Middle East Quarterly فهم سوريا وهدم الأهرام ------------ اشتمل العدد الأخير من فصلية Middle East Quarterly على طائفة من الموضوعات المهمة، فتحت عنوان "فهم الموقف في سوريا"، يرى كل من أيمن جواد التميمي وأوسكار سفادكوفسكي، أن الفكرة السائدة بين صناع السياسة والمحللين الغربيين هي أن سوريا عبارة عن أمة تضم خليطاً متنوعاً من الأقليات يشكل الدعامة الأساسية للنظام الحاكم، ويقف إلى جانبه في مواجهة الانتفاضة، وأن سبب تأييد تلك الأقليات للنظام يرجع لخوفها من المصير المجهول الذي يمكن أن تواجهه إذا ما سقط. ويرى الكاتبان أن تطورات الوضع الداخلي في سوريا تشير إلى أن هذا العامل الذي كان سبباً من ضمن أسباب بقاء النظام، قد تغير خصوصاً بعد أن زاد حجم المقاومة المسلحة، وتعرض النظام لضربات موجعة، كان آخرها الضربة القاصمة التي طالت عدداً من أعمدة النظام الرئيسية. فتلك الضربات في رأي الكاتبين جعلت جزءاً معتبراً من تلك الأقليات يتردد في الاستمرار في دعم النظام الذي تشير كافة الدلائل إلى أنه بات على وشك السقوط. وتحت عنوان "دعوات لهدم الأهرامات"، يعلق ريموند إبراهيم على التقارير التي وردت في وسائل إعلام عربية عن دعوة رجال دين بارزين من التيار السلفي لهدم أهرامات الجيزة التي يرونها "رموزاً للوثنية"، ويقول إن تلك الدعوات التي كانت بدايتها مطالبة سلفيين بتغطية تلك الأهرامات بالشمع، وصلت الآن إلى حد مطالبة الشيخ عبد اللطيف المحمود، الرئيس الروحي لأهل السنة والجماعة في البحرين، للرئيس المصري مرسي بالعمل فوراً على هدم الأهرامات واستكمال ما عجز عمرو بن العاص عن عمله! ويطالب كاتب المقال الجهات المختصة في العالم كله بالتصدي لتلك الدعوات وعدم السكوت كما حدث أثناء هدم تماثيل بوذا على أيدي "طالبان"، لأن الأهرامات تمثل تراثا خالدا للحضارة الإنسانية كلها. ------------- نانسي فرايزر في العدد الأخير من شهرية "لومونددبلوماتيك"، تناقش نانسي فرايزر مسائل "المساواة والهويّة والعدالة الاجتماعيّة"، على ضوء الوضع الذي أصبح عليه الصراع الطبقي في مواجهة المطالبة بالاختلاف، مبينة أن المطالبة بالحدّ من الفروقات كانت دائماً تعني المطالبة بالمساواة في توزيع الثروة، إلاّ أنّ نوعاً جديداً من المطالبة بدأ منذ عقود يضع المساواة في صيغة احترام الاختلاف وهويّات الأقليّات ومكافحة التمييز... فهل يمكن تحليل العلاقة بين هذين المفهومين، من أجل أن يعزّز أحدهما الآخر؟ وفي معرض إجابتها تتوقف الكاتبة عند المفهومين، قائلة إن أولهما يشير إلى انعدام المساواة الاجتماعية، والذي ينتج عن بنى المجتمع الاقتصادية؛ ويتّخذ شكل الاستغلال أو الحرمان. فيما الثاني ذو طبيعة ثقافية أو رمزية، وينبع من نماذج التعبير الاجتماعيّ عن الذات، والتي تفرض قوانينها التفسيريّة وقيمها، وتسعى لإلغاء الآخرين، فتولِّد الهيمنة الثقافية وعدم الاعتراف بالآخر أو حتّى الازدراء. على أن الكاتبة تنتقد المدافعين عن نموذج الهوية عندما يعالجون الانتقاص في الاعتراف بالذات على أنّه إجحاف يأتي فقط من القيم الأيديولوجية والثقافية، حيث يغفلون أحياناً أسسه في البنى الاجتماعيّة، وينصرفون عن قضيّة انعدام المساواة الاقتصاديّة، مركزين جهدهم على تحويل الثقافة كحقيقة بحدّ ذاتها! وتحت عنوان أيّها المعماريون... لا تكسروا شيئاً!"، يعارض فيليب بوفيه تدمير الأبنية القديمة لتشييد عمارات "خضراء" مكانها، مشيراً إلى أن هدم المساكن وإعادة إعمارها، أصبح أفقاً وحيداً للسياسات العمرانية في أغلبية الدول الغربية. لكن إزالة مجمّعات سكنيّة مرصوصة دون السعي إلى تحديثها يطرح مشاكل اجتماعية وبيئية. كما أنه، وخلافاً للأفكار الشائعة، فإن تدمير مساكن لتشييد غيرها أكثر توفيراً لا يمثّل ربحاً بيئيّاً، بل إن عملية هدم وإعادة بناء أحد المباني يكلف طاقةً تعادل ما سيستهلكه لاحقاً لمدة 25 إلى 50 سنة. لذلك يبقى من الأفضل دائماً، في رأيه، إعادة التأهيل بدل التدمير.