عامهم الدراسي الجديد قد بدأ...ومنظرهم وهم بزيهم المدرسي يدعو للفرح، ويفتح أبواب السماء لدعوات بالتوفيق وأنْ يفتح الله عليهم بفتوح العارفين. ما يستجد من أسئلة في هذا القطاع الأهم، ماذا تحقق من منجزات، وإلى أي مدى يمكن اعتبار أن التعليم حقق قفزة نوعية بعد أربعين عاماً من عمر الدولة؟ فبعد أربعين عاماً، صار التعليم المجاني في مستوى لا يمكن وصفه إلا بأنه لا يحقق الأهداف المطلوبة، ولا يرتاد المدارس المجانية إلا أصحاب المشاكل، والذين تخشى من أن يؤثروا على غيرهم وصار الموظف سواء المواطن أو العربي أو الوافد فرصة سهلة ومتاحة، وهدفاً مهماً عليه تعيين هذه المدارس. ورغم غلاء المدارس الخاصة وتجاوزها للدخل لأصحاب المعاشات المتوسطة، فإن الوالدين يفضلون الاستثمار في أبنائهم حتى وأن كانت جوانب أخرى سيطالها التعسف. ولكن هل تتوازى الرسوم مع نوعية التعليم المقدم للطلاب في كافة المراحل؟ العاملون في مجال التعليم يقولون إن بناء مدرسة والحرص على نوعية مميزة من الكادر التعليمي ليس بالأمر السهل، وربما أيضاً يصعب معه عدم رفع الأسعار كل عام حتى يتسنى للمدارس أن تحافظ على مستواها العلمي. قد يكون مثل هذه الأحاديث حقيقي، لكن هل فعلاً هناك مستوى تعليمي متميز يحصل عليه طلاب المدارس الخاصة؟ لا نبحث أبدأً عن المستحيل حين نطالب بقفزة نوعية في قطاع التعليم، فلا ينقصنا الخبرات، ولا الإمكانيات، لذلك كان لابد من احترام هذا القطاع والحرص على تطويره المستمر. فليس من المعقول أن تشكو المدراس من ذات المشكلات كل عام، فالصيانة متأخرة والتكييف في حالة عطل، والكتب الدراسية غير متوافرة وغيرها من الأمور الفنية واللوجستية التي يفترض أن تكون قد انهيت أزماتها منذ أعوام مضت. ولعل ما فاقم المشكلات تحول المدارس إلى فكر تجاري، وصار هذا النوع من الأعمال يدر الكثير من الأموال مع غياب لجودة التعليم والبنية التعليمية. ففي الوقت الذي حولت فيه العقول الدراسية إلى مسرح وغابة ونظريات علمية في دول الغرب، لازلنا نناقش كلفة صيانة أبواب وأسقف الفصول الدراسية. ولازالت هناك جهود فردية رائدة من مديري المدراس والمعلمين في كل المجالات التربوية. لكنها تظل جهوداً جديرة بالإحتفاء والإقتداء لو التفت لها وأعطيت الاهتمام الكافي الذي تستحقه. من المعيب أن لا نتبنى رؤى أصحاب الفكر التربوي المستنير والخبرة التي من شأنها أن تطور كافة قطاعات التربية والتعليم دون الاستخفاف بالخبرات العربية والأجنبية، ولكن بحدود وبأسلوب يهدف إلى تطوير الخبرات الوطنية، وليس التعامل معها كعبء بدلاً من استثمارها. التعليم الحديث الذي لاينتهي، لاتنتهي همومه وشجونه التي لابد لها من حلول جذرية لها، من خلال إدارة متيقنة من أن المستحيل ممكن لو قررنا مواجهته!