بينما تقوم إدارة أوباما بوضع اللمسات الأخيرة لمخططات الإنهاء التدريجي للعمليات الأميركية في أفغانستان، مازال غير معروف كيف ينوي المسؤولون الأميركيون التعامل مع شبكة حقاني، التي تمثل المكون العنيف من حركة "طالبان" وتنشط انطلاقاً من قاعدتها الخلفية في شمال وزيرستان بباكستان. وفي عطلة نهاية هذا الأسبوع تنتهي المهلة التي كان الكونجرس قد حددها لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتقرر بشأن ما إن كانت الشبكة تستوفي معايير تصنيفها منظمةً أجنبيةً إرهابية تهدد المواطنين الأميركيين والأمن القومي لأميركا. غير أن هذا الموضوع الشائك أدى إلى نقاش بين مسؤولي الإدارة، حيث يجادل المعارضون بأن أعضاء شبكة حقاني هم مجرد مثيري اضطرابات محليين، وبأن من شأن تصنيفهم إرهابيين الإضرار بالعلاقات الأميركية الباكستانية، وإحباط جهود المصالحة مع "طالبان"، وأنه لن يكون له تأثير على "طالبان" في كل الأحوال. لكن دعوني أبين لكم لماذا تعتبر هذه الحجج واهية بالكامل. فمن المعروف على نطاق واسع أن أعضاء شبكة حقاني هم أكثر فصيل قسوة وشراسة، فهم مسؤولون عن شن هجمات مشهورة ضد المنشآت الأميركية وأهداف أخرى عبر أفغانستان، حيث تحمِّل قوات الناتو أعضاء الشبكة حقاني مسؤولية هجوم في الأول من سبتمبر أسفر عن مقتل 12 شخصاً وجرح 59 آخرين في إقليم وارداك. ومنذ عام 2008، استهدف مقاتلوها السفارتين الأميركية والهندية في كابول، وفنادق ومطاعم في العاصمة الأفغانية، ومقرات القوة الدولية. كما تشير اتصالات تم اعتراضها وأعلن عنها العام الماضي إلى أن قائد العمليات في الشبكة كان يوجه هجوماً على أحد فنادق كابول قتل فيه 13 شخصاً. صحيح أن الشبكة بمفردها قد لا تنفذ هجوماً على الأراضي الأميركية، لكن الأشخاص الذين درسوا هذه الشبكة جيداً يعتقدون أن أعضاءها سيستمرون في إيواء وتسهيل عمليات المتطرفين في منطقتهم، مثلما فعلوا منذ الثمانينيات. فهم يحافظون على علاقات وثيقة مع "القاعدة" و"طالبان" الباكستانيين، ومجموعات إرهابية عالمية أخرى؛ حيث يتقاسمون المنازل الآمنة ويتعاونون حول طيف واسع من الأنشطة الإجرامية التي ينخرطون فيها. وبعبارة أخرى، إذا كان البيت الأبيض جاداً بشأن وقف "القاعدة" ومجموعات قتالية شبيهة بها، فإن ترك شبكة حقاني بعد عام 2014 ليس خياراً صائباً، لأن الشبكة توفر ملاذاً آمناً لمجموعات إرهابية تخطط لمهاجمة الأراضي الأميركية. غير أن بعض المحللين، وحتى عندما يعترفون بوحشية شبكة حقاني، يرون أن تصنيفها إرهابية قد يضر بعلاقة واشنطن الصعبة أصلاً مع باكستان، إذ يشير ضمنياً إلى أن إسلام آباد كدولة راعية للإرهاب. والحال أنه سبق للولايات المتحدة أن صنفت "عسكر طيبة" في خانة الإرهاب، وهو تنظيم باكستاني مقاتل آخر تربطه علاقات طويلة مع أجهزة الاستخبارات الباكستانية، ولم يكن لذلك تأثير على العلاقة الضعيفة أصلاً بين واشنطن وإسلام آباد. وإلى ذلك، فإن المسؤولين المدنيين والعسكريين الباكستانيين أشاروا إلى أن تصنيف شبكة حقاني لن يثير مشاعر غضب واستياء في إسلام آباد. لكن هل التصنيف في خانة الإرهاب سيكون له تأثير ملموس على شبكة حقاني؟ والجواب هو نعم. الشبكة التي تدار على طريقة العشيرة تعرضت لضغط عسكري معتبر خلال العام الماضي، لكنها أبانت عن قوة ومرونة في وجه الحملة التكتيكية، وهو أمر يعزى جزئياً إلى أن زعماءها يختبئون في عمق الأراضي الباكستانية حيث يتمتعون بدعم مالي ولوجستي معتبر. وتشتغل الشبكة مثل منظمة جريمة عابرة للبلدان، حيث يقوم أعضاؤها بالتهريب والابتزاز والخطف. غير أنهم لم يضطروا أبداً لمواجهة حملة دائمة وممنهجة ضد بنيتهم التحتية، المالية واللوجستية. ثم إن تصنيفهم ضمن قائمة المنظمات الإرهابية من شأنه تسهيل عمل فريق المحققين الماليين لتعقب وتفكيك شبكة الدعم تلك العابرة للبلدان، لاسيما الممتلكات المالية والعقارية للشبكة. البعض يخشى أن يُضعف تصنيف شبكة حقاني إرهابية جهود المصالحة مع حركة "طالبان" الأوسع، لكن الذين درسوا التاريخ الطويل للمحاولات الفاشلة للاتفاقات معها- لا يخفون تشككهم بشأن إمكانية التوصل إلى تفاهم مع الحركة. إن الشبكة التي أسسها جلال الدين حقاني مازالت عنيفة مثلما كانت دائماً، حيث تقوم بتعذيب وقطع رؤوس الأشخاص الذين تعتقد أنهم حلفاء للولايات المتحدة. كما يصعب تخيل أن أعضاء الشبكة سيقبلون بتسوية دائمة مع واشنطن بعد الضربة الجوية التي نفذت في باكستان الشهر الماضي وقتلت بدر الدين حقاني، أحد زعماء الشبكة، والذي نفذ هجمات واختطافات بارزة من قبل. وعلاوة على ذلك، فإن الطيف الواسع للأنشطة التجارية التي تقوم بها شبكة حقاني، يشير أيضاً إلى أن استمرار اقتصاد الحرب قد يكون مهماً بالنسبة لهذا التنظيم. فمن وجهة نظر الاقتصاد السياسي، هناك تشكك حقيقي بشأن ما إن كان زعماء الشبكة يسعون وراء نهاية للنزاع أصلاً. وإلى جانب الحملة التكتيكية المتواصلة، يمكن القول إن عملية ضد البنية المالية لشبكة حقاني يمكن أن تزعزعها بشكل كبير، وأن تحرم "القاعدة" وتنظيمات أخرى مماثلة من الملاذ الذي توفره له الشبكة. ــــــــــــــــــــ جريتشن بيترز كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"