اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير نشرته سابقاً أن السياسة الخارجية في حملة المرشح ميت رومني ليست أولوية بالنسبة له، بل نقلت تصريحاً لمن وصفته بأنه خبير جمهوري في السياسة الخارجية ينتقد فيه رومني للطريقة التي يصوغ بها خطابه حول القضايا الخارجية. والحقيقة أن هذه الانتقادات منبعها بعض المستشارين ضمن الحملة الانتخابية لرومني نفسه، والذين يعارضون الآراء والمواقف الأكثر تطرفاً ويمينية في حملته، مثل التصريحات التي قال فيها إن روسيا هي "العدو الجيواستراتيجي الأول لأميركا"، واقتراحه تأجيل الانسحاب من أفغانستان، أو تلك التي يعلنها بعض مستشاريه المحافظين مثل "جون بولتون" المعروف بمواقفه المتشددة. بل الأكثر من ذلك لم يعطِ رومني نفُسه فرصة للمعتدلين داخل الحزب للتعبير عن مواقفهم فيما يخص قضايا السياسة الخارجية، الأمر الذي جعلهم ينتقدون مواقفه علناً. وعلى سبيل المثال فقد تم تهميش المعتدلين في صياغة الورقة البيضاء التي أعدها رومني حول السياسة الخارجية، والتي خُطت بشكل حصري تقريباً من قبل صقور الحزب الجمهوري الذين راحوا يعاكسون مواقف أوباما في كل القضايا المطروحة، سواء تعلق الأمر بالصين، أو بإسرائيل، أو بإيران... هذا بالإضافة إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها رومني لإسرائيل وبولندا والتصريحات القاسية التي أدلى بها هناك والتي فُهمت على أنها انتقاد لسياسة أوباما وتفضيله الجمع بين القوتين الصلبة واللينة، باعتبار رومني أحد أقطاب التيار المحافظ في الولايات المتحدة. لكن المشكلة التي تبينت لي من خلال محادثاتي مع مستشاري رومني والعديد من الموظفين، لا تكمن في الاختلافات الأيديولوجية التي قد تفرق مساعديه بقدر ما تكمن في المسائل التنظيمية. فأغلب خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري، أو من الذين يميلون للتيار المحافظ، يعانون كثيراً للوصول إلى رومني ولفت انتباهه. فهو يفتقد إلى رجل مقرب يسمع منه بشكل مباشر دون وسائط ويدير عملية التواصل مع وسائل الإعلام وصياغة قضايا الأمن القومي، ويتدبر مسألة بث الأفكار والمواقف في الخطابات والحوارات التي يدلي بها إلى الصحافة. فحملة رومني تتوفر على عدد من المتحدثين في السياسة الخارجية، لكنهم لا يرقون إلى مستوى الخبراء المقربين. ومع أن المخططين في الحزب الجمهوري يراهنون على ضعف الاهتمام الشعبي بالسياسة الخارجية واحتلالها موقعاً متدنياً ضمن سلم الأولويات، فإن رومني سيحتاج إلى مواقف واضحة في الشؤون الدولية ما أن يتقدم السباق الانتخابي، ويتعين عليه تسويق نفسه كقائد صلب وحازم... وباختصار يتعين على رومني تغيير أسلوبه في مقاربة السياسة الخارجية وإدخال بعض التعديلات المهمة. وفي هذا السياق تمكن الإشارة إلى ثلاثة أمور يمكنه من خلالها تطوير خطابه حول السياسة الخارجية: أولاً عليه أن يختار خبيراً في العلاقات الدولية يرافقه على مدى حملته الانتخابية يتمتع بالتجربة والكفاءة اللازمتين. ثانياً ينبغي أن يختار بعض قضايا السياسة الخارجية لتصبح موضوعه الذي يركز عليه في خطاباته (مثل مسألة الدفاع والعلاقات مع الصين، بالإضافة إلى عدم التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم). ثالثاً يتعين على رومني تعيين متحدث باسمه في القضايا الدولية ليتواصل مع الإعلام، خاصة مع الصحفيين المبتدئين الذين لا يغطون في الغالب السياسة الخارجية. جينفر روبين كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيج نيوز سيرفس"