يتجمع هذا الأسبوع في واشنطن25 ألف موفد لحضور المؤتمر العالمي للأيدز، فيما يمثل لحظةً مهمةً وعامرةً بالأمل، خصوصاً بالنظر إلى المكاسب والإنجازات المهمة التي تحققت وتتحقق في علاج هذا المرض. فمن أكبر المآسي التي يعانيها العالم حالياً، أن يموت بعض الناس بالإيدز رغم توافر الأدوية التي يمكنها إنقاذ حياتهم. فمنذ عقد زمني واحد فقط، كانت المأساة التي خلقها هذا المرض تحصد الناس في أفريقيا. لكن من خلال المبادرة الأميركية "خطة الرئيس للطوارئ والتخفيف من مرض الإيدز"، والجهود التي بذلها "الصندوق العالمي لمقاومة الأيدز، والملاريا، والسل"، من خلال التعاون مع الحكومات الملتزمة، والمنظمات الاجتماعية والدينية، والقطاع الخاص... تقدمت وسائل الوقاية والعلاج بوتيرة لم تكن متخيلة من قبل. وفي الشهر الحالي، أعلن برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الأيدز (UNAIDS)، أن هناك حالياً ما يصل 6.2 مليون إنسان في أفريقيا جنوب الصحراء، يتعاطون عقاقير مضادة للفيروسات الرجعية لمرض الأيدز، وهي عقاقير فعالة في إنقاذ حياتهم، بعد كان هذا العدد لا يتجاوز 100 ألف إنسان عام 2003. والفارق ليس عددياً فقط، وإنما أيضاً يعبّر عن جهود خارقة قام بها أناس حقيقيون بينهم أطباء وممرضون، وموظفون مدنيون، وفلاحون، وطلاب، ورواد أعمال، وآباء. إن ذلك يقدم دليلا على ما يسمى في أفريقيا "ظاهرة لازاروس"، والتي تعني أن تجمعات بشرية اعتبرت في حكم الميتة من قبل، قد أعيدت مرة أخرى للحياة، وأن ملايين الرجال والنساء ما زالوا أحياء وقادرين على بناء مستقبلهم. وكان من الآثار الجانبية المهمة لهذا المجهود الضخم في مقاومة الإيدز، ذلك الخاص بتحسين المنظومة الصحية في أفريقيا. فالشاهد أن برنامج "خطة الرئيس للطوارئ والتخفيف من مرض الأيدز"، وغيره من البرامج، قد ساعد على رفع المستويات المهنية المتخصصة، وتحسين البنية الأساسية في المجال الصحي، مما حفّز الأمل في مد نطاق المكتسبات التي تحققت في مجال مكافحة الأيدز إلى أمراض أخرى. وفي هذا الإطار قمت أنا وزوجتي لورا و"معهد بوش" وشركاء آخرون من القطاعين العام والخاص، بتدشين "برنامج الشريط الوردي والشريط الأحمر" لإنقاذ النساء من مرض سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، وهما مرضان يأتيان في مقدمة الأمراض السرطانية المسببة لوفيات النساء في أفريقيا. ويعتمد نجاح هذا البرنامج، شأنه في ذلك شأن برنامج مكافحة الإيدز، على بناء تحالف من الشركات الخاصة، والمنظمات غير الربحية والحكومات. وإلى ذلك يعمل "معهد بوش" مع إدارة أوباما، و"برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الأيدز"، وشركاء من القطاع الخاص، على تعزيز هذا البرنامج الذي تساهم فيه أيضا وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بجهد كبير. وسيكون الأمر باعثاً على الحزن، إذا ما فقد العالم بسبب الظروف الحالية التي يمر بها، تركيزه وإرادته في هذا الخصوص. وللمحافظة على زخم الحملة العالمية لمكافحة الإيدز، سيتعين على أميركا الاستمرار في قيادتها لهذا الجهد، فبعد أن لمسنا بأنفسنا مدى الحاجة لتلك الحملة، وقبلنا بالتحدي، لم يعد الآن بمقدورنا النكوص على أعقابنا. ------- جورج دبليو بوش الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"