دخل العديد من الناس إلى الإسلام واعتنقوه عن قناعة تامة لأنهم قرأوا القرآن الكريم فقط أو درسوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فوجدوه دين رحمة وإنسانية وسلام. لم يناقشهم في عقائدهم أحد أو يحاورهم فيها محاور، ولم يدعهم إلى الإسلام داع سوى هداية الله لهم وجهد فردي منهم. تعرفوا على الإسلام بصفائه ونقائه مباشرة من كتاب الله، أو من سيرة خير البشرية محمد عليه الصلاة والسلام. وحتى من لم يسلم منهم فإنه يحمل تقديراً كبيراً للرسول عليه الصلاة والسلام كقدوة في بناء الإنسان وتحريره من عبودية البشر. ذكرت كل ذلك لأن العديد منا نحن المسلمين أصبح عبئاً على هذا الدين، يشوهون صورته الجميلة بأفعالهم وأقوالهم، فباسمه يقتلون النفس البريئة التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وباسمه يحرقون ويدمرون ممتلكات الآخرين والتي حرم الإسلام الإضرار بها، وباسمه يحكمون على الآخرين بالكفر والضلال لأنهم اختلفوا معهم في قضية فكرية أو موقف سياسي، بل استطاع البعض منهم أن يوجِد إرهاباً فكرياً لا يقل خطورة عن إرهاب العنف الحسي، استطاع من خلاله أن يفرض أجندته على البسطاء من الناس باسم الإسلام ليقود تحركاً جماهيرياً يسيء إلى الإسلام ويشوه صورته المشرقة. إن حادثة الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم أظهرت مدى قدرة فئة قليلة تحمل حقداً وضغينة على التسبب في إحداث هزة كبيرة على مستوى العالم جعلت الحكومات تقف عاجزة عن إدارة الحدث والسيطرة عليه، بل اقتصر تصرف بعضها على ردود الفعل لمواجهة ما يقوم به المتطرفون في الشارع والذين يحركون الجماهير وفق أجنداتهم. إن التطرف في أي دين أو فكر إنما يغذي ويدعم التطرف في الأديان والمذاهب الفكرية الأخرى، وهو موجود في كل الأديان والمذاهب ولا يمكن إلغاؤه أو القضاء عليه، لكن يمكن تهميشه وتقليل الأضرار التي قد يسببها للآخرين، بل تجب مواجهته وعدم تركه يضر بالآخرين في دمائهم وأموالهم وأفكارهم. إن أصحاب التطرف هم دائماً أصحاب الصوت المرتفع خاصة في أوقات الأزمات، والتي يجيدون استغلالها وتوظيفها لخدمة أجنداتهم الخاصة باستخدام شعارات لها قبول عند عامة الناس، مما يؤدي إلى ابتعاد العقلاء عن توجيه الناس خشية سطوة المتطرفين وخوفاً من اتهامهم بالكفر والضلال. إننا بحاجة إلى أن نحرر الإسلام من أسر المتطرفين الذين يشوهون نقاءه وطهره ويقدمونه إلى العالم على أنه دين همجية وقتل وفوضى. إن الانتصار للإسلام يجب أن يكون بأخلاق الإسلام وآدابه وليس بتشويهه والإساءة إليه. إنه دين جاء ليكون رحمةً للعالمين ورحمته تشمل أعداءه قبل أتباعه، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ناطقة بذلك، والمسلمون الجدد الذين نشأوا على أديان وعقائد أخرى شاهدون على ذلك أيضاً.