في مراسم أقيمت أمام السفينة الحربية ويسكونسن المحالة للتقاعد، أعلن المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية ميت رومني اختياره عضو الكونجرس بول رايان لخوض الانتخابات معه على منصب نائب الرئيس، في خطوة يتوقع أن تنقل الجدل حول كيفية تقليص الإنفاق والدين الحكوميين إلى صدارة السباق على البيت الأبيض. وقال رومني عن رايان، في الحفل الذي أُقيم أول أمس السبت، إن "قيادته تبدأ من الشخصية والقيم... فبول رايان يعمل في واشنطن لكن جذوره تظل في جينزفيل بويسكونسن"، ثم أضاف أنه "أصبح قيادة فكرية في الحزب الجمهوري"، مشدداً على أن حملتهما ستركز على سبل إيجاد وظائف وعلى العمل من أجل حماية الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وإلغاء قانون الرعاية الصحية الذي أقرته إدارة أوباما الحالية. فمن هو رايان؟ وكيف ينظر إليه في دوائر النخبة السياسية الأميركية؟ بول رايان سياسي أميركي ينتمي إلى الحزب الجمهوري، وعضو بمجلس النواب في الكونجرس الأميركي منذ 13 عاماً. وكثيراً ما استشهد السياسي الشاب (42 سنة)، والذي يعد النجم الاقتصادي للمحافظين، بآراء مفكرين اقتصاديين وسياسيين من اليمين لتدعيم وجهة نظره في النقاشات العامة، لاسيما حول التغييرات التي يطالب بإجرائها على نظام الرعاية الصحية الأميركي، وفيما يتعلق بالميزانية والديون والضرائب والإنفاق الحكومي. وقد ولد بول ديفيس رايان عام 1970 في جاينسفيل بولاية ويسكونسن، حيث نشأ وترعرع، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة ميامي في ولاية أوهايو. وخلال التسعينيات عمل مساعداً لعضوين في مجلس الشيوخ هما على التوالي بوب كاستن (عن ولاية ويسكونسن) وسام براونباك (عن ولاية كانساس). لكن كاستن هُزم في عام 1992 من قبل روس فينجولد، فانضم رايان إلى فريق من "تمكين أميركا1"، وهي جماعة ضغط محافظة كانت قد تشكلت من قبل جاك كيمب وليام بينيت وجين كيركباتريك ويبر فين. ثم أصبح كاتب خطابات لدى جاك كامب الذي كان مرشحاً لمنصب نائب الرئيس على بطاقة المرشح الجمهوري روبرت دول في انتخابات الرئاسة لعام 1996. وبعد هزيمة دول وكامب أمام بيل كلينتون، انضم رايان إلى مكتب السيناتور سام براونباك من كنساس عام 1997. لكن بعد عامين من ذلك التاريخ انتقل رايان من موظف في مكتب لأحد المشرعين إلى مشرع يشغّل طاقماً من الموظفين؛ ففي عام 1999 فاز بانتخابات مجلس النواب عن الحزب الجمهوري في الدائرة الأولى بولاية ويسكونسن، وبعد فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2010، أصبح في يناير 2011 رئيساً للجنة الميزانية في مجلس النواب، حيث اختير من قبل حزبه للرد على خطاب أوباما عن حالة الاتحاد، كما لعب دوراً بارزاً في صياغة وتعزيز مقترحات الحزب حول الميزانية، وفي مناهضة مشروع أوباما لميزانية عام 2012. وقدّم رايان في إبريل الماضي خطة بعنوان "السبيل إلى الازدهار"، تضمنت تغييرات مثيرة للجدل حول الرعاية الطبية. وقد ساعدت مقترحاته وانتقاداته في إدخال تعديلات على خطة أوباما للميزانية. ويأتي اختيار رايان على بطاقة رومني ليلفت الانتباه على الفور إلى خطة الميزانية التي كان قد اقترحها سابقا، والتي تتضمن تخفيضات مثيرة للجدل في برامج الصحة والدعم الذي تخصصه للمسنين والفقراء، ومن ثم فمن المتوقع أن تشهد حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية نقاشاً حامياً حول إنفاق الحكومة ودورها في الحياة اليومية للأميركيين. ويوم السبت الماضي، قال رايان لحشد من المؤيدين أمام السفينة التي تحمل اسم ولايته: "نحن في لحظة مختلفة وخطيرة. الوقت ينفد منا ولا يمكننا أن نتحمل الواقع الحالي لأربع سنوات أخرى". كما سيجلب اختيار رايان نائباً لرومني قدراً من الحيوية والطاقة الشابة لقائمة الحزب الجمهوري، فيما يستعد نشطاء الحزب للتجمع في تامبا بولاية فلوريدا خلال وقت لاحق من الشهر الجاري في مؤتمر ينظمه الحزب لاختيار رومني رسمياً كمرشح رئاسي للجمهوريين. وجاء اختيار رومني لنائبه كخطوة جريئة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي خلال الأيام الأخيرة الماضية، تراجعه بفارق طفيف عن أوباما في سباق لا يزال متقارباً ويتركز بشكل أساسي على الاقتصاد الأميركي الضعيف والمنكمش. بيد أن رايان يعد من صقور اليمين في الحزب الجمهوري، وقد جاء اختياره على بطاقة رومني بإملاء من الزعماء المحافظين في الحزب، والذين يعتبرونه "شخصية ملهمة" ويمكن الاعتماد عليها. كما أنه كان الاختيار المفضل لحركة "حفل الشاي"، وهي الفصيل الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري، والتي تعارض فرض ضرائب جديدة، وتؤيد حكومة محدودة، وتتمتع بنفوذ واسع ساعد الجمهوريين على الفوز بالأغلبية في مجلس النواب في انتخابات 2010. وإذا ما قدّر للثنائي الجمهوري "رومني -رايان" الفوز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر القادم، فإن شاغل منصب نائب الرئيس في هذه الحالة سيكون أكثر حيوية وأعلى كاريزما من الرئيس الذي يقال إنه يعاني مصاعب في التواصل بالآخرين، مما سيكسب أهمية إضافية للمنصب. فنائب الرئيس في النظام السياسي الأميركي يحل في المرتبة الأولى بعد الرئيس، ويضطلع بدور أساسي في مؤسسة الحكم، حتى وإن لم يكن يتولى رسمياً أي دور تنفيذي. لكنه يترأس شرفياً مجلس الشيوخ، علاوة على مهمات أخرى هو من يحددها ويطلع بها. فقد أشرف آل غور، نائب الرئيس الأسبق بيل كلينتون، على برامج مهمة في مجال تكنولوجيا المعلومات والبيئية، بينما كان لديك تشيني، نائب الرئيس بوش، سلطات أكبر من السلطات التي منحت لأي من أسلافه. ومن المؤكد أيضاً أن بول رايان، السياسي الخطيب والجسور في يمنيته، من النوع الذي يستطيع إضفاء الأهمية على منصبه! محمد ولد المنى