أبناء الإمارات اليوم أمام مفترق طرق، والخيار واضح لمن يريد أن يراه. أن نختار أن نكمل مسيرة لم تكن في يوم من الأيام سهلة، وننظر في أعين أطفالنا ونعاهدهم بأن لا نتهاون في التمسك بذلك الحلم الذي ألهم الجيل المؤسس ومن كان سندهم وعونهم وذخرهم أبناء البلد الغالي، الذي وُلد في الثاني من ديسمبر في بداية السبعينيات. أو أن نفنى ويفنى معنا ذلك الحلم ونغوص في معركة لا نعرف إلى أين ستنتهي بنا. كلنا على هذه الأرض ولاة عهد، عهدٌ بأن نقف صفاً واحداً لا تهزنا الرياح ولا تعصف بنا المتغيرات ثابتين بجذورنا في أعماق الأرض ورافعين رؤوسنا إلى عنان السماء، عهدٌ أن نصحح الأخطاء ونحافظ على المكتسبات... عهدٌ بأن نضع نصب أعيننا أن المشروع الإماراتي أكبر وأغلى وأهم منا جميعاً، عهدٌ أن يكون نبراس كل واحد فينا في تعامله مع نفسه وعائلته ومجتمعه أن التضحية للوطن شرف، وأن العمل من أجله واجب، وأن الذود عنه عقيدة. كلنا اليوم ينظر إلى من سبقنا بفخر واعتزاز، ويستلهم منهم الدروس ومن تضحياتهم للوطن عبر. من أكثر أقوال الولد الشيخ زايد رحمة الله تأثيراً بي أن "لا شيء مخلد أبداً ... لا مخلد الإنسان ولا مخلد المال ... المخلد هو الوطن والعمل ... وكل فرد منا سوف يُذكر بعمله". تأمل في هذه المقولة، وإسألْ نفسك ما الذي ستتركه بعد أن تقضي. فوقتنا محدود ومعدود، سنوات تجري دون أن نشعر بها. وستأتي من بعدنا أجيال تُقيم كيف تعاملنا مع هذه اللحظة المفصلية، أتركنا الخلافات المستوردة، وأكرر المستوردة، وغرورُ النفس ينخر في جسد هذا الوطن إلى أن يفتته؟ أقسمتنا أهواء نفوسنا إلى فرق وأحزاب، وأضعفنا البنية ونسينا وصية "من توسد يمناه وجاور ربه"؟ أم أننا مازلنا نتبع تلك الوصية، فارتقينا بأنفسنا وبوطننا، وحافظنا عليه وعلى من فيه؟ إخوتي الإمارات أمانة في أعناقنا جميعاً إنْ لم نحاسب أنفسنا على تهاوننا معها، فسيحاسبنا أبناؤنا. أنكون الجيل الضائع أم نضيف إلى سجل هذه الدولة صفحة أخرى مشرقة مشرفة يعتز بها من يتلونا؟ لست أكتب لأحلل الوضع الراهن، ولا لأنظر في الشأن السياسي، فهناك من هم أكثر مني علماً وخبرةً وكفاءة، وإنما أكتب لأخاطب الإماراتي بداخل كل فرد منا خطاباً عفوياً نابعاً من حبي للوالد المؤسس، ومن غيرتي على وطني فأستحلفه بالذي رفع السماء بلا عمد بأن يختلي بنفسه قليلاً ثم يراجعها. هل التعصب لفكرة ثبُت أنها تبث القسمة والخلاف يخدم وطنه؟ هل المكابرة والتعالي والعناد يضيف إلى هذه الأرض التي لا أشك لحظة في حبه لها؟ لست أكتب لأقيِّم فعل هذا أو قول ذاك، فالله وحده يعلم ما بالنفوس، وكلنا قادر على أن يقيم ذاتة ويسائلها. لست أكتب لأُحدِدَ مخرجاً من الوضع، لأنني مؤمن بأن أصحاب القرار أكثر حكمة وقدرة ورؤيا، وإنما أكتب لأني سئمت شحن الجو الذي يمارسه البعض والإنقسام التعيس الدخيل على وطني. لست أكتب لأنني أكثر وطنية منكم أو ثقافة أو بعد نظر، وإنما أكتب لأنني إماراتي مؤمن بحلم زايد، وفي خليفة الأمل، وبأنني خيط بسيط في نسيج أسمى من ذاتي هو بمعجزة الاتحاد. أكتب يا ساداتي لأنني إماراتي، ولأن الإمارات تستحق منا الأفضل. معاذ الوري كاتب إماراتي