المصرفي سينتج عنه بروز الحاجة إلى إشراف حكومي، وتنسيق دقيق في بعض المجالات مثل السياسة الضريبية والموازنات العامة، وهو ما يعني ضرورة إقامة اتحاد سياسي بين تلك الدول. على الرغم من ذلك، تتمثل المفارقة في نظر الكاتب في حقيقة أنه لا توجد في بريطانيا شهية للانضمام لذلك الاتحاد في الوقت الراهن إلا لدى "نيك كليج" زعيم حزب "الديمقراطيين الأحرار" وبعض الساسة من ذوي الميول الأوروبية. ولكن حرية التسويف التي تتمتع بها بريطانيا في الوقت الراهن بشأن الانضمام للاتحاد الأوروبي من عدمه، ستتآكل خلال السنوات القليلة القادمة، فمن المنتظر أن تجد بريطانيا نفسها بسبب العديد من التطورات المتعلقة بهذا الموضوع مضطرة للإجابة على السؤال الحتمي: هل تريد إقامة علاقات مع الاتحاد الأوروبي في نموذجه الجديد الذي سينتج عن التوجهات المشار إليها آنفاً أم لا تريد ذلك؟ وهو سؤال سيكون شديد الإلحاح، سيجد كاميرون نفسه في مواجهته في موقف شديد الصعوبة سواء فيما يتعلق بالدعوة لعقد الاستفتاء، أو تنظيمه، أو التعامل مع نتائجه، بسبب المعارضة المتوقعة، لذلك من صقور أعضاء البرلمان الذين يبحثون له عن أي تهمة يستطيعون بها أن يثبتوا أنه يبيع مصلحة بريطانيا من أجل حماية نفسه، وهي تهمة قد يجدونها في الدعوة لمثل ذلك الاستفتاء الذي سيمثل- لا شك- نقطة حاسمة في حياة كاميرون السياسية. انتقال عسير "المعركة من أجل بسط السلطة في ليبيا لم تنته بعد"، هكذا عنونت "الإندبندنت" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي التي رأت فيها أن الهجوم، الذي شنته إحدى الميليشيات على قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي، والذي أدى لمصرع سفيرها هناك، قد نبه العالم إلى الحقائق المحزنة الخاصة باستمرار حالة الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار في ليبيا، بعد مرور ما يقرب من عام على التخلص من نظام حكم القذافي. وترى الصحيفة أنه على الرغم من بعض التطورات الإيجابية خلال اليومين الأخيرين ومنها طرد ميليشيا "أنصار الشريعة" من بنغازي وتفكيك مقر قيادتها هناك، وكذلك رحيل بعض الميليشيات القوية من مدينة "درنة" الواقعة غرب المدينة، وعلى الرغم من تلك الوعود التي قطعها على نفسه قائد ليبيا المؤقت الجديد ورئيس مؤتمرها العام "محمد المقريف" بجعل مسألة تفكيك الميليشيات على رأس قائمة مهامه، إلا أن حقيقة أن العديد من تلك الميليشيات ما زال يعمل بحصانة تعكس بشكل جلي فشل الجهود الحكومية في احتواء تلك الظاهرة، ما يلقي بظلال من الشك على قدرتها على بسط سلطتها، ويثبت أنه ما زال هناك الكثير والكثير، مما يتعين عمله لإتمام عملية الانتقال العسير. إعداد: سعيد كامل