نظام الأسد يتعامى عن الحقائق... وإسراف بريطاني في زمن الأزمة سباق محموم في الانتخابات الأميركية، وتطورات الحرب في أفغانستان، وإسراف البريطانيين على الرغم من عسر بلادهم الاقتصادي، وأصداء مقابلة وليد المعلم مع روبرت فيسك، موضوعات نعرض لها في قراءة أسبوعية للصحافة البريطانية. مأزق "رومني" في مقالها الافتتاحي المنشور يوم الأحد الماضي تحت عنوان "رومني أسير اليمين... هل ما زال بمقدوره الفوز؟" تناولت "الأوبزرفر" موضوع المؤتمر العام للحزب الجمهوري في تامبا- بولاية فلوريدا الذي تأجل يوماً عن تاريخ انعقاده الذي كان مقرراً الاثنين الماضي، والذي تقول الصحيفة إن محور تركيزه لن ينصب كما هو معتاد في مثل هذه المؤتمرات على اعتماد "ميت رومني" مرشحاً رسمياً للحزب في مواجهة الرئيس الحالي باراك أوباما، وإنما على موضوع آخر يشغل الحزب وقاعدته الانتخابية أكثر من أي شيء في الوقت الراهن، وهو موضوع هوية الحزب ذاتها، وما الذي يمثله على وجه التحديد. وتقول الصحيفة إن الشيء المعتاد في المؤتمرات العامة للحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة قبل الانتخابات هو أن يحاول مرشح كل حزب النأي بنفسه بقدر الإمكان عن الأفكار الضارة التي قد يتبناها ناشطو حزبه، والذي قد تؤثر على حظوظه في الانتخابات، ولكن الأمر ليس كذلك هذه المرة، على الأقل بالنسبة لرومني، الذي لن يكون لديه مثل هذه الرفاهية خصوصاً بعد اختياره لـ"بول رايان" كنائب له على تذكرته الانتخابية، لأن ذلك الاختيار في حد ذاته يدل على أن "رومني"، وبدلاً من أن ينجح في دفع الحزب ناحية الوسط، فإنه انجرف معه يميناً في نفس الاتجاه، الذي كانت تدفعه إليه حركة متطرفة مثل حركة "حزب الشاي". وترى الصحيفة أن سبب ذلك يرجع إلى أن "رومني" قد وجد نفسه- نتيجة لافتقاده البوصلة- غير راغب في أن يبدو في صورة المرشح الذي يسعى إلى التنصل من القاعدة الشعبية اليمينية لحزبه من ناحية، لأن هذا سوف يمثل نوعاً من التنصل من هوية الحزب ذاتها، وأن ذلك الشعور قد يجعله عاجزاً عن الاتجاه ناحية الوسط في بعض القضايا الحساسة التي يجيد "الديمقراطيون" التعامل معها، مما يحرمه من العديد من أصوات النساء وأصوات الأقليات وعلى وجه الخصوص الأقلية الأميركية من أصل إسباني بسبب خطابه بشأن الهجرة، واقتراحاته بشأن برنامج الرعاية الصحية "ميدي كير"، الأمر الذي يؤثر حتماً على حظوظه في نوفمبر المقبل. حرب عبثية "أفغانستان: الفوضى المشفرة بالألوان"، هكذا عنونت "الجارديان" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، والتي تناولت فيها الحادث البشع الذي وقع في قرية نائية بإقليم هلمند جنوب أفغانستان، حيث تم قطع رؤوس 12 رجلاً وامرأتين كعقاب لهم من جانب "طالبان”- كما قيل- على حضورهم حفل مختلط اشتمل على أغان وموسيقى ورقص. تقول الصحيفة إن هذا الحادث البشع والحادث الآخر الذي تم فيه قتل عشرة جنود أفغان على أحد حواجز التفتيش على أثر هجوم لمقاتلي "طالبان"، وكذلك الحادث الذي تعرض فيه جنديان أميركيان للقتل على أيدي أفغان على أثر مشادة حدثت بينهم أثناء دورية أمنية مشتركة. ترى الصحيفة أن هذه الحوادث التي وقعت خلال فترة قصيرة، تتناقض إلى حد كبير مع الرواية الرسمية التي تقدمها المصادر الأميركية ومصادر قوة المساعدة الأمنية "إيساف" للحرب في أفغانستان والتي تؤكد –الرواية– أن تلك الحرب تخف حدتها تدريجياً وأنها في طريقها للانتهاء، وأن قوات الجيش والشرطة الأفغانية قادرة على الاضطلاع بمهمة حفظ الأمن في البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية التي يمكنها بكل اطمئنان تسليم مهامها، والعودة إلى أوطانها من دون مشكلات تذكر. وأشارت الصحيفة إلى حوادث القتل التي تعرض لها عدد من المدربين الأميركيين على أيدي جنود أفغان يقومون بتدريبهم، وإلى التقرير الذي أعدته اللجنة التي أرسلها "البنتاجون" للتحقيق في تلك الحوادث، والذي خلص إلى أن تلك الهجمات التي يقوم بها "الخضر ضد الزرق"- في إشارة للألوان التي تختارها القيادة العسكرية الأميركية لتمثيل الدول الصديقة والدول المعادية أثناء المناورات العسكرية المشتركة- ترجع في الأساس إلى أزمة ثقة، وإلى اختلافات ثقافية وإلى الضغينة المتبادلة بين الأفغان والأجانب، والنظرة السلبية لدى كل منهما تجاه الآخ فقالت أن تلك الخلاصة، التي انتهت إليها لجنة التحقيق تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مهمة القوات الأميركية والدولية في أفغانستان قد فشلت فشلاً ذريعاً على الرغم من انقضاء عشر سنوات على غزو ذلك البلد البائس، كما تدل على أن إنهاء الحرب هناك وتسليم المهمة للقوات الأفغانية سواء من الشرطة والجيش، سوف يكون خياراً محفوفاً بالمخاطر، وقد يعيد الأمور في هذا البلد لما كانت عليه قبل الغزو حيث الجميع في حرب ضد الجميع. سوق زائفة على الرغم من الأزمة الاقتصادية... البريطانيون ما زالوا ينفقون كما لو كانوا غائبين عن الوعي"كان هذا هو العنوان الذي اختاره"، جيف راندال"لمقاله المنشور الاثنين الماضي في "الديلي تلجراف"، الذي بدأه بشرح ظاهرة اقتصادية تعرف باسم"السوق الزائفة"، فقال إن تلك السوق تنشأ عندما يتم تداول معلومات وبيانات زائفة ومضللة ومقصودة من قبل جهات مستفيدة بحيث تصبح تلك المعلومات والبيانات، أساساً تقوم عليه القرارات المتعلقة بالاستثمار بالنسبة لرجال الأعمال والتجار، بل والدولة كما تصبح أساساً، كذلك للقرارات الخاصة بالشراء والإنفاق للأفراد والعائلات. يرى الكاتب أن هناك في الوقت الراهن العديد من الأدلة على أن تلك السوق قد باتت قائمة بالفعل وأنها تلعب دورها المدمر حيث أدت إلى نشوء فجوة بين الإدراكات والتصورات لدى الأفراد والمنظمات وبين الحقائق على الواقع. فعلى الرغم من أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد ما زال يراوح في منطقة الركود، وأن أعداداً كبيرة من البريطانيين تعاني من البطالة، إلا أن تلك السوق الزائفة بما تخلقه من وهم كاذب، تدفع الناس إلى المزيد من الاستهلاك، كما لو كانوا غائبين عن الوعي مما يؤدي إلى تفاقم ديونهم الشخصية والعائلية وتفاقم مديونية الدولة ذاتها على المستوى الوطني، وهو ما يعد في نظره عملية سرقة من الأجيال الحالية للأجيال القادمة عن طريق حرمانها من الموارد، التي كان يمكن أن يتم تأمينها للمستقبل من خلال الإنفاق الرشيد. ومن أهم العوامل التي تتسبب في هذه الظاهرة في الوقت الراهن، كما يرى الكاتب هو أن نوعية المسؤولين الموجودين حالياً هم من نوعية السياسيين العاديين وليس من نوعية رجال الدولة فرجال الدولة كما قال ذات مرة السياسي البريطاني العتيد "بنيامين دزرائيلي"، هم الذين يهتمون بأجيال المستقبل في حين أن السياسيين العاديين هم الذين يهتمون بالانتخابات القادمة، بصرف النظر عن مستقبل الأجيال ومستقبل البلاد ذاتها. هراء محض "الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي ضد سوريا والآخرون مجرد أدوات لها"، اختار "روبرت فيسك" هذا التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال المقابلة المطولة التي أجراها معه- أول مقابلة يجريها المسؤول السوري مع صحفي أجنبي منذ أن بدأت الأزمة في سوريا- كي يصدّر به نص المقابلة الذي نشره في عدد "الإندبندنت" الصادر الثلاثاء الماضي، والتي كان أهم ما قاله وزير الخارجية السوري فيه إن 60 في المئة من العنف المندلع في سوريا في الوقت الراهن مصدره خارجي تقف وراءه الولايات المتحدة في الأساس. أما باقي الدول المتعاونة معه فهي مجرد أدوات. وعندما سأله "فيسك" وماذا عن إيران، وألا تعد كذلك من ضمن اللاعبين الخارجيين المسؤولين عن العنف؟ كان رد "المعلم" أن الوضع بالنسبة لإيران مختلف تماما، وأشار في معرض التدليل على وجهة نظره إلى دراسة أجراها معهد "بروكنجز" الأميركي، خلص فيها إلى أنه إذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تحتوي إيران فإنه يجب أن تبدأ من دمشق، وقال إن ذلك هو تحديداً ما تفعله الولايات المتحدة في الوقت الراهن، وإنه إذا تمكنت من التوصل لتسوية مع إيران، بأي طريقة من الطرق، فإنها ستسعى إلى تقديم المساعدة لإيقاف القتال الدائر في سوريا لأنه لن يكون له داع حينئذ. إعداد: سعيد كامل