هل يريد أي من أوباما أو رومني، أن يفوز حقاً بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل؟ الإجابة على هذا السؤال هي أن الاثنين لا يريدان أن يخسرا تلك الانتخابات. والمنافسة بين الرجلين حادة لأن أوباما من ناحيته يدرك أن التاريخ غالباً ما يحكم على الرؤساء الذين أمضوا فترة واحدة في الحكم بأنهم فاشلون، أما بالنسبة لرومني فإن قدرته على المنافسة الشديدة ترجع إلى أنه قد أمضى الجزء الأكبر من العقد الماضي في السعي من أجل تحقيق الإنجاز الذي لم يتمكن والده من تحقيقه. ولكن في الوقت الذي يعاقب فيه الرجلان نفسيهما، ويكيلان الضربات الموجعة المتتالية لبعضهما بعضاً في هذه الحملة الكئيبة والمرهقة، علينا أن نتساءل: ما مدى سعادة الفائز عندما يستيقظ يوم الأربعاء الموافق السابع من نوفمبر؟ وما هي الأشياء التي سيأمل في تحقيقها على مدى الأربعة أعوام التالية؟ كان من الواضح منذ مدة طويلة أن أوباما يحتمل بالكاد بعض الجوانب في وظيفته التي كان بعض سابقيه في المنصب (بيل كلينتون مثلًا) يستمتع بها: مثل الأحاديث غير الرسمية مع السياسيين الآخرين، والتواصل مع القادة الأجانب، والتعايش مع اللعبة السياسية. وكان الوعد الكبير الذي قدمه أوباما في حملته الأولى، وهو التسامي على استقطابات السياسة وتحويل مسار واشنطن، قد فشل بسبب تداعيات الركود الكبير، وعناد الحزب الجمهوري المدفوع من حركة حفل الشاي، وافتقاره للجرأة والشجاعة في كثير من اللحظات المحورية. وهكذا فإنه حتى بعد أن أمضى أربع سنوات في الحكم، يمكن القول إن أوباما يخوض حملة مختصرة وتقليدية إلى حد كبير، من خلال الدمج بين التقارب مع جماعات المصالح التي يمكن الاعتماد عليها، وبين ترديد العبارات المعتادة عن الطبقة الوسطى التي لن تقدم تفويضاً نافعاً للحكم، ولكن تقدم له قبل كل شيء الفرصة للنيل من خصمه والتشكيك في قدراته. أما فيما يتعلق برومني فيمكن القول إن الرجل قد أعاد نمذجة نفسه تماماً منذ تلك الفترة التي كان يقدم فيها نفسه كحاكم معتدل لولاية ماساشوسيتس -وذلك عندما قام بدعم نظام الرعاية الصحية الشاملة، وحقوق الإجهاض، ووضع حد أعلى للانبعاثات الكربونية مع المتاجرة بالفارق كحل مقترح للتعامل مع مشكلة التغير المناخي، وفرض حظر على شراء واقتناء الأسلحة الهجومية، إلى درجة تدفع المرء للتساؤل عن ماهية الأشياء الحقيقية -التي يؤمن بها حقاً- التي ما زالت بداخله. وإذا ما شئنا وصف حملته فإننا يمكن أن نقول إنها مزيج من أساليب الإهانة الموجهة للخصم، واستخدام الكليشيهات، مثل الحديث الدائم عن عظمة أميركا، وعن رجال أعمالها العظماء الذين يخلقون الوظائف. وإذا ما كان ميل رومني الحقيقي عندما يصبح رئيساً هو أن يعود إلى شخصيته أيام كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لـ"بين كابيتال" أي تلك الشخصية الإدارية، صاحبة القدرات والمواهب التي تمكنها من إيجاد الحلول للمشكلات، فإن من المتوقع في هذه الحالة أن يصاب بخيبة أمل وإحباط تماماً مثلما حدث مع أوباما. فالديمقراطيون يستعدون لتحدي شرعيته بناء على قوانين هوية الناخبين المفروضة من قبل الحزب الجمهوري وهي قوانين ذات تأثير عنصري متفاوت في الوقت الذي ستظل فيه الغالبية العظمى من الجمهوريين أكثر اهتماماً بالنقاء منها بالتقدم. أما إذا ما اختار التحول إلى العقيدة القائلة بأن إيرادات الحكومة يجب أن تتناقص على نحو مطرد، فإن رئاسته ستفشل حتماً وتجر البلاد معها للسقوط. ومن واقع ما فعله أوباما وقاله على مدى الأربع سنوات الماضية، فقد بات لدينا إحساس أكثر وضوحاً بشأن ما سيحاول عمله في ذلك الجزء من مهام الوظيفة الذي يحبذه -صياغة السياسات وتنفيذها- إذا ما فاز بفرصة ثانية. ولكن هناك احتمالاً لأن يصبح عرضة للاحتواء من قبل الكونجرس خلال السنوات الأربع القادمة تماماً مثلما كان خلال السنتين الماضيتين، ولكن بدرجة أكثر صرامة نظراً إلى أنه سيكون مقيداً بالدين والعجوزات. والاعتراف بهذه الحدود يمثل سبباً يجعل من المتعين عليه أن يقدم على الأقل -معظم- أجندة فترة الولاية الثانية -بحيث يصبح احتمال فوزه بفترة ولاية ثانية احتمالًا حلواً ومراً في ذات الوقت. والخلاصة التي يمكننا الخروج بها مما سبق هي أن الدافع الوحيد الذي يظهر بوضوح أمام الناخبين هو الرغبة في إيقاف المرشح الآخر أي المرشح الذي لا يحبذون انتخابه، وذلك من خلال وضع ذلك المرشح موضع الإدانة الدائمة. وإذا ما استمر هذا النمط بعد انتهاء المؤتمر العام للحزب فإن ذلك سيكون هو الشيء الذي سيدفع الناخبين للذهاب لمراكز الاقتراع في نوفمبر. هي انتخابات معوقة إذن. فكل مرشح من المرشحين لا يبوح سوى بالقليل عما ينوي عمله في المنصب ولكن المؤكد أن أياً منهما لا يبذل الجهد الكافي لتكتيل الأميركيين العاديين من أجل خلق رؤية إيجابية وأجندة واضحة للسنوات الأربع القادمة. والسبب المنطقي الذي يدعو كلا المرشحين لذلك هو الشبح المخيف المتعلق بانتصار الطرف الآخر. قد يكون ذلك سبباً كافياً في حد ذاته لاجتذاب الناس لصناديق الانتخابات، ولكنه يصلح أيضاً في تفسير السبب الذي جعل الانتخابات على ذلك الشكل الذي يدعو للإحباط. وهكذا فإن الناخبين سيكونون غير سعداء في يوم الامتحان بنفس الدرجة من عدم السعادة التي سيحس بها المرشح صبيحة اليوم التالي للاقتراع. فريد حياة كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"