في ذات الوقت تقريباً الذي كان فيه "الجمهوريون" مجتمعين في المؤتمر العام للحزب في تامبا- فلوريدا، قُتل" كريستوفر جيه. بيردويل" رقيب الجيش الذي يمضي دورة خدمته الثالثة في أفغانستان، في إحدى العمليات. يوم الثلاثاء، في نفس اليوم الذي بدأ فيه المؤتمر "الجمهوري" العام، أعلن الجيش عن اسم جندي آخر لقي مصرعه مع"بيردويل" هو جندي القوات الخاصة"مابري جيه اندرز(21 عاماً) من مدينة بيكر- ولاية أوريجون. وبالإضافة للجنديين المذكورين لقي جندي ثالث من التحالف لم يتم إعلان اسمه على الفور مصرعه في هجوم شنه المتمردون في شرق أفغانستان، في نفس اليوم. ويوم الخميس، اليوم الأخير في المؤتمر المشار إليه قام شخص يرتدي زي الجيش الأفغاني بقتل ثلاثة آخرين من جنود التحالف. في نفس صباح ذلك اليوم، وعندما كان "رومني" يراجع للمرة الأخيرة محتوى خطاب قبوله ترشيح الحزب "الجمهوري" له لخوض انتخابات الرئاسة القادمة، وصل جثمان الجندي"كانتو أوف كورونا" من ولاية ميتشجن إلى قاعدة "دوفر" الجوية. كان كانتو(20 عاماً) قد قُتل بعد وصوله لأفغانستان بأسابيع قليلة عندما ألقى أحد المتمردين بمواد متفجرة على سور القاعدة التي تعسكر فيها وحدته. ليلة الخميس، ألقى "رومني" أهم خطاب سياسي في حياته، أوضح فيه للأميركيين لماذا يريد أن يصبح رئيساً لهم، وكيف سيقود البلاد إذا ما فاز في الانتخابات... ولكنه لم يذكر أي شيء على الإطلاق عن الحرب في أفغانستان. السؤال هنا هو: هل سبق في أي فترة من فترات التاريخ أن كانت أميركا في حالة حرب، وكانت هذه الحرب غائبة مع ذلك عن المؤتمر العام للحزبين الذي يسبق الانتخابات، أو في الحملة الانتخابية؟ وفي نهاية شهر سبتمبر، سنجد أن 68 ألف جندي أميركي لا يزالون منتشرين في أفعانستان -أي قبل أيام من انطلاق الانتخابات الرئاسية- يقاتلون في أماكن نائية وتحت ظروف لا يمكن وصف مدى خطورتها( قتل 2100 جندي وفقاً لموقع" آيكاجوليتي. اورج" المتخصص بإحصاء الخسائر ما يزيد عن ثلثيهم في عهد أوباما) وعلى الرغم من أن الحرب في أفغانستان تبدو منسية تقريباً بالنسبة للعديد من الأميركيين، فإن هناك الكثير من النقاط والمسائل المتعلقة بها التي يتعين النقاش حولها وحول الطريقة التي ستدار بها خلال السنوات القليلة القادمة. قاد أوباما الحرب في أفغانستان بذلك النمط من القيادة الذي يسعى إلى الإمساك بالعصا من منتصفها. ففي عام 2009 أمر بإجراء زيادة كبيرة في أعداد الجنود الأميركيين في نفس الوقت الذي قام فيه بتحديد موعد للانسحاب النهائي لتلك القوات من أفغانستان. والسؤال الذي كان يطرح نفسه– ولا يزال- حول هذه النقطة هو: إذا ما كانت الاعتبارات الاستراتيجية تبرر ذلك الالتزام بنشر أعداد إضافية من القوات فهل من الحصافة أن يتم إعلان موعد محدد لسحب تلك القوات بصرف النظر عما إذا كان الهدف من نشرها قد تحقق أم لا؟ في الصيف الماضي نقض أوباما نصيحة للجنرالات بسحب 10 آلاف جندي من أفغانستان عام 2011 ثم سحب 23 ألف جندي إضافي بحلول هذا الصيف. ففي تعليق له في إحدى كلماته قال أوباما:" إن الحرب في أفغانستان تتراجع، وإن الوقت قد حان للتركيز على بناء الأمم في أميركا وليس الخارج". على الرغم من ذلك نجد أن قتل الجنود الأميركيين في أفغانستان يتواصل حيث بلغ عدد من قتل منهم في شهر يناير الماضي 34 جندياً وفي شهر فبراير24 جندياً، وفي مارس39 جندياً، وفي أبريل 39 جندياً وفي مايو45 جندياً وفي يونيو39 جندياً وفي يوليو46 جندياً، وفي أغسطس 53 جندياً. في بعض كلماته وجه "رومني" انتقادات لأوباما لقيامه بتحديد موعد للانسحاب، لأن ذلك أدى إلى تشجيع مقاتلي العدو وجعلهم أكثر جسارة على مهاجمة الأميركيين وتعهد- رومني- أنه إذا ما أصبح رئيساً فسوف يستمع لنصائح جنرالاته بشأن جدول الانسحاب. ولكنه وافق على الرغم من ذلك الاقتراح الذي تم قبوله من جانب "الناتو" والحكومة الأفغانية والخاصة بالتخلي عن مهمة القتال للقوات الأفغانية بنهاية عام 2014. وفي الحقيقة أن هذا الأمر يطرح عدة أسئلة: ما هي وتيرة السرعة التي سيتم من خلالها سحب القوات الأميركية من أفغانستان العام المقبل؟ . وما هو عدد المستشارين والمدربين من الضباط والجنود الأميركيين الذين سيتم إبقاؤهم في ذلك البلد لتولي مهمة تدريب أفراد الجيش، ومهمة الإشراف على عمليات مكافحة الإرهاب وتقديم الاستشارة لقيادته؟ لقد سئم الأميركيون من الحرب، وليس من الدهشة أن نرى المرشحين الرئاسيين غير راغبين في الوقت الراهن في تناولها، ولكن هل من الصواب أن نرسل جنوداً لساحة معركة شديدة الخطورة، ثم نتصرف بعد ذلك وكأنهم غير موجودين هناك؟ في كلمة له ألقاها منذ فترة ليست بالبعيدة، قال رومني" عندما يكون رجالنا ونساؤنا معرضين للخطر، فإنني أتوقع من رئيس الولايات المتحدة أن يخاطب الأمة بصفة منتظمة، ويشرح لهم ما الذي يحدث وما السبب الذي يدعو لترك هؤلاء الرجال والنساء من الأميركيين هناك؟ وما هي مهمتهم على وجه التحديد، وما مدى التقدم في تنفيذ المهمة؟ ومتى سيعرف الشعب أن تلك المهمة قد اكتملت؟ وأضاف "رومني" في ذات الكلمة: "إن رؤساء سابقين قد فعلوا ذلك، ولم نسمع رئيسنا الحالي يفعله"، أعتقد أن ما قاله رومني يمثل تقييماً منصفاً من جانب رومني... ولكني أعتقد في نفس الوقت أنه ينطبق أيضاً على الرجل الذي سيصبح رئيساً لنا. ـ ـ ـ ـ ـ فريد حياة كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة" واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"