تسعى دولة الإمارات حالياً إلى إنشاء أول مركز وطني لبراءات الاختراع يعمل تحت مظلة وزارة الاقتصاد، كخطوة جديدة تقطعها ضمن مسيرتها الطويلة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية وتشجيع المبدعين والمبتكرين، ويمثل هذا المركز إضافة جديدة إلى المنظومة التي بنتها الدولة في مجال حماية حقوق الملكية بشقيها الفكري والمادي على مدار عقود، من خلال الأطر التشريعية والتنظيمية والآليات التنفيذية التي وفرت الحماية لها في مواجهة أي نوع من أنواع الانتهاك. وقد اعتبرت الدولة أن عملها في هذا الشأن هو جزء من تطوير المناخ الاستثماري الوطني بشكل عام، باعتبار أن حماية حقوق الملكية الفكرية تمثل مكوناً ذا أهمية خاصة ومحدداً أساسياً ضمن محددات اجتذاب الاستثمار الأجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر. وبالفعل فقد أصبح المناخ الاستثماري الإماراتي في ظل تلك الجهود يتمتع بمستوى عالٍ من الأمان والحماية لحقوق المستثمرين، بما جعله إلى جانب ما يتمتع به من استقرار وديناميكية، واحدة من الوجهات الاستثمارية المرغوب فيها على المستويين الإقليمي والعالمي. إن الجهود الحثيثة التي بذلتها دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية تمكنت بفضلها أن تصبح واحدة من الدول ذات التجارب الناجحة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، فاحتلت بناءً على ذلك مراتب متقدمةً على المستويين الإقليمي والعالمي ضمن التصنيفات التي تصدر عن المؤسسات الدولية المعنية بهذه القضية. وفي هذا الإطار فقد جاءت ضمن قائمة أفضل ثلاثين دولة في حماية الملكية الفكرية في العالم على مدار السنوات الثلاث الماضية، متفوقةً على عدد من الدول الأوروبية، كإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، وفقاً لـتصنيف "جمعية الإمارات للملكية الفكرية". كما تصدرت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية ترتيب دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال حماية البرمجيات ضمن "التقرير العالمي للقرصنة"، الذي يصدر سنوياً عن "الاتحاد العالمي لمنتجي البرمجيات" بالتعاون مع المؤسسة العالمية "آي دي سي للأبحاث". ولبناء هذه الخبرة المميزة خلال السنوات الماضية فقد طرقت دولة الإمارات السبل جميعها من دون استثناء، وبالتوازي مع العمل الجاد على تنمية الإمكانات المحلية وتطويرها وتدريب الكوادر البشرية المواطنة على أحدث الأساليب والتكنولوجيات العالمية المستخدمة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، فقد انفتحت أيضاً على التجارب الدولية الناجحة للاستفادة منها، وتعاونت مع دول عدة لتطوير تجربتها المحلية وإكسابها المزيد من النضج، وهو ما ينطبق على تجربة "المركز الوطني لبراءات الاختراع" المزمع إنشاؤه، والذي سيتم في إطار اتفاقية ثنائية للبحث والتطوير مع كندا للاستفادة من خبرتها المتميزة في هذا الأمر. إن كانت تجربة دولة الإمارات في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية قد حققت نجاحاً متميزاً على المستويين الإقليمي والعالمي من خلال ما بذلته من جهود على مدار السنوات الماضية، فإن "المركز الوطني لبراءات الاختراع" سيمثل إضافة متميزة إلى المنظومة الوطنية في هذا الشأن، وهذه الإضافة تأتي متماشيةً مع الطبيعة المتجددة لمجال حماية الملكية الفكرية، الذي يخضع لتهديدات متتالية في ظل التنامي الكمي والكيفي لأنشطة الاعتداء على هذه الحقوق في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، وهو ما يزيد من المسؤوليات ويلزم الدول، بما فيها دولة الإمارات، ببذل جهود إضافية من دون توقف، إذا أرادت صقل مناخها الاستثماري الآمن، والمحافظة على مرتبتها العالمية المتقدمة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية. ـــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية