توترات بحار شرق آسيا... وروسيا أخيراً في "التجارة العالمية" النزاعات الإقليمية في بحار شرق آسيا، ونقص الأطباء في كوريا الجنوبية، وانضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية، والفرص الجديدة المتاحة أمام استراليا لتعزيز دورها لاعباً رئيسياً في آسيا، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحافة الدولية. بؤر توتر في بداية مقاله المنشور أمس الخميس بصحيفة "موسكو تايمز" تحت عنوان "القومية الآسيوية في البحر"، يطرح "جوزيف ناي"، الدبلوماسي والمفكر الاستراتيجي الأميركي المرموق، سؤالاً مهماً: هل ستندلع الحرب في بحار شرق آسيا؟ وسبب طرحه للسؤال يرجع إلى التوتر الذي ساد منذ فترة بين الصين واليابان ومحاولة مجموعة من القوميين اليابانيين المتعصبين وضع يدها على الجزر الواقعة في الأرخبيل الصغير في بحر الصين الجنوبي التي تسميها الصين جزر "دياوجو"، وتطلق عليها اليابان جزر "سينكاكو"، وهو ما دفع الحكومة الصينية لتوجيه تحذير شديد اللهجة لليابان يحذرها من تكرار مثل تلك المحاولات، وأدى إلى مظاهرات عارمة في عدد من المدن الصينية احتجاجاً على الخطوة اليابانية هتف خلالها المتظاهرون: "يجب أن نقتل جميع اليابانيين"! وأشار "ناي" إلى المواجهة بين سفينة حربية فلبينية، وعدد من سفن الاستطلاع الصينية في منطقة الرصيف القاري "سكاربورو شوال"، وهي منطقة متنازع عليها بين الدولتين تقع قبالة الساحل الشمالي الغربي للفلبين. كما أشار إلى الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الكوري الجنوبي لجزر "دوكود"، كما تسميها سيؤول، أو "تيكشيما" حسب تسمية طوكيو، وهي الزيارة التي أدت إلى توتر العلاقات بين الدولتين رغم خطوات كانا قد قطعاها لتعزيز أوجه التعاون بينهما. ورغم أن معظم تلك المواجهات قد انتهت من دون كوارث، وتمت تسويتها بشكل من الأشكال، فهناك مخاوف من أن يؤدي تكرارها إلى نشوب مواجهات عنيفة قد تخرج عن نطاق السيطرة مثلما حدث عندما أرسلت الصين قواتها لطرد الفيتناميين من جزر "باراسيل" عام 1974 و1988. فضلاً عن أن تدخل القوميين المتعصبين في تلك النزعات بشكل مباشر، كما حدث بالنسبة لجزر سينكاكو، يعد بحد ذاته عاملاً مقلقاً، لاسيما أن ثمة العديد من النزاعات والمشكلات المعلقة بين دول القارة، ويعود بعضها لثلاثينيات القرن الماضي. وهناك عامل خطورة آخر يتمثل في أن بعض دول القارة، خاصة الصين، باتت تتبع سياسة توسع بحري عدائية، وتزيد من نفقاتها الدفاعية وتقوم بتطوير صواريخها، وتقنية غواصاتها. هذا علاوة على أن الصين حالت خلال مؤتمر دول "الآسيان" المنعقد في كامبوديا منذ وقت، دون صدور بيان ختامي يدعو إلى إقرار "قواعد سلوك" في بحر الصين الجنوبي، حيث ترى بكين أنها تستطيع من خلال الاتفاقيات الثنائية تحقيق العديد من المصالح يفوق ما يمكنها الحصول عليه من خلال الاتفاقات المشتركة. ويرى الكاتب أن سياسة بسط الهيمنة في بحر الصين الجنوبي، وتغليب الدعاوى والمزاعم الصينية في امتلاك الحق في عدد كبير من المناطق والجزر المتنازع عليها، ينطوي على مخاطر يجب العمل منذ الآن على تجنبها من خلال إقرار واضح بـ"قواعد السلوك" في بحر الصين الجنوبي، التي تعتبر صيغة ملائمة يمكن من خلالها تجنب العديد من المشكلات في هذه المناطق الحساسة. أين الحقيقة؟ في افتتاحيتها أول أمس الأربعاء تحت عنوان "نقص الأطباء"، أشارت صحيفة "كوريا هيرالد تريبيون" إلى الجدل المحتدم حالياً في كوريا الجنوبية حول ما إذا كان يجب زيادة أعداد الطلاب المقيدين في كليات الطب أم اختزالها. فوزارة الصحة والرفاه الاجتماعي تدعو إلى زيادة تلك الأعداد على أساس أن هناك نقصاً في عدد الأطباء، بينما يدعو اتحاد الأطباء الكوري إلى عكس ذلك تماماً ويقول إن عدد الأطباء الحاليين كاف، وإن هناك تخمة منهم بالفعل، بدليل أن عدد سكان كوريا قد زاد بنسبة 7.5 في المئة خلال السنوات 2000- 2010، بينما زادت أعداد الأطباء الكوريين خلال الفترة نفسها بنسبة 40 في المئة. وهذه الحجة من جانب اتحاد الأطباء الكوري- في رأي الصحيفة- لا تصمد أمام المنطق وحقائق الواقع، لأن بطء الزيادة في عدد السكان في كوريا يرجع لتنامي ظاهرة شيخوخة المجتمع في الأساس، وهي ظاهرة تحتاج إلى مزيد من العناية الصحية والأطباء. ورأت الصحيفة أن هناك سبباً مهماً للغاية يدعو وزارة الصحة والسلطات المسؤولة في كوريا الجنوبية لزيادة عدد الأطباء، وهو النقص الكبير في عدد الأطباء ومستوى الرعاية الصحية في المناطق الزراعية النائية. وأنحت في نهاية الافتتاحية باللائمة على اتحاد الأطباء الكوري الذي يركز على مصالح الأطباء في المقام الأول، ويتجاهل مصالح قطاعات كبيرة من الشعب لا تحظى بالرعاية الصحية التي تستحقها. مسؤوليات جديدة "توقعات لروسيا في منظمة التجارة العالمية"، كان هذا هو العنوان الذي اختارته صحيفة "جابان تايمز" لافتتاحيتها المنشورة أمس الخميس، والتي تناولت فيها موضوع انضمام روسيا مؤخراً لمنظمة التجارة العالمية، والذي يعد أول انضمام لدولة كبرى للمنظمة منذ أن انضمت إليها الصين عام 2001. وترى الصحيفة أن روسيا باعتبارها عضواً مهماً من أعضاء منظمة التجارة العالمية، يجب أن تدرك مسؤوليتها الجديدة في جعل بيئة الأعمال فيها شفافة، وهي البيئة التي اتسمت دوماً بالغموض وعدم الوضوح، بل والسرية والانحرافات في كثير من الأحيان، وأن تكون حريصة على التعاون الكامل مع باقي الدول الأعضاء في المنظمة من أجل التوصل إلى قواعد بناءة وجديدة للتجارة بغرض تطوير النمو الاقتصادي العالمي ودفعه قدماً. وأمَلَت الصحيفة أن تنظر روسيا إلى ما وراء مصلحتها المباشرة، وأن تفكر في مصلحة المنظومة الاقتصادية العالمية وتتصرف بناءً على ذلك، لاسيما أنها بذلت جهوداً مضنية من أجل الانضمام للمنظمة، واستلزم منها الأمر ثمانية عشر عاماً كاملةً للحصول على الموافقة بالانضمام. ورأت الصحيفة أن من أولى الخطوات التي يتعين على روسيا القيام بها، تلك الخاصة بالعمل على تخفيض ضرائب وجمارك الاستيراد الباهظة على السيارات اليابانية من أجل حماية صناعة السيارات المحلية، وأن تعلم منذ الآن أنه لن يكون بمقدورها اتخاذ ما يحلو لها من أجراءات من أجل حماية مصالحها في المقام الأول مع تجاهل مصالح الدول الأخرى، لأن انضمامها لعضوية منظمة التجارة سوف يجعلها مضطرة للالتزام بقواعد العمل الدولية في هذا المجال، وبالتالي، فإن أي خروج على هذه القواعد سوف يدفع الدول المتضررة لتقديم شكاوى ضدها، وهو ما لن يكون في مصلحتها ولا محققاً للفائدة التي توختها من الانضمام للمنظمة. فرص سانحة "حان الوقت لبدء حوار رشيد لتأمين رخائنا المستقبلي"، ذلك هو العنوان الذي اختارته صحيفة "ذي أستراليان" لمقالها الافتتاحي أمس الخميس، والذي رأت فيه، أنه بينما تنتقل القوة الاقتصادية من الغرب إلى الشرق، فإن ازدهار الدول الآسيوية سوف يتيح المزيد من الفرص لاستراليا لتعزيز وضعها لاعباً اقتصادياً أساسياً في القارة. فتحول الدول الكبرى في آسيا، والتي تعاني نقصاً في الموارد، مثل الصين والهند، من الإنتاج الزراعي إلى الإنتاج الصناعي التقني، سوف يؤدي بالقطع إلى زيادة مستويات معيشة الطبقات الوسطى في ذينك البلدين وغيرهما. وتلك الزيادة سوف تدفع تلك الطبقات للتطلع نحو دول المنطقة المتطورة تقنياً والمزدهرة اقتصادياً، وعلى رأسها استراليا، للحصول على المنتجات والخدمات المتطورة في مجال التعليم والصحة والسياحة والترفيه وغيرها من المجالات، ما سينعكس بالإيجاب على اقتصاد استراليا ويعزز مكانتها لاعباً رئيسياً في هذه المنطقة من العالم. إعداد: سعيد كامل