تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى إقليمياً، والرابعة عالمياً في مجال الأمن الإلكتروني، وفقاً لـ"التقرير السنوي للتنافسية العالمي 2012" الذي يصدره "المعهد الدولي للتنمية الإدارية"، ما يعد مؤشراً إلى فاعلية الجهود التي تتخذها الدولة لحماية البنية التحتية التقنية والمعلوماتية. فهذا الإنجاز الذي حققته الإمارات، وتفوقت فيه على العديد من دول العالم المتقدمة، يشير بوضوح إلى أنها تمتلك استراتيجية متكاملة لحماية أمنها الإلكتروني، الأمر الذي يعزز من قدراتها التنافسية، ويرسخ من مكانتها كبيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، خاصة بعد أن أصبحت هناك علاقة وثيقة الصلة بين أمن المعلومات والعملية الاستثمارية في الاقتصاد المعاصر، فالدول التي تمتلك بنية تحتية آمنة من شبكة المعلومات والاتصالات باتت أكثر قدرة على جذب الاستثمارات الخارجية. وتولي الدولة اهتماماً بالغاً بتوفير مختلف أوجه الحماية الإلكترونية لبنيتها التحتية الرقمية والمعلوماتية، خاصة بعد انتشار الجرائم الإلكترونية في الآونة الأخيرة، وتطور الهجمات التي يشهدها الفضاء الإلكتروني على أيدي قراصنة الكمبيوتر، كمحاولة سرقة الرموز البنكية، أو الأرقام السرية لحسابات العملاء، وتنامي عمليات التخريب والتجسس على المؤسسات من خلال من يعرفون بـ"الهاكرز"، وهي الجرائم التي أصبحت تمثل تحدياً بالغ الخطورة على الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يتطلب تطوير الأمن الإلكتروني، وتفعيل جهود قدرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتعامل مع هذه النوعية من الجرائم. وعلاوة على ما سبق، فإن الاهتمام بالأمن الإلكتروني يتماشى مع توجه الدولة نحو تعميم التعاملات الإلكترونية في مختلف الوزارات والمؤسسات المختلفة من منطلق مواكبة ما يحدث في العالم المتقدم، والذي أصبح يركز في السنوات الأخيرة على كيفية الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتحسين الثقافة الرقمية، التي باتت وثيقة الصلة باقتصاد المعرفة، وهذا ما تدركه دولة الإمارات التي تعمل على تطوير البنية المعلوماتية والرقمية، وجعلها أكثر قدرة على التكيف مع اقتصاد المعرفة. ولعل من المؤشرات المهمة في هذا الشأن تزايد حجم النمو السنوي للتجارة الإلكترونية في الإمارات، فحسب شركة "فيزا" العالمية المتخصصة في حلول الدفع، فإن الإمارات تتصدر دول الخليج في الإنفاق على التجارة الإلكترونية، وتستحوذ على نحو 60 في المئة من مجموع المبيعات الإلكترونية، كما تحتل مركز الصدارة في استضافة كبرى الشركات العالمية التي تدير طلبياتها عبر "الإنترنت" مع كبرى الشركات العالمية، وعلى رأسها شركات السيارات والإلكترونيات العالمية. لقد حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في تطوير أنظمة الأمن الإلكتروني، بفضل الإجراءات المهمة التي اتخذتها، فقد تبنّت أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، وفي الوقت نفسه اعتمدت أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة، كما عملت على تحسين قدرة أفراد المجتمع على استخدام الخدمات الإلكترونية عبر برنامج "المواطن الرقمي" الذي يهدف إلى محو الأمية المعلوماتية لكل فئات المجتمع. وعلاوة على ذلك فقد أصدرت أول قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات في دول الخليج، بهدف حماية أنظمة المعلومات والوثائق التي تنشرها الدوائر والمؤسسات الحكومية على شبكة "الإنترنت". هذا في الوقت الذي تقوم فيه "هيئة تنظيم الاتصالات" بدور توعوي مهم بشأن الطرق الآمنة لاستخدامات "الإنترنت" والبيانات المقدّمة عبر المواقع الإلكترونية، كما قامت الهيئة بإنشاء مركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي بهدف تحسين معايير أمن المعلومات وممارساته، وحماية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في الدولة، فضلاً عن تسهيل الكشف عن مخاطر "الإنترنت" واختراقاتها، ومنع حدوثها، وتوفير الاستجابة الضرورية لها.