حين توفي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في 2004 ، سأل شخص من إحدى دول مجلس التعاون الخليجي عن مكان العزاء، فقيل له: ادخل أي بيت إماراتي، وقدّم واجب العزاء، لأنه كان أباً للجميع، والعزاء مقام في كل بيت إماراتي. استحضرت هذا الموقف وتذكرت عبارة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي يوضح فيها مفهومه للقائد الحقيقي، فهو في رأيه الذي" ينظر إلى شعبه نظرته إلى أفراد أسرته، يلاحظها ويتابعها، ويسأل عنها....إني أكرر أني رب أسرة واحدة تكوّن دولة الاتحاد. وهذه الأسرة بيتها هو الوطن". والقول السابق يجسد مفهوم القائد الحقيقي لدى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويستمر هذا المفهوم لدى أبناء الشيخ زايد، ويتجسد في أقوالهم وأفعالهم. نعم نحن أسرة واحدة تذكرت الموقف السابق وأنا أستمع إلى كلمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أواخر شهر رمضان المبارك، وهو يتفقد مشروع الفلاح قبل البدء بتسليمه للمواطنين. فقد تكلم عن البيت الكبير، ألا وهو الوطن، حيث قال: "البيت متوحد". نعم هو موحد في وجه ريح الفتن، ودعاة الأجندات الخارجية، التي لاتعبر عن الإماراتيين، وإنما هي مستوردة، حاولت قلة قليلة التسويق لها في مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، لكنهم أخفقوا. إن مشروع الفلاح السكني سيحقق الاستقرار لعدد كبير جداً من الأسر الإماراتية، لأن المنزل الذي يملكه الإنسان يحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي، ويجمع شمل الأسرة الواحدة، ويوفر لها الحياة الكريمة ورغد العيش. ولهذا استخدم سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في حديثه كلمة البيت، ليعبرعن البيت الكبير ألا وهو الوطن، وأنه بخير وينعم بالاستقرار والأمان. فما قام به بعض الأشخاص الذي تبنوا أفكاراً حاولوا الترويج لها في مواقع التواصل الاجتماعي، ورفعوا شعارات براقة يخفون تحتها الكثير من السموم والأفكار الهدامة التي لا يمكنها النيل من وحدة الوطن واستقراره. البيت متوحد، وينعم بالخير والاستقرار، لأن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، قد أسس هذا البيت هو وإخوانه حكام الإمارات على الإيمان بالوحدة وعلى الحق والعدل والمساواة والمحبة، فارتفع البناء شامخاً. وسار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورعاه على نهج والده في تأكيد أسس هذا البيت، ولهذا فإن المواطن الإماراتي لايحمل في داخله إلا وطنيته التي يعتز بها، وإيمانه بوحدة تراب الوطن، ويفخر بقيادته، ويدين لها بالولاء ، ويعمل ليظل علم الإمارات مرفوعاً دائماً، كل من خلال موقع عمله ومن خلال دوره في أسرته ومجتمعه، وأشير هنا إلى دور الأم والأب في تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائهما، وترسيخ مفهوم الوحدة والوطنية، كما يجدر بهما مناقشتهم فيما يقرأون ويتابعون. إن ظروف الإمارات مختلفة عن غيرها في المنطقة، لأن مسيرة التنمية مستمرة منذ بدء الاتحاد، ولم تتوقف منذ سنوات بسبب الأزمة المالية العالمية، بل العكس فقد استمرت، ولم يتعطل أي مشروع اتحادي خدمي. وظل الإنسان الإماراتي محور الاهتمام لدى القيادة، وقد عمدت الدولة إلى حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي واجهت الشباب، ومنها مشكلة غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج حيث أسس صندوق الزواج، ولحل مشكلة المسكن أسس برنامج الشيخ زايد للإسكان. وللمشروعين أثر واضح في استقرار الكثير من الأسر الإماراتية. وكما عمدت الدولة إلى توظيف خريجي الجامعات والثانوية العامة، وحل مشكلة البطالة. وهناك مشاريع وبرامج عدة لا يسعني في هذه العجالة الإشارة إليها، لكن أقف عند مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله التي شملت البنية التحتية بشكل عام ومساكن المواطنين في كل أنحاء الإمارات، للتأكيد على وحدة الدولة، وأن الإنسان هو أعز ما نملك. "البيت متوحد" هو استلهام وتأكيد للوحدة التي أسس دعائمها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وأساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي في جوهرها هي علاقة الأب بأبنائه. فمنذ نشأة الدولة واللقاء مستمر بين حكام الإمارات والناس؛ لأن القلوب صافية تستمع بمحبة واهتمام والأبواب مشرعة للناس، من خلال اللقاءات المباشرة بالمواطنين في أماكن عملهم وفي المناسبات والأعياد، وفي الأفراح والأحزان. وخير دليل على ذلك زيارات ولاة الأمر للمواطنين في كل الإمارات في الأعراس وفي العزاء وغيرها من المناسبات. ومن ذلك زيارتهم لعائلة الكعبي التي فقدت عدداً من أفراد أسرتها قبل أيام، وقدم واجب العزاء الشيوخ جميعهم وعدد كبير من أبناء الإمارات. إن البيت متوحد، ويستطيع الجميع أن يقول رأيه في أي شأن، لكن لابد أن يراعي دائماً الأسلوب، فلا يتخذ التجريح والتشهير وسيلة، ولا أن يتبع الظن دون دليل ولا سند، من خلال التخفي تحت أسماء مستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي. الكل يستطيع أن يقول رأيه من خلال اللقاءات بالمسؤولين ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة. وهنا نتذكر القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان حين تحدث إلى الصحفيين مذكراً إياهم بواجباتهم، وهو حديث ينطبق على جميع من يحمل القلم وعلى المدونين في وسائل الاتصال الإلكترونية فعلى الصحفي والمدون أن "يتبع الأسلوب السليم للإقناع دون تجريح؛ لأن أسلوب التجريح يجب أن تتجنبه الصحافة العربية بأسرها؛ لأن التجريح يخلق الحساسيات، ويوسع الخلاف". نعم إن "البيت متوحد" بنهج القائد رئيس الدولة حفظه الله ورعاه وإخوانه حكام الإمارات، الذين يرسخون دعائم الاتحاد التي وضعها الآباء المؤسسون- ويؤكدون دائماً قيمها التي تضع الإنسان محوراً رئيساً في عملية التنمية، وتهدف إلى خدمته، في حين أن المواطن يدين بالولاء لقيادته الرشيدة ويعمل على رفعة بلاده، من أجل أن يبقى البيت موحداً في وجه ريح الفتن، التي صدم الشعب الإماراتي بها للحظات؛ لأنه لم يتوقع أبداً أن من عاش على هذه الأرض الطيبة- حتى لو لم يكن إماراتياً- أن يقابل الإحسان بالإساءة، ويحاول إثارة الفتن. لكن الصدمة لم تدم سوى لحظات ليقف الشعب كله مؤكداً ولاءه للقيادة ورفضه لهذه الفتن وما تحمله من دعوات لاتعبر عن الواقع الذي غاب عن مثيري هذه الفتن، ولو تمعن هؤلاء للحظات لأدركوا أنهم لايفقهون واقع الإمارات، ولا يعبرون عن الناس وآمالهم، وإنما يعبرون عن أجندات مستوردة من بلاد أخرى، لا تتشابه مع ظروف الإمارات ولا تمت للناس بأية صلة؛ لأن " البيت متوحد" فالقيادة والشعب كلهم في صف واحد في وجه الفتن. ــــــــــــــ د.فاطمة حمد المزروعي أستاذة جامعية وأديبة إماراتية