لا فائدة من الصمود في وجه القادم المتدفق، فالإنسان الذي خلق برجلين كي يقف منتصباً في بعض الظروف، خلق أيضاً بعمود فقري مرن كي ينحني أو يأخذ وضعاً أفقياً في ظروف أخرى! وقد قرر هذا الرجل، بعد أن أخذ منه الإرهاق مأخذه، أن ينام على كتلة من الخشب في شارع غمرته مياه الفيضانات في حي "لا باركيتا" في "سانتو دومينجو"، عاصمة جمهورية الدومينيكان، بعد العاصفة الاستوائية "إيراك" التي تسببت في فيضانات وأمطار طوفانية اجتاحت المدينة منذ عدة أيام. وإذا كانت السدود الصخرية العملاقة المشيدة لحماية المدينة، وفق نظم هندسية شديدة الإحكام، قد انهارت ولم تصمد أمام السيول المتدفقة، فمن باب أولى أن يشعر هذا الرجل الستيني، وقد مرت عليه عدة أيام وسط ماء يزداد منسوبه ارتفاعاً طوال الوقت، بأنه أصبح عرضة للانهيار وأنه لا فائدة من تمثيل دور البطولة في مواجهة العواصف والأمطار المتهاطلة. ربما نجد حكمة أخلاقية قديمة تحث على التحلي بالشجاعة والتماسك، منطوقها أن الأشجار تموت واقفةً، لكن قوة الماء المتدفق، كثيراً ما تقتلع الأشجار وهي واقفة أيضاً، ومعها المثال الذي تخيلته الحكمة القديمة لفضيلة الشجاعة! (إي بي أي)