ليس مصادفة أن يخص المرشح الجمهوري، ميت رومني، لندن بالزيارة الأولى في جولته التي تحمله إلى ثلاث دول وتمتد سبعة أيام، في الوقت الذي تبدأ الألعاب الأولمبية بالمدينة ذاتها. فبحضوره حفل افتتاح الألعاب الصيفية في العاصمة البريطانية وإجرائه بعض اللقاءات مع شخصيات بارزة، يأمل رومني تذكير الناخبين في الوطن بأنه كان الشخص الذي أنقذ الألعاب الشتوية لمدينة "سالت ليك سيتي" عام 2002، وبالتالي فهو الرجل القادر على حل المشكلات الأميركية. والحقيقة أن الغاية الكبرى لرومني من الزيارة هي إثبات مؤهلاته كرجل دولة وإظهار قدرته على ارتداء وشاح القيادة، سواء في أميركا أم في العالم. كما أراد رومني إيصال رسالة بشأن القيم التي يتبناها في مجال السياسة الخارجية من خلال طبيعة الدول التي اختار زيارتها، وهي بريطانيا وإسرائيل وبولندا. فالبلدان الثلاثة هي من ركائز الحرية والديمقراطية في العالم حسب ما صرح مدير حملته الانتخابية، وهي تقتسم مع الولايات المتحدة العديد من المشتركات والقيم، الأمر الذي حرص مدير حملة رومني، "لانهي تشين"، على تأكيده قبل بدء الرحلة، قائلا إن "الزيارة لتلك البلدان الثلاثة تمثل فرصة بالنسبة لنا لنظهر موقفنا الثابت تجاه الدول التي تقتسم معنا القيم وتملك القوة والقدرة على الدفاع عنها". وكما كانت المحطة الأولى في الزيارة، أي لندن في أوج الاحتفال بالألعاب الأولمبية، بغرض إيصال رسالة واضحة للناخبين في أميركا، فالأمر نفسه ينطبق على المحطتين التاليتين. فبعد لندن يطير رومني إلى إسرائيل، والهدف هناك هو حشد التأييد له في أوساط المسيحيين الإنجيليين بأميركا، وربما انتزاع جزء من الأصوات اليهودية التي ذهبت لأوباما في الانتخابات الماضية، وذلك من خلال تأكيد مساندته للدولة العبرية والتلميح لما اعتبره رومني معاملة أقل من جيدة لإسرائيل في بعض القضايا، وهي أيضاً فرصة لإظهار الإعجاب التقليدي بالديمقراطية الإسرائيلية التي تشترك مع الولايات المتحدة في عدد من القواسم والمشتركات، ولتجديد الالتزام مرة أخرى بالدفاع عنها وحمايتها. ورغم ما قد تثيره الزيارة من جدل في المنطقة، بسبب عملية السلام المتعثرة والمصاعب التي تواجه السلطة الفلسطينية حالياً، فإن ما يهم رومني هو تعزيز حظوظه في الانتخابات المقبلة وحشد تأييد قطاع واسع من المساندين لإسرائيل. أما بولندا التي يود أن يختم بها زيارته الخارجية، فتحمل هدفين، هما مباشر وغير مباشر؛ إذ يريد رومني القول إنه يقف مع أوروبا الشرقية، لاسيما تلك التي انعتقت من الاتحاد السوفييتي السابق وسارت على درب الديمقراطية والحرية، وهي أيضاً رسالة إلى أوباما بأن رومني ليس متحمساً لسياسته مع روسيا والقائمة على إعادة ضبط العلاقة، خاصة بعدما فشلت تلك السياسة في استقطاب روسيا للجانب الأميركي بشأن القضايا المعلقة. لكن الهدف المباشر والحقيقي يكمن في اجتذاب أصوات الكاثوليك في أميركا، لاسيما الكاثوليك من العرقيات الأخرى الذين يشكلون كتلة تصويتية مهمة في بعض الولايات التي قد ترجح الكفة لصالحه، مثل أوهايو وميتشيجان. ورغم ذلك لا يتوقع من رومني أن يستغل زيارته لتوجيه انتقادات علنية للسياسة الخارجية لأوباما، ليس فقط لأنه من غير اللائق أن يوجه مرشح انتقادات للقائد الأعلى للقوات المسلحة من الخارج، بل أيضاً لأنه يدرك بأن شعبية أوباما ما زالت مرتفعة في العديد من مناطق العالم. هوارد لافرانشي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"