حقوق المرأة المسلمة، كلمات ثلاث جرى بحثها والجدل حولها والانخراط بها والمطالبة بها وتعريفها وإعادة تعريفها من قبل الأصوليين الدينيين والتقدميين والسياسيين والناشطين والمؤمنين وغير المتدينين في الغرب والشرق. تشهد النساء في الدول ذات الغالبية المسلمة من مصر إلى ماليزيا ضغوطات اجتماعية بل وقانونية جديدة، لم يشعر بها أحد منذ عقود عديدة، للحفاظ على ما يسمى بالمعايير الدينية والثقافية من خلال قيود على حقوقها وأدوارها. وفي الغرب، يسود تصوير المرأة المسلمة على أنها المرأة التي تحتاج لأن يتم إنقاذها من دين كاره للنساء بشكل متأصّل. فحسب التفكير الغربي التقليدي، لا يمكن إلا لإطار علماني ليبرالي لحقوق الإنسان أن يأتي بالمساواة في النوع الاجتماعي وحقوق المرأة المسلمة. إلا أن تصوير الحقوق كمفهوم علماني غربي– وبالتالي كأمر مفروض من الخارج– هو أحد الاستراتيجيات الأكثر شعبية التي يتم استخدامها لحرمان المرأة من حقوقها في العديد من المضامين الإسلامية. مع ذلك، فقد أخذت الناشطات المسلمات بالمطالبة بحقوقهن من خلال أعمال تنظيم استراتيجية محلية ودولية، وبناء المعرفة واستقطاب الرأي والتأييد. ولا يتم تعريف حقوقهن من خلال تفسيرات عنيفة وكارهة للمرأة، وهو أمر بعيد كل البعد عن اللاعبين السلبيين في الخيال الغربي الديني الأصولي والتقليدي، وإنما من ديانة تشكّل مصدراً مهماً للتمكين وصيانة الكرامة في حياة ملايين النساء والرجال. لم يكن من الحاسم في يوم من الأيام، كما هو الحال اليوم، أن نهتم بجهود المرأة عبر الدول ضد التطرف المتنامي والعنف المرتكز على الدين، والتعلم منها ودعمها. ولكن كيف؟ تعرّف منظمة "مساواة" نفسها على أنها "حركة عالمية لنساء ورجال يؤمنون أن المساواة والعدالة في الأسرة المسلمة أمران ضروريان وممكنان". تعمل "مساواة" بقيادة شبكة من النساء المسلمات "اللواتي يسعين لإعادة المطالبة علناً بروح العدالة للجميع في الإسلام، مع عاملين دينيين وعلمانيين لاشتمال التعاليم الإسلامية وحقوق الإنسان العالمية والضمانات الدستورية الوطنية للمساواة مع واقع حياة الرجل والمرأة. وتقوم هؤلاء النساء كذلك ببناء الجسور عبر ما يسمى بالفجوة الدينية العلمانية، مظهرات الأهداف العديدة المشتركة ومساحة للتعاون بين حقوق المسلمين وغير المسلمين والمتدينين والعلمانيين الإنسانية. من بين الأمثلة الأخرى "النساء تحت القوانين الإسلامية"، وهي "شبكة تضامن عالمية للنساء اللواتي تتشكّل حياتهن وتُشترط أو تحكمها قوانين وعادات يقال إنها مستنبطة من الإسلام". من بين أهدافها الرئيسية بناء وتقوية روابط بين النساء داخل المضامين الإسلامية والجماعات النسوية والتقدمية، مما يوفر فرصة للتشارك "في المعلومات والتحليلات التي تساعد على إزالة الغموض عن المصادر المتنوعة المسيطرة على حياة النساء، واستراتيجيات وتجارب تحدّي كافة أساليب السيطرة". نستطيع من خلال الاهتمام بِـ "مساواة" و"النساء تحت القوانين الإسلامية" ضمن منظمات أخرى، أن نجمع بضع خطوات يمكن للمدافعين عن حقوق المرأة العلمانية في الغرب أن يأخذوها بالاعتبار ليكونوا شركاء أكثر فاعلية. أولاً، نحسن صنعاً جميعاً إذا أدركنا تنوّع التعبير والتفسير والتجربة الإسلامية، وأن المرأة هي صانعة تديّنها. فمن خلال الافتراض أن الإسلام كاره للمرأة بشكل متأصّل، فإننا ندعم وبشكل خطير إعادة تعريف المتطرفين للدين والادعاءات بسلبية المرأة المسلمة وخنوعها، وفي الوقت نفسه عزل العديد من النساء اللواتي يشكّل دينهن جزءاً جوهرياً من هويتهن ومصدراً لقوتهن. ثانياً، نستطيع الاعتراف أنه رغم كون بعض الحقوق عالمية وأساسية، إلا أنه لا يوجد سبيل واحد لتحقيقها. يمكن لإطار ديني لحقوق المرأة أن يكون مكمّلاً لإطار علماني وأن يعكس المبادئ العالمية، وفي الوقت نفسه يتعامل مع الاحتياجات المعينة للمجتمعات الدينية. اللاعبون الأهم لإعطاء معنى لهذه الكلمات الثلاث – حقوق المرأة المسلمة - هن النساء المسلمات أنفسهن. يمكن للشراكات عبر الدول التي تحترم وتكرّم هذه الحقيقة أن تعطينا الأمل بعالم عادل يسوده السلام للجميع. شهرزاد جعفري باحثة في العلاقات الدولية ينشر بترتيب مع خدمة “كومون جراوند” الإخبارية.