كيف تفوز بانتخابات رئاسية؟ بالنسبة للكثيرين، قد يبدو هذا السؤال أكاديمياً بحتاً للوهلة الأولى، لكنه في الحقيقة السؤال الذي يطرحه "صموئيل إل. بوبكين"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا والخبير الاستراتيجي لحملة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، كي يدلف منه إلى تفاصيل المشهد الانتخابي الأميركي الراهن، ويقدم النصائح التي يرى أنها قد تكون مفيدة لأي من المرشحين في انتخابات العام الجاري. لكن العديد من النقاد يرى أن تلك النصائح التي يلخصها المؤلف في العنوان الفرعي للكتاب، يصعب وضعها موضوع التطبيق العملي، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن الكتاب بشكل عام، ووسط هذا الكم من الكتب التافهة في معظمها التي قدمت خلال العام الانتخابي الحالي، يعد جديراً بالقراءة إن لم يكن لشيء فعلى الأقل لاحتوائه عدداً من دراسات الحالات، والحوارات الممتعة بين بعض الخبراء والفاعلين السياسيين التي تجعل القارئ العادي على إلمام بقدر كاف من تفاصيل المعترك الانتخابي الحالي. ويرى "بوبكين" أن أي مرشح للمنصب الرئاسي في الولايات المتحدة، يجب أن يوازن بين ثلاثة أدوار: دروه كرئيس من حيث امتلاكه شخصية رئاسية مقنعة وقادرة على تجسيد ما يحظى به مقام الرئاسة من احترام، ودور صاحب الرؤية القادر على تقديم خطة متماسكة لتغيير البلاد، ودور المدير التنفيذي القادر على إدارة مشروع يتسم بقدر كبير من التعقيد مثل الحملة الانتخابية. ويرى المؤلف أن الدور الذي يركز عليه المرشح -من بين تلك الأدوار- يتوقف إلى حد كبير على وضعه قبل الانتخابات، بمعنى: هل هو مرشح جديد عن حزبه؟ وهل يحظي ترشيحه بإجماع، أو شبه إجماع؟ وهل يحظى بتأييد من القواعد الشعبية للحزب؟ وإذا كان رئيساً منتهية ولايته، فإن طبيعة الدور الذي سيركز عليه الرئيس المرشح لولاية ثانية، يتوقف على مستوى أدائه في فترة حكمه الأولى، وعلى نسبة تأييده كما تعكسها استطلاعات الرأي؟ وبشكل عام يرى "بوبكين" أن الوضع بالنسبة للمرشح المتحدي (أي المرشح المتحدي للرئيس الموجود في البيت الأبيض، مثل كلينتون عام 1992) عادة ما يكون أسهل بما لا يقاس، مقارنة بوضع الرئيس المنتهية ولايته (مثل أوباما عام 2012)، أو وضع نائب الرئيس الذي يخوض الانتخابات لكي يصبح رئيساً (مثل"آل جور" عام 2000). فالمرشح المتحدي يستطيع أن يقدم من الوعود ما يشاء، دون اضطرار للدفاع عن سجله، خلافاً للرئيس المنتهية ولايته الذي لا يستطيع الهروب من سجل أعماله، وما حققه من إنجازات وما تعرض له من إخفاقات. ويمكن إدراك هذه الصعوبة إذا ما تأملنا وضع أوباما، والمتاعب التي يواجهها في سياق حملته الانتخابية الحالية، والهجمات التي يتعرض لها من المعسكر الآخر بسبب الحالة التي يوجد عليها الاقتصاد الأميركي، والتي تدل على أن الرئيس، حتى وإن كان قد ورث حالة الاقتصاد المتردية من سلفه في المنصب، لم يستطع حتى الآن الخروج به من دائرة الركود. أما نائب الرئيس المنتهية ولايته والذي يرشح نفسه للمنصب الرئاسي، فهو أكثر مَن يعاني: كونه مضطراً للدفاع عن سلفه في المنصب، وأن يثبت في الوقت نفسه أنه ليس ظلاً له، بل مرشحاً يمتلك رؤية خلاقة ومستقلة. والجزء الأكثر تشويقاً في الكتاب هو ذلك الذي يقدم فيه المؤلف عرضاً موجزاً لتاريخ الحملات الانتخابية السابقة، خصوصاً حملات المرشحين الخاسرين، مثل حملة كارتر عام 1980، وحملة بوش الأب عام 1992، وحملة آل جور عام 2000، وحملة هيلاري كلينتون عام 2008. ويخرج من خلال ذلك بخلاصة فحواها أن الحملات تعاني نقاط الضعف الإنسانية التي يعانيها المرشح، مثل اعتزازه الزائد بنفسه، أو تساهله، أو مزاجه الحاد، أو ولاءاته الموضوعة في غير محلها. وهو يرى أنه من الخطأ أن نعتقد أن أي شخص يتمتع بالمهارة السياسية الكافية التي تؤهله لخوض سباق ناجح من أجل الحصول على أسمى منصب في الولايات المتحدة، يجب أن يكون- بالضرورة- منضبطاً بدرجة كافية تمكنه من التغلب على الصعوبات والعقبات التي تعترض حملته الانتخابية، وتؤدي إلى فشلها وتحرمه من الوصول إلى البيت الأبيض في نهاية المطاف. ففي رأيه مثلاً أن صفة مثل "الثقة بالنفس" يمكن أن تساعد المرشح على خوض حملة انتخابية ناجحة، ويمكن أيضاً أن تجعله معتداً بنفسه إلى درجة لا يرى فيها داعياً للاستماع إلى النصائح التي يقدمها له مستشاروه، ليخفق في الوصول إلى البيت الأبيض. سعيد كامل الكتاب: المرشح... ما الذي يتطلبه الفوز بالبيت الأبيض والاحتفاظ به؟ المؤلف: صموئيل إل. بوبكين الناشر: أكسفورد يونيفرستي برس تاريخ النشر: 2012