يشارك ثلاثون ألف مغربي في شهر سبتمبر المقبل في حوار عام واسع حول إنشاء مجلس جديد للشباب. ويهدف "المجلس الاستشاري للشباب والعمل الاجتماعي" (المعروف ببساطة باسم "مجلس الشباب") إلى التعامل مع توقعات هذه الشريحة حول المشاركة الديمقراطية من خلال توفير منبر ثابت للشباب للمشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. إنه جزء من مبادرة جديدة من المؤسسة الملكيّة لزيادة مشاركة الشباب في المغرب، بعد تحولات الحراك العربي. ولم تنادِ المظاهرات في المغرب، بعكس نظيراتها في تونس ومصر، بتغيير جوهري في نظام الحكم أثناء مظاهرات الحراك العربي الاحتجاجية عام 2011. فقد طالب الشباب بـ"التطوير" بدلاً من "الثورة". وركّزت مطالب المتظاهرين الرئيسية على وضع حد للفساد وإصلاح النظام القضائي وتحسين سبل الوصول إلى التعليم وإيجاد نظام أفضل للرعاية الصحية. وقد أراد الشباب من حيث المبدأ دولة تعمل بصورة أفضل، الأمر الذي لا يعني لهم بالضرورة تغييراً كاملاً للنظام. وقد انعكست النتائج اللاحقة لمطالبات كهذه بالإصلاح في إيجاد مجلس الشباب، الذي سيشكّل أسلوباً جديداً للتقريب بين الحكومة والمواطنين. وقد تم تطوير خطط إنشاء مجلس الشباب قبل شهور قليلة. إلا أنه بعد سنة من الإعلان عن إنشائه في الدستور المغربي الجديد، لم تقم وزارة الشباب والرياضة بعد بصياغة اقتراحها الاستراتيجي حتى يتسنى تأسيس المجلس فعلياً. ولدى تأسيسه، سيسمح مجلس الشباب بمشاركة غير مسبوقة تهدف إلى إشراك ممثلين عن الشباب المغربي في عملية صنع القرار. إلا أن المجتمع المدني المغربي لم ينتظر أن تقوم وزارة الشباب بعملها. فقد شكّل الناشطون في المجتمع المدني، بدعم من المعهد الديمقراطي الوطني والسفارة البريطانية مجموعة مماثلة هي حكومة الشباب الموازية وذلك في شهر يونيو الماضي. وسيحصل الشباب المشارك، من خلال هذه المبادرة، على فرصة لتوفير التغذية الراجعة حول القرارات الحكومية. وقد وعد الحبيب شوباني، الوزير المغربي المسؤول عن العلاقات بين الحكومة والمجتمع المدني، بأن تكون أبواب البرلمان مفتوحة أمام حكومة الشباب الموازية، وأن يُعطى المشاركون فيها فرصة لحضور الاجتماعات مع أعضاء البرلمان. ولكن لم يتقرر بعد التفاعل بين هاتين المؤسستين: مجلس الشباب وحكومة الشباب الموازية، إذ تحاول كل منهما الترويج لدور أكبر للشباب، وفق تصورها. وحسب تقرير أصدره البنك الدولي مؤخراً، فإن نصف عدد شباب المغرب لا يذهب إلى الدراسة أو أنهم عاطلون عن العمل. ويمكن لمجلس الشباب وحكومة الشباب الموازية أن يلعبا دوراً حاسماً في التعامل مع التحديات التي تواجه المغاربة الشباب من خلال الإبقاء على هذه القضايا على شاشة رادار الحكومة والدفع باتجاه تلمس حلول لها. وبناء على ذلك، فإن القضية الأولى على أجندة مجلس الشباب ستكون انعدام فرص العمل. وينبغي أن يركّز العمل على إيجاد حلول مستدامة لمسألة البطالة. ومن بين التحديات التي سيواجهها المجلس مساعدة الحكومة على إصلاح نظام التعليم ليتمكن من تحقيق احتياجات سوق العمل. كما وجد تقرير البنك الدولي نفسه أيضاً أن هناك حاجة ماسة للتدريب المهني، الذي لم يتحقق إلى درجة كبيرة من قبل المؤسسات التعليمية. ولكن إذا كان بإمكان منظمات الشباب والحكومة العمل معاً فباستطاعتهما إيجاد حلول جديدة لهذه المشاكل. ويمكن لاجتماعات منتظمة بين رؤساء المؤسسات التعليمية وقادة منظمات الشباب -لسماع مقترحات الشباب حول كيفية تحقيق تطلعاتهم- أن تساعد في تطوير سياسات جديدة تفيد الشباب الباحث عن فرص عمل. ولاشك أن اتساع نسبة الشباب من ذوي التعليم الجيد يسهم في إيجاد وطن أكثر مسؤولية ونشاطاً سياسياً. وستبني هاتان المنظمتان، حسبما نأمل، جسراً بين الشباب والنظام السياسي، وكذلك بين الطلاب والعمال. وحتى يتسنى لهم أن ينجحوا، يتعين على ممثلي الشباب من كافة أنحاء المملكة المشاركة في إيجاد استراتيجية وطنية متماسكة وفاعلة للتعامل مع قضايا الشباب واهتماماتهم. ناديا ربّاع صحفية مستقلة ومستشارة إعلامية في المغرب ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية