إعادة إطلاق المحور الفرنسي- الألماني... وردود منددة بإساءة "شارلي إبدو" ردود الفعل على إساءة مجلة "شارلي إبدو" للإسلام، ولقاء هولاند وميركل للاحتفال بالشراكة الفرنسية- الألمانية، والتصعيد البحري المتنامي بين الصين واليابان، موضوعات استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. أزمة "شارلي إيبدو" ناقشت افتتاحية لصحيفة لوموند بعنوان: "التطرف: هل يتعين صب الزيت على النار"، أبعاد الإساءة التي اقترفتها مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية، بنشرها لرسوم رديئة، متزامنة مع أزمة الفيلم المسيء في أميركا. وفي البداية قالت لوموند إن الكاريكاتور عموماً فن دقيق، ومسبب للمشاكل أحياناً. وما قد يعتقد البعض أنه مثير للضحك يمكن أن يصبح قابلاً للتفجير أيضاً. وهذا تعرفه مجلة "شارلي إبدو" دون شك، وتزعم أنه أحد أسباب وجودها من الأساس. ولكنها بدت مثيرة للمشاكل يوم الأربعاء الماضي بتعمدها نشر رسوم مسيئة لمشاعر المسلمين. وقبل ذلك في سنة 2006 تعمدت أيضاً إعادة نشر الرسوم الدانماركية المسيئة التي ترتبت عليها موجة غضب عارم في العالم الإسلامي. ومع أنها يومها لوحقت قضائياً لكنها لم تتعرض للإدانة. غير أن مقرات لها أحرقت في سنة 2011 بعد نشرها أيضاً لملحق بعنوان "الشريعة إبدو"، خصصته لظاهرة تنامي حضور الحركات الأصولية الإسلامية في ليبيا وتونس! ولأن الأفعال ذاتها تنتج دائماً النتائج ذاتها فإن إساءتها الأخيرة للإسلام تعيدها مجدداً إلى عين عاصفة الجدل، وخاصة أنها جاءت في أسبوع شهد احتجاجات عنيفة ضد الفيلم المسيء المسمى "براءة المسلمين"، مما نجم عنه سقوط عشرات القتلى في مناطق متفرقة من العالم. وفي هذه الأجواء المشحونة، وفي وقت تتردد فيه دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للخروج في مظاهرات تنديد نهاية هذا الأسبوع في فرنسا، فقد وجدت الحكومة نفسها مضطرة للرد دون تأخير، مؤكدة أن "حرية التعبير تمثل أحد المبادئ الأساسية لجمهوريتنا"، في حين حث رئيس الوزراء جان- مارك إيروت كافة الأطراف على التحلي بروح المسؤولية، كلاً على حدة. ومن جانبه دعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أتباعه إلى عدم الانسياق وراء التحريض، "مديناً بأقوى العبارات هذا الفعل الجديد من أفعال الإسلاموفوبيا". وتستطرد لوموند قائلة: "لنعِد التذكير هنا ببعض المبادئ. إننا نعيش في ظلال ديمقراطية علمانية حيث تعتبر حرية التفكير والتعبير -في حدود احترام القانون- قيمة أساسية ووجودية، بمعنى ما. وهذا المبدأ لا يتعارض مع أية قيمة سامية، وخاصة إذا كانت دينية. ومن الصحيح أيضاً أن فرنسا، وأوروبا، وأميركا، ليست هي أقل دول العالم تديناً". وتستطرد لوموند قائلة: لا جدال كذلك في أن الأديان عموماً هي أنماط من التفكير جديرة بالاحترام، ولكن بعض تأويلاتها قابلة للتحليل والنقد. وهذه مسألة بديهية منذ أيام فولتير. ولكن هذا لا ينقص شيئاً من حقيقة كون تلك الرسوم عديمة الذوق، أو حتى جارحة، وخاصة أنها نشرت في توقيت من شأنه أن يجعلها إسهاماً في صب الزيت على النار، مما يثير علامات استفهام جدية حول مدى تحلي ناشريها بالمسؤولية. وفي سياق متصل كتب "إيف تريار" مقالاً في صحيفة لوفيغارو تحت عنوان "الإسلاموية: واجب الرد" تساءل في مستهله عن عدد من تظاهروا في جادة الشانزيليزيه الباريسية يوم السبت ضد الفيلم المسيء، زاعماً أن عددهم لم يتجاوز 250 ولكن إذا لم نأخذ حذرنا فسيصبحون غداً ألفاً. وأكثر من ذلك بعد غد! ولكن مَن هم؟ يقول الكاتب، هم في نظر كثيرين سلفيون. أنصار فهم للإسلام بالغ التشدد، جرفوا في تيارهم شباناً محبطين في الضاحية. ثم لماذا يتظاهرون؟ ضد فيلم، تافه بقدرما هو كريه، بكل تأكيد. غير أن قلة هم رأوه أصلاً. ولكن ذلك لا يعني شيئاً بالنسبة لمن يبحث عن ذريعة زاعماً الدفاع عن الدين. هذا في حين توقف الكاتب فرانسوا سيرجان في افتتاحية صحيفة "ليبراسيون" أمام الدعوات العقلانية لممثلي الإسلام الرسميين في فرنسا وأخذهم مسافة أمان واضحة من دعوات التيارات المتطرفة، معتبراً أنهم قد تمكنوا بوضوح من تحاشي الوقوع في فخ نصبته الأطراف المتشددة ومجلة "شارلي إيبدو" بنشرها لتلك الرسوم السخيفة، وفي توقيت شديد الرعونة والغباء. لقاء هولاند- ميركل ضمن تغطيتها للقاء الرئيس فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استعرضت صحيفة لوموند مقاطع منتقاة من خطابي الزعيمين في الاحتفالية التي أقيمت يوم أمس في ألمانيا، واختير لها أن تكون تحديداً في المكان الذي خاطب منه الجنرال ديغول الشباب الألمان منذ خمسين سنة مضت. وقد حاول الزعيمان أمس إقناع الشبان الألمان والفرنسيين بفاعلية رؤيتهما لكيفية إدارة الأزمة المالية المزمنة التي تتخبط فيها منطقة "اليورو" منذ وقت مديد. ففي قلعة "لودفينغسبورغ" التي تعتبر إحدى أهم قلاع النمط الباروكي في ألمانيا، خاطبت ميركل وهولاند جمهوراً سياسياً واسعاً يغلب عليه الشباب حضر خصيصاً لتخليد ذكرى خمسينية انبعاث العلاقات الفرنسية- الألمانية، بخطاب ديغول الشهير الذي ألقي في ذات المكان. وبعد تحيتها للشباب الألماني والفرنسي رددت المستشارة ميركل مرتين الهتاف بهذه العبارة: "لقد اتحدنا نحن الأوروبيين من أجل تحقيق سعادتنا"، مذكرة بأنها لحظة خطاب ديغول ذلك إلى الألمان، قبل خمسين سنة، كانت هي في الثامنة من عمرها وتعيش في ألمانيا الديمقراطية السابقة وراء السور الحديدي، وكانت سنة واحدة فقط قد مرت على بناء جدار برلين، "ويومها لم يكن ممكناً تخيل الحال الذي نحن فيه هنا". ومن جانبه خاطب هولاند الجمهور متحدثاً باللغة الألمانية وفي نهاية خطابه تكلم بالفرنسية قائلاً: "إن دوركم هو أن تحوّلوا الحلم الأوروبي إلى حقيقة واقعة، وأن تمنحوه مستقبلاً. عاشت الصداقة الفرنسية- الألمانية (…) إن للرد على الأزمة اسماً واحداً فقط هو أوروبا. إن أوروبا هي من سيهزم الأزمة". التصعيد الصيني- الياباني صحيفة "ليبراسيون" اعتبرت أن التجاذب الأخير بين بكين وطوكيو حول جزر "سينكاكو/ دياويو" قد زاد التصعيد في العلاقات المعقدة تاريخياً بين الجانبين، مشيرة في هذا الصدد إلى الطابع الكثيف لتحركات القطع البحرية في المنطقة، مما يحتم على الطرفين اتخاذ مواقف محسوبة لتلافي أي احتكاك قد يخرج عن السيطرة، وخاصة أن شحن المشاعر الشعبية والقومية المحتقنة قد دخل على الخط في كلا البلدين. أما صحيفة لوموند فقد نشرت تحليلاً عن ذات الموضوع حمل عنوان: "الغضب الصيني الغريب ضد اليابان" قالت فيه إن التحدي المتبادل بين الدولتين منذ أسبوع في بحر الصين الشرقي، لعبة خطيرة بكل المقاييس، ويجري في منطقة عالية المخاطر أصلاً، بحيث إن أي حادث مسلح يمكن أن يحمل الأوضاع إلى مرحلة التردي والمواجهة العارمة. ولهذا السبب حضر وزير الدفاع الأميركي "ليون بانيتا" أول من أمس الجمعة إلى بكين بهدف تهدئة النفوس. والحال، تقول الصحيفة، إن الأمر يتجاوز بكثير مجرد نزاع ثنائي، حتى لو كان متفجراً. بل إنه تعبير عن حالة أوسع من الشد والجذب بين الصين وجيرانها في منطقة المحيط الهادئ. ومع هذا فإن خلفيات التجاذب الصيني- الياباني الحالي معروفة، وغير عصية على الفهم، وتتعلق تحديداً بالنزاع بشأن السيادة على مجموعة جزر صغيرة. وهذه الجزر تسميها الصين " دياويو" وتقول إنها صينية منذ عهد عائلة "مينج" (1368- 1644). في حين تسمي اليابان تلك الجزر "سينكاكو" وقد وضعتها الولايات المتحدة تحت إشراف اليابان سنة 1972، بعد أن وضعت عليها يدها في الحرب العالمية الثانية. وفي سياق تنازع الطرفين على ملكية تلك الجزر الغنية، هي وما حولها، بالأسماك والنفط والغاز، تدفع الأطراف المتشددة في كلا الجانبين باتجاه مزيد من التصعيد، بدعوى أن الأمر يتعلق بقضية كرامة وطنية. إعداد: حسن ولد المختار