تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تطوير علاقاتها مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، وإقامة شراكات معها في المجالات كافة، والاستفادة من تجاربها في التنمية، على أساس أن ذلك يصبّ، في الأساس، في خدمة الاقتصاد الوطني، ورفده برؤى وأفكار تنموية جديدة. وهذا ما عبّرت عنه بوضوح الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية، مؤخراً، بمناسبة مشاركة الإمارات في معرض الاستثمار والتجارة الدولي في الصين "نينجشيا-2012" بوفد كبير ضمّ 72 شخصاً يمثّلون 33 من كبريات الشركات الوطنية الإماراتية، حيث اعتبرت أن هذه المشاركة تستهدف توسيع حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتطويره بين دولة الإمارات والصين. وتهتمّ دولة الإمارات بتنمية علاقاتها مع الصين بصفتها قوة دولية صاعدة على المستويين الاقتصادي والسياسي، ومن المتوقع أن تلعب دوراً مهماً في توجيه الاقتصاد العالمي في غضون السنوات المقبلة، فضلاً عما تتمتع به من مقوّمات اقتصادية جاذبة، لعل أبرزها السوق الصينية التي تعدّ من أكبر الأسواق في العالم، وتمثّل سوقاً مهمة وواعدة للمنتجات الإماراتية. وفي المقابل فإن الصين تبدي اهتماماً كبيراً بالانفتاح على دولة الإمارات، وتوسيع علاقاتها معها في المجالات كافة، ولعل من المؤشرات المهمة في هذا الصدد ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين -عدا النفط- إلى نحو 58.7 مليار درهم (16 مليار دولار) في عام 2011. إن اهتمام الإمارات بتطوّر علاقاتها مع الصين، وإقامة شراكات اقتصادية مع القوى الدولية الأخرى الصاعدة والناشئة، لا شك في أنه يعدّ توجّهاً اقتصادياً وتنموياً إيجابياً، يعكس الحرص على التفاعل مع التجارب التنموية الناجحة، والاستفادة منها في دعم الاقتصاد الوطني، كما أن هذا التوجّه يجسّد أيضاً أحد أهم مبادئ السياسة الخارجية لدولة الإمارات، وهو الانفتاح على الخارج وإقامة علاقات متوازنة مع مختلف دول العالم، بما يخدم المصالح الوطنية الإماراتية على مختلف الصُّعد، خاصة مع التحوّلات المتلاحقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي. لقد نجحت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية في إقامة شبكة واسعة من العلاقات الخارجية مع مختلف القوى الكبرى والصاعدة والناشئة، واستفادت بصورة كبيرة من الخبرات الاقتصادية لهذه القوى في دعم اقتصادها الوطني، ووضعت بذلك الأسس والركائز لبناء تنمية مستدامة في المجالات كافة، وهذا ما يمكن تلمّسه في العديد من المؤشرات الإيجابية، فالإمارات أصبحت تحتلّ موقعاً دولياً متقدّماً في خريطة الاستثمار العالمي، سواء عبر امتلاك حصص في شركات عالمية أو من خلال استقطاب عدد كبير من مؤسسات الاستثمار العالمية لإقامة مشروعات ضخمة على أرضها، كما أصبحت مركزاً تجارياً ومالياً مرموقاً ووجهة للشركات العالمية للانطلاق بعملياتها من الإمارات إلى دول المنطقة، وهذا يعكس بوضوح المكانة الاقتصادية البارزة التي حصلت عليها، باعتبارها من أكثر الدول الجاذبة للاستثمار في العالم، ناهيك عن الثقة الكبيرة التي? ?تكتسبها توجّهاتها وسياساتها إزاء قضايا التنمية الدولية، باعتبارها طرفاً فاعلاً في الشراكة العالمية من أجل بلوغ أهداف الألفية الإنمائية. إن التوجّه نحو إقامة شراكات مع القوى الاقتصادية الكبرى، والتجمّعات الاقتصادية المهمة على المستويين الإقليمي والدولي، يحظى باهتمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، التي تضع في مقدّمة أولوياتها العمل على النهوض بالاقتصاد الوطني، وتعزيز مكانة الدولة على خريطة الاقتصادات العالمية المتقدّمة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية