مع بداية ثالث رمضان لي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أجدني أفكر في ما تعلمته من الوقت الذي قضيته رفقة أصدقاء إماراتيين في هذا الشهر المميز من السنة. وأشعر أن الصيام يشكل فرصة للابتعاد عن الروتين من أجل إتاحة وقت للتفكير والتأمل في الحياة التي ينعمون بها. وحسبما شرح لي أصدقاء إماراتيون، فإن الغرض من الصيام روحي في المقام الأول، ولكن من جهة ثانية هناك أيضاً المزايا الأخرى الناتجة عنه من قبيل التحكم في النفس، وتقوية الوشائج العائلية، ومشاركة الفقراء والأقل حظا شعورهم ومعاناتهم. ومن فوائد الصوم أيضاً إضافة إلى الفوائد الصحية (هذا طالما لم تفسد وجبات الإفطار والسحور العمل الجيد في النهار!). وقد سبق لي أن تقاسمتُ الأجواء الاحتفالية والأحاسيس المحيطة بوقت الإفطار، ورأيت كيف يقوي ذلك العلاقات والروابط مع العائلة والأصدقاء على نحو خاص حقا. في رمضان هذا العام، يسعدني أن بلدي - بريطانيا- سيستضيف الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية الخاصة بالمعاقين. والواقع أنه لا يحدث كثيراً أن يتزامن الأولمبياد مع رمضان، ولكني أعتقد أن هذا يجعل المناسبة خاصة أكثر- بالنسبة لسكان لندن، وللمسلمين على وجه الخصوص، والأمر نفسه ينطبق على كل زوار المملكة المتحدة خلال الشهر المقبل. وخلال هذه الألعاب، سيتنافس المسلمون البريطانيون والرياضيون الإماراتيون جنباً إلى جنب-وكذلك سيفعل أكثر من رياضي أولمبي مسلم يشاركون في الألعاب التي ستبدأ في غضون بضعة أيام. ولئن كان الكثير من هؤلاء الرياضيين لن يصوموا لأسباب يمكن تفهمها جيداً، فإنني أعتقد أنهم سيجدون طرقا للتوفيق بين أهمية الفرصة الاحترافية الأكبر في حياتهم وأهم مناسبة دينية في السنة - وعلى سبيل المثال، فقد سمعتُ أن محمد صبيحي، البطل البريطاني البارز في رياضة التجديف، سيقوم بتقديم 1800 وجبة للفقراء في المغرب، البلد الأصلي لوالده، ككفارة. كما تأثرتُ عندما قرأتُ عن الإلهام الذي منحه "دارن شيزمان" من الفريق البريطاني لرياضة الهوكي للكثير من المسلمين البريطانيين الشباب الذين يتطلعون إلى حياة في الرياضات الاحترافية. ومن المثير للإعجاب أيضاً أن تسمع عن الترتيبات التي تقوم بها اللجنة الأولمبية الدولية من أجل الأشخاص الصائمين - وجبات قبل الفجر وأماكن لإعداد أولى الوجبات بعد مغيب الشمس. وكلها أمثلة جيدة لكيفية تعايش الإسلام والرياضات التنافسية وانسجامهما في القرن الحادي والعشرين. الأشخاص الذين سيسافرون من الإمارات إلى المملكة المتحدة خلال الشهر القادم سيعاينون الترحيب وحسن الضيافة البريطانيين. كما سيكون باستطاعتهم تقاسم الأجواء الدينية والاحتفالية في كل المدن الرئيسية للمملكة المتحدة حيث تقام العديد من وجبات الإفطار والتجمعات العائلية. وأنا أيضاً سأكون في المملكة المتحدة لفترة من الشهر وأتطلع لرؤية أكبر عدد ممكن من الإماراتيين هناك – فشيء جميل أن يستطيع المرء رد حسن الضيافة التي تلقيتها في الإمارات. ولئن كنت أنوي تجريب الصيام على الأقل مرة واحدة من أجل اختبار إرادتي، فإنني أتطلع أيضاً إلى التمتع بأمسيات رياضية مثيرة من الألعاب- وخصوصا الحدث الأهم من بين كل الأحداث – المباراة التي ستجمع بين المنتخب الإماراتي في كرة القدم و نظيره البريطاني في التاسع والعشرين من يوليو. ولأنني دبلوماسي، فإنني سأقول بالطبع: "ليكن الفوز من نصيب الفريق الأفضل!". وبصفتي وأحداً من سكان لندن، فإنني نشأتُ في مجتمع متنوع جداً ولدي فيه أصدقاء مسلمون كثيرون، فقد جئتُ إلى الإمارات، وأنا مزود بقدر لا بأس به من المعلومات عن الإسلام. غير أن الوقت الذي قضيته مع أصدقاء إماراتيين شجعني على طرح مزيد من الأسئلة. وقد كان انفتاحهم وتوقهم لتقاسم معلومات معي حول الثقافة الإسلامية مفيداً ومجزياً جداً. فضيلتا الصبر والتسامح – المهمتان في الدين الإسلامي واللتان تُصقلان أكثر خلال شهر رمضان هما فضيلتان يتعين على كل إنسان السعي إلى اكتسابهما. وقد كانت هاتان الفضيلتان في صلب رؤية مؤسسي دولة الإمارات العربية المتحدة وعليهما تستند قيادة الدولة اليوم؛ وهذا ما يفسر لماذا يختار أكثر من 100 ألف بريطاني، في رمضان وطيلة العام، وصف الإمارات ببلدهم الثاني.