استمرار الجدل حول الضرائب... وتساؤلات بشأن مجزرة كولورادو --------- مشكلات الديمقراطية في إسرائيل، وجدل حول رفع الضرائب في الولايات المتحدة، وتساؤلات حول مجزرة كولورادو، ثم استمرار التباطؤ الاقتصادي في أميركا...موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. --------- "الديمقراطية" في إسرائيل تساءلت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها ليوم السبت الماضي عن مستقبل الديمقراطية في إسرائيل، فبعد ستة عقود على قيام الدولة ما زالت الديمقراطية في إسرائيل تعيش على وقع الأزمات المستمرة، والدليل على ذلك التطورات الأخيرة التي شهدت انهيار الائتلاف الحكومي في إسرائيل بعد عشرة أيام فقط على إعلان تشكله؛ الصحيفة ترى أن الانقسامات السياسية والتشظي الأيديولوجي الذي يخترق المجتمع الإسرائيلي يهدد الديمقراطية ويضعها على المحك، فقبل الائتلاف المتداعي كان نتنياهو سيد الساحة السياسية، كما تقول الصحيفة، يقود حكومة يهمين عليها اليمين المتحالف مع الأحزاب الدينية والقومية الصغيرة ذات التوجهات المتطرفة، لكن عندما انضم شاؤول موفاز زعيم حزب "كاديما" الوسطي توسع الائتلاف الحكومي، وبدا أن نتنياهو، الذي كان دائم التشكي من يمينية الأحزاب المتحالفة معه، قد تحرر منها، لذا تم التوافق مع الحزب الجديد المنضم إلى الحكومة على أجندة موحدة تتصدى لبعض المشاكل الأساسية في المجتمع الإسرائيلي وعلى رأسها مسألة الخدمة العسكرية الخاصة باليهود المتدينين، والعرب الإسرائيليين، لا سيما بعد حكم المحكمة العليا بعدم صحة الإعفاءات التي يستفيد منها المتدينون، كما توافق الطرفان أيضاً على إحياء عملية السلام المتعثرة والمصادقة على الموازنة الحكومية، غير أن التفاهمات لم تقوَ على الصمود أمام الواقع الإسرائيلي بتفاصيله المعقدة، فقد اختلف نتنياهو مع موفاز في طريقة إلغاء نظام الإعفاءات من الخدمة العسكرية، إذ في الوقت الذي طالب فيه موفاز بإقرار قانون يفرض على 80 في المئة من المتدينين أداء خدمتهم العسكرية أسوة بباقي المواطنين وإخضاع المتهربين منها لعقوبات جذرية فضل نتنياهو، بضغط من الأحزاب الدينية الصغيرة، أسلوباً تدريجياً يتم بموجبه إدماج المتدينين في الجيش على المدى الطويل، هذا الخلاف الناشب كان كفيلا بانهيار الحكومة وعودة الأزمة إلى الديمقراطية الإسرائيلية. معضلة الضرائب: تناولت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي النقاش الدائر حالياً في واشنطن والجدال المحتدم بين "الديمقراطيين" و"الجمهوريين" بشأن رفع الضرائب على الدخل من عدمه، ويأتي هذا الجدل على خلفية تصريحات أوباما برغبته الزيادة في معدل ضرائب الدخل على الأفراد الذين يزيد دخلهم عن 200 ألف دولار، والعائلات التي يتجاوز دخلها السنوي 250 ألف دولار؛ وفيما تنتقد الصحيفة محاولات أوباما و"الديمقراطيين" إثقال كاهل الطبقات الوسطى الأكثر تحملا للأعباء الاجتماعية وسط مناخ اقتصادي ضاغط واستحقاقات مرهقة تهم الرعاية الاجتماعية ومعاشات التقاعد المتضخمة، إلا أنها تعيب أيضاً على الجمهوريين رفضهم التام لفكرة الضرائب بضغط من أصحاب الثروات والشركات الكبرى، منبهة إلى الواقع الاقتصادي الراهن المتميز بالعجز الكبير في الموازنة وتراكم الديون. وبالإضافة إلى آراء السياسيين على الجانبين تشير الصحيفة إلى رأي محافظ الاحتياطي الفيدرالي، "بين برنانكي"، الذي حذر من مغبة الإمعان في خفض النفقات ورفع الضرائب، لا سيما وأن ذلك يتزامن مع دخول برنامج كبير لخفض الإنفاق يقدر بحوالي 1.2 تريليون دولار على مدى العشر سنوات المقبلة، وللخروج من هذا المأزق، وبخاصة أن فترة صلاحية الإعفاءات الضريبية التي ستنتهي نهاية السنة الجارية، تقترح الصحيفة متابعة برنامج خفض الإنفاق بالتدريج وعلى المدى الطويل، وفي نفس الوقت الرفع التدريجي أيضاً للضرائب وعلى المدى الطويل لتوفير مداخل إضافية للحكومة الفدرالية تسد بها العجز الذريع في المالية الأميركية، ليبقى الأمر الأكثر استعجالا الآن هو التوافق بين الحزبين على صيغة لتمديد الإعفاءات الضريبية مع توسيع هامش المستفيدين منها على ألا ترهق كاهل المواطن الأميركي. مجزرة كولورادو: خصصت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي للحديث عن عملية إطلاق النار ببلدة "أرورا" بولاية كولورادو الأميركية بإحدى دور السينما، مشيرة إلى الأسئلة الكثيرة التي تثيرها الحادثة، لا سيما بعدما تكررت مثل هذه الجرائم في العديد من المدن والولايات الأميركية، فهل الأمر مرتبط بتقصير في الإجراءات الأمنية في الأماكن العامة؟ أم هو مرتبط أكثر بقوانين حمل وشراء السلاح في أميركا التي طالما تعرضت للانتقاد دون جدوى؟ ترى الصحيفة أن هذه الأسئلة رغم مشروعيتها تظل قاصرة عن الإجابة عن الدوافع الحقيقة التي تقف وراء الجرائم التي تطال المدارس والجامعات، وها هي اليوم تمتد إلى دور السينما في سابقة غير مشهودة، فلكي نتعرف إلى الأسباب لا بد من طرق الجانب النفسي، وربما الخواء الوجداني للفرد الأميركي الذي يعاني ليس فقط من الأزمة الاقتصادية وتداعياتها، بل أيضاً من غياب النموذج وطغيان الثقافة المادية، والحاجة إلى النجاح مهما كلف الأمر، كل ذلك يضع ضغوطاً هائلة على كاهل الفرد الأميركي ويدفعه أحياناً إلى الانتحار، أو ارتكاب الجرائم الخطيرة، وفي هذا السياق تلفت الصحيفة النظر إلى خلفية مرتكب الجريمة الذي ينحدر من الطبقة الوسطى ذات الظروف المادية المقبولة، كما أنه يتوفر على تعليم جامعي، وكان يهيئ شهادة الدكتوراه في الكيمياء، فمَ الذي يدفع شخصاً بهذه المواصفات إلى اقتراف جرم بهذا الحجم، ويطلق النار وسط قاعة السينما ليردي أبرياء بينهم طفلة لا تتجاوز الست سنوات؟ الحقيقة أن الإجابة لا يمكن، حسب الصحيفة، أن تقتصر فقط على الجانب المادي مثل نقص الإجراءات الأمنية، وسهولة الحصول على السلاح وغيرها، بل لا بد من الاهتمام بالجانب النفسي، والصحة الوجدانية للفرد الأميركي. استمرار التباطؤ الاقتصادي: رسمت صحيفة "واشنطن تايمز" في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي صورة قاتمة عن الوضع العام للاقتصاد الأميركي، منتقدة في ذلك سياسة أوباما الاقتصادية القائمة، كما تقول، على المزيد من الاستدانة والإكثار من الإنفاق، وهي السياسية التي أظهرت، على حد وصف الصحيفة، فشلها في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي، ففيما عدا القطاع العقاري الذي أظهر بعض الانتعاش في الأشهر الأخيرة تظل باقي المؤشرات الاقتصادية هزيلة، وهو ما أشار إليه محافظ الاحتياطي الفدرالي، "بين برنانكي"، في جلسة استماع أمام الكونجرس يوم الأربعاء الماضي عندما جدد التزامه باتباع سياسة نقدية لتحسين الوضع الاقتصادي، بمعنى خفض سعر الفائدة أكثر للتشجيع على الاقتراض وتحريك عجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى وسائل أخرى يلجأ إليها الاحتياطي الفدرالي مثل ما يعرف بالتيسير الكمي، أي طبع المزيد من الأوراق المالية، والاعتماد أيضاً على الديون، لكن هذه الإجراءات ترى فيها الصحيفة مجرد مسكنات أثبتت فشلها موصلة الدين العام إلى 15.9 تريليون دولار، وللتدليل على الوتيرة البطيئة للتعافي الاقتصادي تستشهد الصحيفة بتقرير الاحتياطي الفدرالي نفسه الصادر يوم الأربعاء الماضي وفيه تبرز بعض الأرقام والمؤشرات المقلقة: فنسبة النمو لم تتجاوز 2 في المئة خلال السنة الجارية، أما الناتج المحلي الإجمالي فلم يتزحزح إلا بمقدار بسيط لا يتعدى 1.9 في المئة خلال الربع الأول من السنة الجارية، مع توقعات العديد من الخبراء بانحداره إلى 1.5 في المئة خلال السنة المقبلة مقارنة بنسبة النمو في العام الماضي التي بلغت 2.5 في المئة، ومع تراخي وتيرة النمو تراجع أيضاً عدد الوظائف التي ينتجها الاقتصاد الأميركي، بحيث لم يتسجل في الثلاثة أشهر الماضية سوى 75 ألف وظيفة كمعدل شهري لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد على فرص العمل ليصل عدد الأميركيين الذين يعيشون على إعانات البطالة 3.3 مليون شخص. إعداد: زهير الكساب