مقال الأسبوع الماضي تناولت فيه قطار التغيير العربي أين سيقف ، ومن هي الدول التي ستنجح في تحدي التغيير الشعبي وركزت على أهمية المشاركة والتنمية والعدالة كعوامل نجاح للدولة العربية المستقبلية ، بيد أن كلمة تغيير في اللغة العربية لها مدلول سلبي وآخر إيجابي وكي أقرب لكم الصورة لو قلت لأحد أصحابك لقد تغيرت فأنت تقصد هنا نحو الأسوأ في الغالب ولكنك لو قلت له تطورت فهذه الكلمة ذات شحنة إيجابية. الدول العربية منها من تغير ومنها من ينتظر القدر، لكن هل التغيير العربي الذي نشهده اليوم كحراك مجتمعي سيقود تلك الدول إلى الخير وبر الأمان أم أنه تغيير سلبي سيندم عليه المواطن العربي بعد فترة من الزمان؟ دعونا في إطلالة سريعة نستشرف المستقبل بالرجوع قليلاً إلى تاريخ بعض الدول التي شهدت التغيير قبل "الربيع العربي" المثل الأول هو صومال سياد بري، هل هو اليوم أفضل من أمس أم أن أهل الصومال يترحمون على تلك الأيام؟ لن أجيب لكنني أتوقع الجواب في عقل كل صومالي وعربي مهتم بشأنهم. المثال الأقرب هو من جمهورية العراق الشقيقة، هل هي أفضل حالاً اليوم من تلك الأيام التي كان صدام بيده اللجام، كذلك أهل العراق هم الحكم في ذلك الشأن. قد يقول قائل في الأمثلة التي ذكرت كان التغيير في الغالب لعوامل خارجية نالت الدعم من الداخل. لكن حصدت هنا عدداً من المتغيرات التي لو وجدناها في بلد ما، فإنني أتوقع أن التغيير الذي يشهده سلبي النتائج. العامل الأول هو الانتماء والولاء، فبمقدار ما يتمكن الشعب العربي من اختيار نخبة للحكم لهم ولاء صادق لشعبهم وانتماء حقيقي لأرضهم، فإن ذلك الشعب رسم أولى خطوات التغيير الإيجابي، في بعض الدول التي شهدت تغييراً في نظامها الحاكم، جاءت عبر صناديق الاقتراع حكومات لها أجندات خارجية وانتماءات حزبية ضيقة رفضت وجود من يخالفهم في الولاء والانتماء، كما أن بعض الدول التي توقف فيها قطار التنمية والتقدم، شُتت الشعب في ذلك القطر إلى أحزاب متناحرة، وأصبح من حق كل حزب أن يكون له داعم من الخارج مما حوّله إلى منفذ لأجندة خارجية في أرض وطنه، بئس هي الحكومة التي يفكر عنها الخارج كي تتحول الى معول هدم لمجتمعها في الداخل. العامل الثاني في نجاح حكومات التغيير العربي يتلخص في استقلالية السلطات الثلاث عن بعضها كي تتوازن الأمور في ذلك البلد، فمن أنجح الحكومات على وجه الأرض تلك التي جعلت القضاء سلطة مستقلة حاكمة وفق القانون على المواقف والبشر ودعمت تلك السلطة بمجالس تشريع حقيقية تراقب سير عمل الحكومات، وليس مجالس حزبية تصفق لكل القرارات، وأما السلطة التنفيذية، فلها صلاحيات محددة، لأن الحرية المطلقة في حقيقتها مفسدة. العامل الثالث في دعائم نجاح الحكومات يتلخص في التنمية والاقتصاد فحكومة لاتنجح في وضع البلد على طريق المشاريع الاقتصادية الناجحة وتؤمن للشعب متطلبات العيش الكريم هي بكل المقاييس فاشلة. لقد كلَّ المواطن العربي من الشعارات التي لايصدقها الواقع، وملّ من قيادات لا تعرف معنى التنمية المستدامة، ولن توجد تنمية دون أمن وأمان واحترام لقدرات وتخصص الإنسان.