قراءة صينية في الحالة العراقية... وإطار جديد للمهمة الأفغانية --------- دروس من العراق لسوريا، وسطوة لوبي الأسلحة في أميركا، ورهن المساعدات الدولية لأفغانستان بالتقدم على صعيد محاربة الفساد، وإعادة تشغيل المفاعلات النووية في اليابان بعد كارثة "فوكوشيما"... موضوعات أربعة نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الدولية. --------- "دروس من العراق" صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الأربعاء على سلسلة التفجيرات التي هزت 19 مدينة عراقية يوم الاثنين وأسفرت عن مقتل 111 شخصاً وجرح 235 آخرين على الأقل. تفجيرات تقول الصحيفة إن حصيلتها، التي تعد الأثقل منذ عامين، تُبرز تأثيرات حرب العراق، و"ينبغي أن تشكل رسالة تحذير للأشخاص الذين ما زالوا حريصين على تغيير نظام آخر بالقوة في الشرق الأوسط". وفي هذا الإطار، تقول الصحيفة إن العراق عالق في مستنقع من اللااستقرار السياسي والانقسام الطائفي والعنف منذ انسحاب القوات الأميركية من البلاد في ديسمبر الماضي. والحال أنه عندما أنهى أوباما الحرب على عجل، تضيف الصحيفة، وصف الانسحاب باعتباره لحظة نجاح و"إنجازاً استثنائياً" بالنسبة للولايات المتحدة. وتقول الصحيفة إنه إذا كان النظام في العراق قد تغير، فإن ما حدث يوم الاثنين -ويحدث في أعقاب انسحاب القوات الأميركية- يُثبت أن البلاد أبعد ما تكون عن الأمن والاستقرار. وخلافاً لمزاعم بعض المسؤولين الأميركيين من أن العراق بات قادراً على حكم نفسه بنفسه، تتابع الصحيفة، فإن الأمن والاستقرار ما زالا يمثلان نوعاً من الترف بالنسبة للشعب العراقي الذي يكتوي بنار العنف، والذي دفع وما زال يدفع ثمناً باهظاً بسبب ما يسميه أوباما "حرباً غبية" لأنه لا أحد يعرف متى سينتهي كابوسها. وترى الصحيفة أن الواقع الصعب في العراق كافٍ لتحطيم الأساس الذي تقوم عليه فكرة تدخل خارجي غير مبرر يهدف إلى تغيير نظام بالقوة، مهما تكن الذرائع والأسباب، مضيفة أن أي محاولة لفرض تغيير مماثل للنظام في بلدان أخرى، قد لا تأتي بنتائج عكسية فقط، وإنما ستؤدي أيضاً إلى سلسلة من ردات الفعل غير المرغوب فيها. ثم ختمت افتتاحيتها بالقول إن لدى المجتمع الدولي مسؤولية لمنع تكرار مآس مثل مأساة العراق في بلدان أخرى، مضيفة أن الدرس في بلاد الرافدين يشير إلى أن تغيير النظام بالقوة يمكن أن تكون له عواقب مدمرة بالنسبة للمنطقة، ويهدد الأمن العالمي، ويحبط الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب. السلاح في أميركا صحيفة "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء على المذبحة التي وقعت الأسبوع الماضي أثناء العرض الافتتاحي لفيلم "باتمان" الجديد بإحدى قاعات السينما في ضواحي مدينة دنفر بولاية كولورادو الأميركية، وقتل فيها مسلح 12 شخصًا وجرح 58 آخرين. وفي هذا الإطار، قالت الصحيفة إن مأساتين تتعلقان بالسلاح والقتل وقعتا في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. الأولى هي تلك التي قتل فيها مسلح 12 شخصاً، والثانية هي سكوت السياسيين المطبق. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن الرجلين اللذين يتنافسان على رئاسة أقوى ديمقراطية في العالم في وقت لاحق من هذا العام لم تكن لديهما أي كلمات عدا كلمات التعزية والمواساة للأسر المكلومة والناجين من إطلاق النار. فقد قام كل من أوباما و"رومني" بتعليق حملتيهما الانتخابيتين، ولكن لا أحد منهما كان مستعداً للمجازفة وقول شيء ما حول ضرورة تقنين حمل السلاح؛ مثلما لم يجرؤ السياسيون الأميركيون البارزون على المجازفة بمواجهة لوبي السلاح القوي في البلاد، باستثناء عمدة نيويورك مايكل بلومبرج. وفي المقابل، توقعت الصحيفة أن يكون ثمة نقاش حول مسائل أكثر جانبية -مثل هوس جيمس هولمز، المنفذ المفترض لأعمال القتل، بالأشرار في قصص باتمان، وما قد يكشف عنه مثل هذا الهوس حول اتجاهات خفية في الثقافة الشعبية الأميركية. كما ستكون ثمة تخمينات بشأن تزايد أعمال إطلاق النار الجماعية مؤخراً. غير أنه كيفما تكن الإجابات التي تقدم أثناء هذه التكهنات، وما إن كان الخبراء متفقين على أن بعض الأفلام وألعاب الفيديو وأشكالاً أخرى من الترفيه قد تشجع الأشخاص غير المستقرين نفسياً على تنفيذ تخيلاتهم وأوهامهم العنيفة أم لا، تقول الصحيفة، فإن الأكيد هو أنه لن يكون ثمة جواب سياسي عملي على الجريمة المرتبطة بحمل السلاح في الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، تضيف الصحيفة، أنه لن تكون ثمة أي محاولة للحد من توافر السلاح حتى لا تكون لدى الأشخاص الذين قد يميلون إلى ارتكاب جرائم قتل جماعية وسيلة متاحة بسهولة للقيام بذلك. مساعدات لأفغانستان صحيفة "جابان تايمز" اليابانية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الاثنين على موافقة المجتمع الدولي على مواصلة دعمه لأفغانستان، حيث التزم خلال اجتماع للمانحين عقد في وقت سابق من هذا الشهر بالعاصمة اليابانية طوكيو على توفير 16 مليار دولار من المساعدات لحكومة ذلك البلد الفقير الذي تمزقه الحرب. ولكن المانحين تبنوا ذهنية جديدة، حيث طالبوا بإنفاق المال على نحو جيد ووعدوا الحكومة في كابول -ودافعي الضرائب في بلدانهم- بمراقبة النتائج عن كثب. وبالنظر إلى حجم الفساد المتفشي في أفغانستان، تقول الصحيفة، فإن ذلك سيشكل تحدياً كبيراً، ولكن يجب على المانحين أن يتذكروا أن تحقيق طموحاتهم الكبيرة -خلق دولة أفغانية مستقرة وفعالة بدون الوجود المستمر للقوات لأجنبية- يتطلب تقدماً حقيقياً. الصحيفة تقول إن المؤتمر تمخض عن تعهد من المانحين وحكومة كابول على حد سواء بمراقبة أموال المساعدات. وفي هذا الإطار، أبرز "إطار طوكيو للمحاسبة المتبادلة"، المتوافق عليه بين كابول والشركاء، أن الدعم يعتمد على احترام الحكومة الأفغانية لالتزاماتها، ويشمل ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة في 2014 و2015، على التوالي، وتحسين السيطرة على الأسواق المالية، ومعالجة معضلة تفشي الفساد. هذا إضافة إلى اجتماع ممثلين رفيعي المستوى من الدول المانحة وأفغانستان، مرة واحدة على الأقل، من أجل تقييم التقدم. ثم ختمت الصحيفة بالقول إن اليابان، ومن خلال استضافتها لمؤتمر المساعدات، أظهرت أنها ملتزمة ببناء مستقبل أفغانستان، مشددة على ضرورة أن تبذل طوكيو، إلى جانب كابول والدول المانحة، جهداً أكبر من أجل ضمان ذهاب تلك الأموال إلى أهدافها المحددة، وليس إلى حسابات بنكية وفلل في الخارج، على حد قولها. "طريق اليابان النووي" صحيفة "آيريش تايمز" الإيرلندية أفردت افتتاحية للتعليق على قرار رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا الشهر الماضي بالشروع في إعادة تشغيل المفاعلات النووية للبلاد، وهو القرار الذي أدى إلى تصاعد الاحتجاجات عبر اليابان؛ حيث احتشد نحو 100 ألف شخص في وسط طوكيو في أكبر مظاهرة تعرفها البلاد منذ أن ضرب زلزال وتسونامي محطة فوكوشيما النووية، التي تبعد بـ240 كيلومتراً عن العاصمة، في مارس من العام الماضي. وهي الكارثة التي تعطلت فيها إمدادات الكهرباء وأنظمة التبريد في المحطة، مما تسبب في انهيار ثلاثة من مفاعلات المحطة الستة، وتسرب كميات كبيرة من المواد المشعة، وإرغام 150 ألف شخص على إخلاء المنطقة. وبدوره، أدى الانهيار إلى الإغلاق الاحترازي لكل المفاعلات النووية في البلاد، وتشير التقارير الأخيرة حول الحادث إلى أن العاصمة نفسها تجنبت الكارثة بمعجزة. الصحيفة تقول إن الفكرة من وراء إبقاء اليابان، التي تعرف خمس زلازل العالم، على 54 مفاعلاً نووياً تجارياً أمر مقلق جداً بالنسبة للكثير من اليابانيين. ولكن تكلفة مواصلة إغلاق أكثر من 50 محطة نووية كبيرة جداً أيضاً، ليس فقط بسبب خسارة الاستثمارات، ولكن كذلك بسبب الـ100 مليون دولار التي تضيفها يومياً إلى تكلفة استيراد احتياجات البلاد من الطاقة. وفي هذا الإطار، كرر قطاع التجارة تشديد "نودا" على أن "لا خيار" أمامه غير استئناف البرنامج. وبالمقابل، قالت الصحيفة إن التقرير الرابع الذي صدر يوم الاثنين، من أصل أربعة تقارير رسمية حول الكارثة تكيل جميعها الانتقادات لمشغِّل المحطة، شركة كهرباء طوكيو "تيبكو" والحكومة، جادل بأنه بسبب "أسطورة السلامة" المنتشرة -الاعتقاد بأنه لا يمكن وقوع أي حادث- فإنه "لم يكن ثمة أي استعداد لإخفاق كارثي"، مشدداً على الحاجة إلى تغيير كبير في استراتيجية التخطيط للكوارث. إعداد: محمد وقيف