يستقبل قطاع الطاقة في دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" استثمارات تقدّر بنحو 75 مليار دولار، خلال الفترة بين عامي 2010 و2014، وذلك وفقاً لتقديرات "شركة أبوظبي لصناعات الغاز المحدودة" (جاسكو). وينفّذ الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تشير البيانات إلى أن قطاع الطاقة الإماراتي سيستقبل ما مقداره 40 مليار دولار خلال الفترة المذكورة، وهو ما يساوي نحو 53 في المئة من إجمالي الاستثمارات التي يستقبلها القطاع في دول المنطقة كلها. وليس الحجم الكبير فقط هو ما يميز الاستثمارات الإماراتية في مجال الطاقة، بل إن هذه الاستثمارات تتمتع بدرجة عالية من التوازن فيما يتعلق بتوزيعها على الأنشطة الفرعية للقطاع. ففي الوقت الذي تتجه فيه الدولة إلى قطاعات الطاقة المتجددة بشكل ملحوظ، تماشياً مع الاتجاه إلى التحول إلى عصر الطاقة النظيفة الحادث على المستوى العالمي، وتحقيقاً لأهداف سياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة على المستوى المحلي، فهي لا تجعل هذا التوجه يطغى على احتياجات تطوير قطاع الطاقة التقليدية، بما فيه من نفط وغاز طبيعي، بل إن الاستثمارات داخل قطاع الطاقة التقليدية نفسه تتميز هي الأخرى بدرجة عالية من التوازن، حيث تحرص الدولة على تطوير مرافق القطاع في مختلف المراحل، بداية من أنشطة الاستكشاف، مروراً بأنشطة الاستخراج والتخزين والنقل والتصدير، وصولاً إلى أنشطة التكرير. إن توسّع الدولة في استثماراتها في قطاع الطاقة التقليدية يحقق لها العديد من الأهداف، فهو بداية يمكنها من تلبية الاحتياجات المتزايدة لأسواقها المحلية من هذه الطاقة بمختلف أنواعها، وهي الاحتياجات التي تشهد تنامياً سنوياً، جراء التطور والتنمية الاقتصادية المستمرة التي تعيشها البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الاستثمارات تساعد الدولة على المحافظة على مكانتها المميزة كلاعب أساسي في خريطة الطاقة العالمية، وكمنتج رئيس للطاقة، وصاحب دور محوري في قضايا أمن الطاقة العالمي. وفي إطار عملية التطوير التي يشهدها قطاع الطاقة التقليدية في الدولة، من المتوقع أن تسهم الاستثمارات الحالية في رفع الطاقة الإنتاجية للقطاع النفطي في نهاية عام 2012 إلى نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، ومن ثم إلى نحو 3.5 مليون برميل يومياً خلال السنوات المقبلة، بعد أن تمكنت الدولة من الوصول بمستوى إنتاجها إلى نحو 2.8 مليون برميل يومياً في نهاية شهر يوليو الماضي. كما أن الاستثمارات المذكورة سيكون لها، من دون شك، دور أساسي في رفع الطاقة الإنتاجية لقطاع الغاز الطبيعي، بما له من أهمية كمصدر للطاقة بالنسبة للاقتصاد الوطني، إذ إنه يستخدم وقوداً لتشغيل محطات التوليد المسؤولة عن إنتاج نحو 95 في المئة من احتياجات الدولة من الكهرباء، هذا إضافة إلى ما يتم استخدامه منه في الأغراض المنزلية والتجارية، وفي الأغراض الصناعية أيضاً، وتمثل الاستثمارات الجاري تنفيذها حالياً في هذا القطاع خطوة مهمة تقطعها الدولة في الطريق الصحيح، ومحاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأسواق المحلية منه، ومن ثم الاستعداد للتصدير في مراحل تالية في المستقبل، بما يعزز من موقع الدولة كمنتج رئيس للطاقة العالمية، ويحقق للاقتصاد الوطني المزيد من الاستقرار والتنويع في مصادر الدخل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية