ربما يؤدي رحيل رائد الفضاء الأميركي الشهير"نيل أرمسترونج"، قائد رحلة المركبة (أبولو-11)، وأول رجل يهبط على سطح القمر، إلى دفع الحركة الداعية لتسمية موقع الهبوط القمري"ترانكويليتي بيس"، كمعلم وطني تاريخي، إلى الأمام. فالحركة المعروفة بحركة المحافظة على التراث الفضائي، تكتسب الآن زخماً متزايداً داخل الولايات المتحدة، حيث تم في الآونة الأخيرة صياغة مشروع قانون لحماية "موقع هبوط المركبة أبولو على سطح القمر وجميع الأشياء والمتعلقات التي تركها رائدا الفضاء "نيل أرمسترونج" و"باز الدرين" خلفهما على سطح القمر، واعتبارها تراثاً وطنياً تزهو بها الصناعة الفضائية الأميركية. من كبار الداعين للمحافظة على موقع هبوط "أبولو 11” على سطح القمر البروفيسورة "بيث أوليري" أستاذة الأنثروبولوجيا المساعدة بكلية الفنون والعلوم التابعة لجامعة "نيومكسيكو" التي قالت في تصريح لها عقب وفاة رائد الفضاء الشهير:"لقد كانت تنتابني فكرة حزينة دوماً، وهي أنه عندما يرحل نيل أرمسترونج عن عالمنا فإن الكثير من الناس سيعتبرون موقع هبوطه على القمر منتمياً لفترة تاريخية أقدم". "أوليري" تريد من خلال تصريحها القول إن ذلك الموقع قد يتعرض تدريجياً للنسيان، فلا يعود أحد يحفل به، إذا لم يتم المبادرة إلى الاهتمام بحفظه من الآن. وكانت"أوليري" قد شاركت البروفيسورة "ليزا ويست وود" الأستاذة بجامعة "تشيكو ستيت يونيفرستي" و"دان لنجرن" عضو الكونجرس عن ولاية كاليفورنيا في صياغة مشروع القانون المشار إليه. وألقت "أوليري" المزيد من الضوء على تفاصيل القانون، فقالت "يوجد على سطح القمر 190 طناً من المواد الثقافية منها 106 تحف أثرية خاصة برحلة المركبة (أبولو-11) على وجه التحديد والجهد الذي نبذله حالياً، والذي يحتاج إلى المزيد من الدعم من الجهات المتخصصة يهدف للمحافظة على كافة الأشياء ذات القيمة التكنولوجية التي ساعدت على هبوط أرمسترونج والدرين على سطح القمر في تلك الرحلة التاريخية المشهودة". ومن المعروف أن أي ملكية عقارية يتم تصنيفها على أنها "معلم تاريخي وطني"، تصبح مؤهلة تلقائياً للترشيح للإدماج ضمن قائمة التراث العالمي للمنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو". ومن المعروف أن "أوليري" و"ويست وود" قد تعاونتا خلال السنوات الثلاث الماضية مع" المجلس العالمي للآثار والمواقع"، الذي يعتبر الهيئة الاستشارية لقائمة التراث العالمي من أجل الدعوة لاعتبار موقع هبوط المركبة "أبوللو" معلماً وطنياً تاريخياً، ومكوّناً من مكونات قائمة التراث العالمي. وقالت"أوليري" في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً" إن المواقع المدرجة على تلك القائمة في الوقت الراهن تشمل "مضيق تشاكو، وأهرامات الجيزة، وموقع ستونهينج وهو معلم أثري يعود لمرحلة ما قبل التاريخ ويوجد في مقاطعة ويلتشير جنوب غرب المملكة المتحدة... وهناك مواقع أخرى غير تلك المذكورة يتفق العلماء والمتخصصون على أنها مواقع تستحق الإدراج في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو... وقيامنا بوضع موقع هبوط أول مركبة فضائية على سطح القمر في هذه القائمة يعتبر اعترافاً منا بقيمتها التاريخية والعلمية الهائلة". وقالت "ويست وود" تعليقاً على رحيل رائد الفضاء الأميركي الشهير:" إن رحيل أرمسترونج قد أحزن العالم ما في ذلك شك، ولكنه سلط الضوء على أهمية المحافظة على موقع هبوط "أبولو" على سطح القمر، وعلى الآثار والأشياء التي خلفتها الرحلة وراءها، والتي تكتسب أهمية كبيرة للغاية كون أن تجربة الهبوط على سطح القمر قد شارك فيها 12 رجل فضاء فقط يمثلون نسبة ضئيلة على نحو مذهل من البشرية". وأضافت"ويست وود" إن هؤلاء الرواد الشجعان سوف يظلون معنا في هذه الحياة لفترة محدودة ثم يذهبون إلى العالم الآخر خلال جيل على أكثر تقدير، ولن يكونوا قادرين بعدها على الحديث عن تجربتهم الفذة ولا عن المغزى والأهمية التاريخية لإنجازهم الهائل". "ومن خلال المحافظة على المواقع – الكلام لا يزال لويست وود- التي تركوها وراءهم على سطح القمر، فإننا بمعنى من المعاني، نحافظ ليس فقط على الحدث التاريخي لأول هبوط على سطح القمر، وإنما على الذاكرة الحية لرواد فضاء تلك الرحلة الفارقة في تاريخ البشرية". وقالت"ليري" إنها و"ويست وود" تبذلان قصاري جهدهما في الدعوة أمام الكونجرس من أجل تأمين صفة "معلم تاريخي وطني" لموقع ترانكويليتي بيس،"ولكنهما تحتاجان إلى مؤيدين آخرين لمشروع القانون الذي قدمتاه في هذا الخصوص، حتى يمكن تمريره واعتباره قانوناً ملزماً. وقال "روجر لونيوس" كبير أمناء متحف تاريخ الفضاء في واشنطن دي سي:"اعتقد إن هناك خطوات عظيمة قد تحققت في هذا المجال خلال السنتين الماضيتين ولكنها مازالت خطوات غير رسمية على الطريق ولم تحصل بعد على وضعية القوانين التي تحمل قوة القانون وإلزامه". وأضاف "لونيوس":"ربما يتغير هذا الوضع خلال السنوات القليلة القادمة بصرف النظر عن الصيغة التي ستنتهي إليها جهود حماية تراث المركبة "أبولو 11” الموجود على سطح القمر... وفقدان شخصية تاريخية بطولية مثل أرمسترونج يجب أن يدفعنا للتفكير مجدداً في ذلك الحدث التاريخي ومضاعفة الجهود الخاصة بحفظ تراثه إلى الأبد". ليونارد ديفيد كاتب أميركي متخصص في شؤون الفضاء والطيران ينشر بترتيب خاص مع خدمة"كريستيان ساينس مونيتور"