شهدت معدلات الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث المرورية في الدولة تراجعاً ملحوظاً ومتواصلاً على مدار الشهور الماضية، فحسبما أشارت الإحصاءات الصادرة عن "الإدارة العامة للتنسيق المروري" في وزارة الداخلية، فقد انخفضت هذه الوفيات والإصابات بنسبة 12.8 في المئة خلال عام 2011 مقارنة بالعام الذي سبقه، وواصلت هذه المعدلات تراجعها خلال النصف الأول من العام الجاري، فتراجعت بنحو 21.3 في المئة في ما يتعلّق بالوفيات ونحو 6.9 في المئة في ما يتعلق بالإصابات، ويشير هذا التراجع المتواصل إلى أن هناك تحسّناً مستمراً في السلامة المرورية على مستوى الدولة، وهو ما يمكن قراءته على أنه نتيجة مباشرة للسياسات المرورية المتّبعة، والتعديلات المستمرة التي تُدخلها الدولة على هذه السياسات، وفقاً لما تقتضيه الحاجة، وبما يتماشى مع خصوصية المجتمع الإماراتي في حدّ ذاته، والتزاماً للمعايير العالمية المستحدثة في المجال نفسه. تمتلك دولة الإمارات شبكة من الطرق والجسور تعد من أكثر الشبكات تنظيماً وكفاءة بين مثيلاتها على المستوى الإقليمي أو حتى على المستوى العالمي، كجزء من البنى التحتية المتطوّرة التي استطاعت الدولة إنشاءها عبر جهد وعمل شاقّ على مدار عقود طويلة، وحرصت طوال تلك العقود على صيانتها لتظلّ مواكبة للتطوّرات الجارية على المستوى العالمي، وكانت شبكة الطرق والجسور، بهذه الكفاءة والتطوّر، هي الأرضية التي تمكّنت الدولة من البناء عليها لتطوير واحدة من أكثر سياسات المرور والسير تطوّراً، وانتهجت بالتوازي مع ذلك نهجاً من التوعية المجتمعية لجعل المواطن الإماراتي متابعاً عن كثب لكل ما يتم انتهاجه من قرارات وإجراءات وتعديلات جديدة في هذه السياسات. إلى جانب ذلك فقد لعبت آليات الضبط المروري دوراً مهماً في تحقيق أهداف السياسة المرورية الوطنية، حيث تلعب دوراً مهماً في مواجهة السلوكيات المرورية غير المنضبطة وتقليل مخاطرها والنتائج السلبية الناتجة عنها وفي الوقت نفسه التشجيع على السلوك الإيجابي على الطرق وتحفيزه والدعوة إليه بطرق مختلفة. وقد شهدت الفترة الأخيرة تطبيق بعض الأدوات الجديدة والفاعلة في مجال الضبط المروري، جاء على رأسها ما يسمّى "المرور السري" الذي تطبّقه الإدارات المرورية في الدولة، الذي يتم عبر تنظيم دوريات مرورية باستخدام مركبات مدنية يقودها رجال تحريات، بما يضفي عليها طابعاً من السرية التي تساعد على زيادة قدرة رجل التحريات على ضبط المخالفين لقواعد السير في الشوارع والطرق، من ناحية، وتدفع مستخدمي الطرق إلى الحرص المستمر على الانضباط وعدم المخالفة، من ناحية أخرى. ولعل هذه الدوريات الجديدة "المرور السري" تعدّ من أهم آليات ضبط حركة السير والمرور وأكثرها فاعلية، وقد يكون لها إسهام مهم في التراجع المشار إليه مسبقاً في معدلات الوفاة والإصابة نتيجة الحوادث المرورية، الذي تم رصده خلال الفترة الماضية، ولا شك في أن التوسّع في الاعتماد على هذه الآلية خلال الفترة المقبلة سيكون له دور إضافي في تحقيق المزيد من الضبط لحركة المرور والسير في الشوارع والطرق، وتحقيق أهداف السياسة المرورية في الدولة كلها، المتعلّقة بتقليص حجم الخسائر الناتجة عن الحوادث المرورية إلى حدودها الدنيا، سواء تعلّق ذلك بخسائر الأرواح أو الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الأضرار المادية التي تنتج عن تلك الحوادث. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.