في مقاله "العيش لأجل السياسة... أو من السياسة؟"، أوضح الدكتور عبد الحق عزوزي أن الصواب هو أن يعيش السياسي من أجل الدولة، أي في سبيل الأمانة التي تقلَّدها بكفاءة ومهنية مطلقة وإخلاص ونكران للذات... لكن المشكلة كما يوضح الكاتب هي أن أغلب السياسيين يجعلون السياسة حرفتهم الرئيسية؛ وفي العالم النامي بالذات نجد أناساً يسعون للعيش أولًا "من" السياسة ثم ثانياً "لأجل" السياسة، أي بغرض أن يكونوا أغنياء وقادرين على حماية مصالحهم والاغتناء أكثر فأكثر من خلال ممارسة تأثيرهم السياسي. وهذا يعني أن فكرة المصلحة العامة ستتراجع إلى الدرجة الأخيرة في سلم الأولويات، وأن الطبقات السياسية التي تنطلق من مثل هذه الأفكار ستفكر في نفسها ومصالحها الضيقة قبل أن تفكر في المصالح العامة. وأعتقد أن الكاتب كان دقيقاً حين قال إنه من مثل هذه الأفكار المصلحية الضيقة تنبع ويلات المحسوبية والرشوة وظواهر الاغتناء غير المشروع في كثير من البلدان النامية التي اعتمدت نهج الديمقراطية التعددية، حيث اغتنى قادة الأحزاب وأصبحوا يعتاشون من ريع السياسة، وقد يتحولون إذا ما نضبت موارد العمل "الحزبي" السلمي إلى زعماء حرب يوظفون ميليشيات مسلحة لحماية مصالحهم المادية وتعظيمها. عيسى فهمي -الكويت