بالدعوة الكريمة التي وجهها حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورعاه، إلى رئيس جمهورية مصر العربية لزيارة الإمارات العربية المتحدة، تكون الإمارات قد عبرت عن إيمانها الصادق بدور مصر في العالم العربي، وعن تقديرها وإعزازها لمصر حكومة وشعباً. ومثل هذه الدعوة لا تأتي من فراغ، ولكن من واقع بأن الدور المستقبلي لمصر سيكون مهماً ومؤثراً مثلما كان دورها منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين. فمنذ الحقبة الناصرية ومصر تمارس دوراً ملموساً في السياسات العربية، وتبقى لاعباً رئيسياً في العديد من الأحداث التي تقع على الصعد السياسة والعسكرية والثقافية. ورغم أن الدور المصري تأثر لفترة جراء زيارة أنور السادات إلى القدس واتفاقية كامب ديفيد، فإن أهمية مصر وتأثيرها في القضايا العربية تبقى قائمة باستمرار. إن القضايا التي لها علاقة بسياسة الإمارات تجاه مصر وسياسة مصر تجاه الإمارات، تتضمن مسائل التضامن بين الدولتين وما يرتبط بذلك من أدوار مهمة يستطيع الطرفان لعبها تجاه بعضهما بعضاً، ومنظور الإمارات لمصالحها الأمنية واهتماماتها الاقتصادية والثقافية وما يقابل ذلك من اهتمامات مصرية تجاه نفس المواضيع التي تخص الجانب المصري. ورغم التحولات السياسية العميقة التي تحدث في مصر منذ 25 يناير 2011، فإن الإمارات ترى أن الدور المصري تجاهها لن يتغير بسبب تغير الأشخاص الذين يتولون السلطة، بل على العكس من ذلك ترى أن ما يمكن لمصر أن تمارسه مستقبلاً يفوق ما مارسته في الماضي، لأن ما هو مقبل على الخليج والعالم الذي سيجعل دور مصر في تفاعلاتهما أكثر أهمية. ولكي تتمكن الإمارات ومصر من العمل سوياً ضد أية ظروف سلبية قد يتعرض لها الخليج العربي أو المنطقة العربية، لا بد لهما أن تربط بينهما مصالح مشتركة حقيقية آنية ومستقبلية على الصعد كافة خاصة الصعيدين الاقتصادي والعسكري وبشكل راسخ وعملي يعود بالفائدة على الطرفين. وتدل الدعوة الكريمة الموجهة من صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، إلى الرئيس المصري بأن الإمارات تعطي مصر وزنها الحقيقي في المنطقة وتريد المحافظة عليها كمكسب دائم في صف قضاياها وفي مواجهة الأطماع التوسعية والعدائية التي تبيتها الأطراف الإقليمية في الخليج العربي تجاه الإمارات ودول مجلس التعاون الأخرى، وكما أثبتت العديد من الأحداث فإن مصر أحد المرتكزات الرئيسية في أوقات الأزمات. الأدوار التي يمكن أن تلعبها الإمارات ومصر وهما متعاونتان تتطلب من مصر بالذات أن تعلم جيداً بأن لها أهمية تستطيع من خلالها ممارسة أدوار طليعية في شؤون الخليج العربي، وهذا يتطلب منها الاحتفاظ بعلاقات أخوة وصداقة ومصلحة مع دول مجلس التعاون ومع القوى القيادية التي لها مصالح حيوية في الخليج. وما نريد تأكيده هو أن الإمارات حكومة وشعباً ترحب بالرئيس المصري بحرارة وتنتظر زيارته لها لكي تؤكد من خلالها أخوتها ومعزتها لمصر وشعبها. وبالتأكيد أن هذا ليس بالشيء الجديد على الإمارات تجاه مصر، إنما هو ثمرة الغرس الذي زرعه زايد الخير حكيم العرب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وتسير عليه الأجيال اللاحقة من قادة وأبناء هذا الوطن الكريم. د. عبدالله جمعة الحاج