انقسام الأميركيين العميق حول أمور مثل الرعاية الصحية، والضرائب، ودور الحكومة؛ شيء طبيعي، لأنها أمور تتعلق بسياسات يمكن نقاشها. لكنني عندما أرى عمق الانقسام الحزبي والعنصري والجيلي بشأن المواقف من العرب والمسلمين، أشعر بالخوف لأن القيم التي ندعي مركزيتها في تعريف أنفسنا كمجتمع باتت معرضة للخطر. وكشف استطلاع رأي تحليلي للمعهد العربي الأميركي أن العرب والمسلمين هم الأكثر عرضة لتصنيفات غير إيجابية (أقل من 5 من كل عشرة استطلعت آراؤهم)، والأقل نيلا لتصنيفات إيجابية (ثلاثة من كل عشرة) من بين كافة المجموعات الإثنية والدينية الأخرى التي شملها الاستطلاع. كما كشف الاستطلاع أن المسلمين هم أصحاب الدين الذين حصلوا على تصنيف سلبي صاف (40 في المئة آراء إيجابية، مقابل41 في المئة آراء سلبية). والسبب الرئيسي لهذه التصنيفات، هو الانقسام العميق في المواقف تجاه العرب والمسلمين بين الحزب الديمقراطي الذي يمثله أوباما، والجمهوري الذي يمثله رومني. فهؤلاء الذين يقولون إنهم سيعطون صوتهم لأوباما صنف 51 في المئة منهم العرب بشكل إيجابي و29 منهم صنفوهم بشكل سلبي. أما الذين يقولون إنهم سيصوتون لرومني فقد صوت 30 في المئة منهم إيجابياً للعرب وصوت 50 في المئة سلبياً. وعلى مستوى أعمق ثبت أن الانقسام الحزبي يرجع أساساً إلى انقسام جيلي وعنصري: فالمشاركون في الاستطلاع من فئة الشباب (بين 18 و29 سنة) منح 50 في المئة منهم العرب تصنيفاً إيجابياً و34 تصنيفاً سلبياً. وبالنسبة للمسلمين 53 إيجابياً و34 سلبياً. أما المشاركون في الاستطلاع من الشريحة العمرية الأكبر سناً (فوق65 في المئة) فمنح 26 في المئة منهم العرب تصنيفاً إيجابياً في حين منح 39 في المئة منهم العرب تصنيفاً سلبياً. ومنح 30 في المئة منهم المسلمين تصنيفاً إيجابياً و48 في المئة منحوهم تصنيفاً سلبياً. وهناك أيضاً فجوة بين المشاركين في الاستطلاع من البيض ومن الأقليات الأخرى. فقد تبين أن 38 في المئة فقط من البيض المستطلعة آراؤهم ينظرون للعرب نظرة إيجابية مقابل 51 في الأميركيين من أصل أفريقي أو إسباني أو آسيوي ينظرون للعرب نظرة إيجابية. كل ذلك كان له تأثير على قبول الأميركيين العرب والأميركيين المسلمين كمساهمين كاملين في المجتمع الأميركي. فعندما طُلب من المستطلعين وصف موقفهم تجاه تعيين الأميركي العربي في وظيفة حكومية، أعرب 54 في المئة من مؤيدي أوباما عن ثقتهم بقدرة ذلك العربي على القيام بمهام وظيفته، بينما أعرب 21 في المئة فقط عن اعتقادهم بأن الأميركي من أصول عربية "يمكن أن يؤثر ولاءه لجنسه العربي على الطريقة التي يؤدي بها مهام وظيفته". أما بالنسبة لمؤيدي رومني فوجدنا أن المواقف هي على عكس ذلك تماماً. وهذا الشك حيال العرب والمسلمين يرجع أساساً إلى التعصب والجهل. فالمؤكد أن الرأي العام تأثر بالحملة المناوئة للعرب والمسلمين خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً الحملة الهستيرية المناوئة للمركز الإسلامي في بارك 51، عام 2010، والتي أراد من خلالها بعض الجمهوريين دق إسفين أثناء انتخابات الكونجرس في 24 ولاية من أجل تمرير قوانين تحرم الشريعة، ومطالبة المسلمين الساعين للحصول على وظيفة عمومية بأداء قسم ولاء خاص، وهو طلب قبله ثلاثة من المترشحين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح عن الحزب في الانتخابات الرئاسية عام 2010. هذا بالإضافة إلى تلك المطاردة (تشبه "مطاردة الساحرات" في القرون الوسطى) التي قام بها بعض المشرعين الجمهوريين ضد الأميركي المسلم "هيل ستاف" وغيره من الموظفين الحكوميين. وإذا ما قارنّا بين نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهدنا هذا العام ونتائج استطلاعات الأعوام السابقة، فسنكتشف حقائق لافتة للنظر؛ منها أن هناك العديد من الأميركيين ممن لا يعرفون الفارق بين العرب وبين المسلمين، ويظنون أن الاثنين شيئاً واحداً وهذا يمكن استشفافه من النسب المئوية للتصنيفات الإيجابية والسلبية التي يمنحها المستطلعون للفئتين والتي تتقارب لحد كبير. وهناك حقيقة أخرى يمكن الخروج بها من المقارنة بين استطلاع العام الحالي واستطلاعات الأعوام السابقة، وهي أن هجمات 11 سبتمبر لم تكن السبب الرئيسي لتلك المواقف السلبية تجاه العرب والمسلمين الأميركيين. ليس هذا فحسب، بل نجد أن آراء الأميركيين تجاه الفئتين كانت أفضل في عام 2003 عن العامين اللذين سبقاه ثم استمرت في التحسن حتى2010 عندما وصلت الحملة المناوئة للمسلمين ذروتها فيما عرف بالحملة ضد المركز الإسلامي في بارك 51 . ففي ذلك العام حدث المنعطف الذي سجلنا عنده أقل نسبة قبول إيجابي في المواقف حيال العرب والمسلمين، حيث مالت التقديرات المناوئة أو السلبية قليلاً للأعلى، لكنها بقيت أقل مما كانت عليه عام 2003. الدرس الذي نخرج به من ذلك هو هذا الاتجاه السلبي ضد العرب والمسلمين إذا ما ترك من دون ضابط، قد يؤدي إلى اهتراء نسيج أمتنا، ويعرض للخطر قيم الانفتاح والإدماج التي جعلت من الولايات المتحدة أمة موحدة وقوية على الدوام. جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن