يمثل إنتاج المعرفة مطلباً من المطالب المحورية لإقامة مجتمع المعرفة، بل إنه يعدّ أحد أهم معايير تقدم المجتمعات، وأحد مؤشرات الرقيّ الإنساني، خاصة أن إنتاج المعرفة يعد الوجه الناصع لتطور البشرية، والعنصر المحوري ضمن عناصر الإنتاج، وفي صياغة الرؤى التنموية وتحديد الأهداف والغايات المستقبلية. ومن منطلق الوعي بهذه الحقائق تولي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير العنصر البشري اهتماماً خاصاً، ومن ثم تضع التعليم في قمة أولوياتها، وتحرص على الاستفادة بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة في تطويره وتفعيله والارتقاء به. وترى الإمارات أن تطوير التعليم والتدريب هو القناة الرئيسة للوصول إلى إنسان إماراتي قادر على الإسهام في تحقيق الأهداف التنموية لمجتمعه، وتسعى الدولة منذ نشأتها، وعلى مدار العقود الماضية، إلى بناء منظومة تعليمية متطورة ومتسقة مع المعايير العالمية بما تشتمل عليه من مناهج وأدوات وأساليب وكوادر تعليمية وإدارية، كما أنها لا تغفل في خضم هذا الزخم أن تكون المنظومة التعليمية في الدولة مستوفية للمعايير البيئية، من خلال بصمة بيئية متميزة للمدارس والمؤسسات التعليمية. وفي إطار جهود التطوير التي تبذلها الدولة للنهوض بقطاعها التعليمي، تأتي مبادرة "الصف الإلكتروني" التي يطبقها "مجلس أبوظبي للتعليم"، وهي المبادرة التي تقوم على تطويع التطبيقات التكنولوجية الحديثة، وجعلها وسيطاً من الوسائط التي تعتمد عليها العملية التعليمية، وإضفاء المزيد من الجاذبية إليها، وتشجيع الطلاب على الابتكار، وتعزيز مهاراتهم في البحث العلمي، وتعزيز معرفتهم باللغات الأجنبية، ناهيك عن تعزيز مهارات استخدام التكنولوجيا الحديثة، وهي جميعها تمثل أداة لبناء الكادر البشري الإماراتي القادر على الاضطلاع بدوره في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك المنافسة بفاعلية في أسواق العمل، سواء المحلية أو العالمية. وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة المذكورة قد بدأها "مجلس أبوظبي للتعليم" العام الدراسي الماضي، بتطبيقها في ست مدارس حكومية، وهو بصدد توسيع تطبيقها بعد أن أثبتت نجاحاً لافتاً للنظر لتشمل 15 مدرسة إضافية خلال العام الدراسي 2012/2013، وذلك كخطوة نحو التعميم الكامل للتجربة، التي أثبتت أن عوائدها الإيجابية لم تتوقف على الأداء التعليمي للمنظومة التعليمية فقط، بل إنها زادت من مستوى التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، وقد انعكس ذلك إيجابياً على المدارس التي طبقت التجربة عليها، حيث ساعدت في التغلب على العديد من العقبات التي كانت تمثل عائقاً أمام تحقيق أهداف المنظومة التعليمية في ظل طرق التعليم التقليدية. وتمثل مبادرة "الصف الإلكتروني" إحدى الأدوات المهمة التي يمكن استثمارها في بناء مجتمع المعرفة، كونها تمثل خطوة مهمة على طريق تطويع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خدمة الأهداف التنموية، ونشر المعارف الحديثة، وتعظيم استفادة المجتمع من الإمكانات الكبيرة التي كفلتها الدولة للبنى التحتية والتكنولوجية المتطورة، والدعم الذي تمنحه لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو الدعم الذي جعل المجتمع الإماراتي واحداً من أكثر المجتمعات جاهزية وقدرة على استخدام التكنولوجيا على المستوى العالمي، ولعل من شأن المبادرة المذكورة أن تزيد من الوعي المجتمعي بأهمية التكنولوجيا، وأن تكرس من الاستخدام النافع لها، بصفتها أداة للتطور المعرفي والبناء الاقتصادي والتنموي. ـــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.