يوم الجمعة الماضي، وفي مدينة فلاديفوستوك الروسية حيث يجتمع قادة "الآبيك"، فاجأ وزير خارجية كندا، جون بايرد، الصحفيين معلناً أن حكومة بلاده قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وإغلاق السفارة الكندية في طهران، وأنها أمهلت الدبلوماسيين الإيرانيين خمسةَ أيام لمغادرة أوتاوا. وبالنسبة لبعض الصحفيين، لم يكن الخبر مفاجئاً إلا في توقيته ومكان إعلانه، إذ كان قد تم تقليص عدد موظفي السفارة الكندية في طهران خلال الأشهر الأخيرة، ثم وصلوا كلهم إلى أوتوا قبل أيام من إعلان قطع العلاقات بين البلدين. إن ذلك القرار، وبلا شك، سيجد ترحيباً من غالبية الكنديين، ومن منظمات وهيئات حقوق الإنسان... لكن مفاجأة الزمان والمكان بدت لبعض الصحفيين الذين استمعوا إلى الوزير غيرَ مناسبة، حيث حاصروه بأسئلة تبدأ من: لماذا الآن؟ خاصة أن العالم كله يعلم أن الحكومة الإيرانية ظلت تنتهك حقوق الإنسان لأكثر من ثلاثين عاماً، وأن من بينهم مواطنين كنديين وإيرانيين أشهرهم المصورة الصحفية "الزهراء خاتمي" التي قتلت نتيجة التعذيب في سجن "أفيان" الرهيب عام 2004، مما أثار غضب الكنديين. لذلك فقد ردّ الوزير على أسئلة الصحفيين: "هنالك قائمة طويلة من الأسباب دفعتنا لاتخاذ هذا القرار، لكن الدافع الرئيسي هو الهجوم على السفارة البريطانية في طهران قبل تسعة أشهر، مما جعلنا نتخوف من تعرض دبلوماسيينا لتهديدات مماثلة". ثم أضاف الوزير: "إن إيران اليوم تمثل أكبر خطر على السلم العالمي، وهي وبشكل روتيني تهدد أمن ووجود إسرائيل، وتتهم الدولة العبرية بالعنصرية والإبادة الإثنية واللاسامية، وتنتهك حقوق الإنسان في بلدها". وقد بادر رئيس الحكومة الإسرائيلية بتهنئة الرئيس "هاربر" على تلك الخطوة "الشجاعة" التي أعرب عن أمله في أن تكون مثالاً لآخرين يترددون في ضرب المشروع النووي الإيراني، وحافزاً لهم على التخلي عن ترددهم حيال الخطر الإيراني، ثم كرر التهنئة لهاربر وحكومته على ما أبدوه من شجاعة. وكان نتنياهو قد قال في أوتاوا خلال اجتماع حاشد للاتحاد الكندي الإسرائيلي (وهو في طريقه لمقابلة أوباما)، "إن كندا أكبر وأصدق وأنبل حليف لإسرائيل"، وذلك رداً لتحية هاربر الذي سبقه وأعلن أن "كندا تعتبر أن أي عدوان على أمن وسلامة إسرائيل هو عدوان على الدولة الكندية". إن من حق المواطنين الكنديين أن يعرفوا من حكومتهم تفاصيل "القائمة الطويلة" من الأسباب التي دفعتها لاتخاذ ذلك القرار، وفي هذا التوقيت تحديداً، وما إن كانت لديها معلومات حول هجمة إسرائيلية وشيكة ضد إيران، ومن ثم فهي تريد بهذا "القرار الشجاع" توجيه رسالة لبقية دول الغرب؟