في زمن "الربيع العربي" أصبح الزواج "جهاداً"، فمع انطلاق حملات إغاثة الشعب السوري واللاجئين السوريين في دول الجوار الجغرافي اكتشف البعض ممن أقعدتهم تعقيدات السياسة عن "الجهاد المقدس" باباً آخر للجهاد وهو الدعوة لإغاثة النساء اللاجئات بالزواج بهن، دعوة أعادت للأذهان دعوات انطلقت قبل سنوات عدة لنصرة الإسلام بالزواج من مسلمات البوسنة، على رغم أن مشايخ الجهاد بالزواج أغفلوا في جهادهم اللاجئات المسلمات في دارفور والصومال، فمصائب قوم عند قوم فوائد و.. حيَّ على "الجهاد" في سوريا.. زواجاً! يتعرض اللاجئون والنازحون عامة للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان، خلال جميع مراحل اللجوء أثناء مرحلة الفرار وصولاً إلى بلد اللجوء، وغالباً ما تصبح النساء عرضة لسلسلة أوسع من مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان بسبب وضعهن الاجتماعي بالإضافة إلى جنسهن، وبالتالي فهن بحاجة إلى حماية إضافية بسبب تعرضهن للاستضعاف في كل مراحل اللجوء المختلفة. لقد اختزل البعض مشكلة اللاجئين إلى مجرد أرقام، ولكن وراء هذه الأرقام يتوارى العديد من المآسي الإنسانية. إنها مآسي أفراد فقدوا كل شيء وفى حاجة إلى كل شيء. وفي أوقات المحن الكبرى غالباً ما تجد النساء أنهن أمام مسؤوليات جديدة فقد يضطلعن بأدوار جديدة ومسؤوليات إضافية بوصفهن لاجئات كإعالة أسرهن، وتلبية احتياجاتها. وكثيراً ما تتعرض النساء اللاجئات لأشكال متعددة من الابتزاز والضغوط والإجبار على قبول عروض زواج وعمل قسرية. وفي هذه الظروف الإنسانية بدأ الحديث عن زواج السترة للاجئات السوريات، وتعارضت الآراء بين مؤيد يجد في هذا الزواج سترة للاجئات السوريات وبين معارض يجد فيه زواجاً قسرياً واستغلالاً لوضع اللاجئات بعناوين دينية وشرعية وقيم اجتماعية. أطلق مجموعة من الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة بعنوان "لاجئات.. لا سبايا"، وقد جاء في بيان الحملة "إنها صرخة لأجل موضوع إنساني ووطني يقلقنا.. إذ لا يمكن السكوت عن النخاسة الجديدة المقنعة بعناوين فضفاضة، ليس أولها السترة ولا آخرها الزواج وفق الشريعة"، وأعلنت الحملة أنها لا تنتمي إلى أي جهة أو تيار سياسي، وأنها من مختلف مكونات المجتمع السوري وأطيافه. ومن ناحية أخرى اعتبر البعض أن موضوع الزواج من اللاجئات السوريات هو قضية مفتعلة من قبيل الحرب الإعلامية التي يشنها النظام السوري بهدف إثارة الفتن والتأثير على المعارضة السورية، تجاه الدول المضيفة للاجئين والدول الداعمة للتغيير في سوريا. وعلى رغم الإقرار بأن الحرب الإعلامية والدعاية السياسية من وسائل الحروب إلا أن إصدار الحكومة الأردنية قراراً منعت فيه المحاكم الأردنية زواج السوريات من غير السوريين على الأراضي الأردنية إلا من أقربائهن، وأن أي عقد زواج خارج المحاكم الشرعية سيعتبر غير نافذ قانونياً ويتحمل الزوج المسؤولية القانونية في ذلك، وهذا إقرار كافٍ بوجود حالات "زواج السترة" وبتحمل الحكومة الأردنية مسؤولياتها الدولية تجاه حماية اللاجئات على أراضيها. ومن زواج المسيار، وشقيقة الشيعي زواج المتعة، إلى زواج المصياف وأخيراً وليس آخراً زواج السترة، وكلها مصطلحات لنكاح جنسي بعقد شرعي يتسمى بالزواج، هي دعوات صارخة بشهوانيتها تتلحف بلحاف الدين وتتدثر بالإنسانية، تمزج المقدس بالرغبات الدنيوية، تستغل الحاجة والعوز وسهولة الزواج بمن لا وطن يأويها وتحتاج للمساعدة. واللاجئات السوريات لسن بحاجة لإنقاذ المنقذين تحت مسمى زواج السترة وزواج العفاف، فالسترة والإغاثة تأتي بالمساعدة المالية والإنسانية من دون طلب مقابل جنسي لتتم السترة والإحسان، فالله سبحانه وتعالى يقول في الآية 21 من سورة الروم "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة" للتأمل في مقاصد الزواج.