كانت ذلك واحدة من أفضل خُطب أوباما وأفضل لحظاته في حملة 2008 الانتخابية الرئاسية. كان ما قاله أوباما هو أننا نستطيع أن نوفر أكبر قدر ممكن من الوقود لو حافظ كل واحد منا على سيارته في حالة جيدة، وراعى صيانتها باستمرار، وحرص على أن يكون ضغط الهواء في إطارتها مضبوطاً. قد يقول البعض الآن إن كلام أوباما هنا يعد من قبيل المبالغة. لكن المحافظين، ومنهم خصمه جون ماكين، حاولوا تحويل ضغط الهواء في إطارات السيارات إلى رمز للسخرية من ليبرالية أوباما المثقفة، واعتبروها خلاصة خطته الخاصة بالطاقة. ورغم ذلك تمسك أوباما بموقفه، بل ووجه نقداً لاذعاً لمهاجميه حيث قال: "إنني لأعجب من قوم يتباهون بكونهم جهلاء". هذه الجملة حققت المتوخى منها، حيث أثبتت أن أوباما يضع مسألة المحافظة على الطاقة في منزلة رفيعة، حتى لو أدى ذلك للتهجم الديماغوجي عليه وتشويه صورته. لكن هذا حدث في تلك الأيام التي كان الناس يعتقدون فيها أن أوباما سياسي مستنير، وليس مجرد سياسي مغمور يتم تسويقه. ومع ذلك، فإن ما قاله ثقب فقاعة هيستيريا زائفة. ويمكننا أن نجد القليل (الكثير في الحقيقة) من مثل هذا الشيء لدى رومني الذي وجد نفسه عالقاً في جدل يتمحور حول السؤال: هل كان هو رئيس شركة "بين كابيتال" عندما قامت باستثمارات اضطرتها لاحقاً لـ"التعهيد"، أي الاستعانة بعمالة أو خبرة أجنبية موجودة في الخارج، من أجل أداء أعمال بدلا من عمالة أو خبرة أميركية محلية تتقاضى أجوراً مرتفعة؟ في إطار هذا الجدل يقول رومني إنه كان قد ترك الشركة عام 1999 من أجل إنقاذ "دورة سالت ليك الأولمبية". لكن لجنة الأوراق والتبادلات المالية تظهر بشكل واضح أنه كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لتلك الشركة عام 1999 عندما بدأت في الاعتماد على آلية التعهيد. والحقيقة أن ما يقوله رومني يريد منه أن يظهر بأن تلك الشركة كانت شركة ملائكية حتى اللحظة التي غادرها فيها، وبعد ذلك تحولت إلى شركة شيطانية. إن إدارة أوباما تتهم رومني في سياق الحملة الانتخابية الحالية، بأنه قد ارتكب جريمة جنائية يستحق العقاب عليها عندما قام بتزوير وثائق لجنة الأوراق والتبادلات المالية وهو ما أدى لتضليل الشعب الأميركي بشأن موقفه. وبصرف النظر عن هذا، فالأمر المحقق هو أن رومني، وإلى حد كبير، كان المسؤول عن الورطة التي يجد فيها نفسه حالياً، لأن الفترة التي قضاها في شركة "بين للاستثمارات"، ووضعه كقط من ضمن القطط السمان، كان محلا للهجوم طيلة حياته السياسية، ومع ذلك فإنه أخذ على حين غرة من قبل منافسيه في الحملة الانتخابية الحالية. وهو الآن في حاجة لثقب فقاعة الهستيريا المحيطة به، والتي تجعله عرضة للوم، خصوصاً وأنه كان يعرف الحقيقة، لكنه لم يقلها، ولم يدافع عن الصناعة التي جعلت منه رجلا ثرياً، ومنحته مهنة يقول هو نفسه إنها قد أهّلته لترشيح نفسه لمنصب الرئيس. -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "أم. سي. تي. إنترناشيونال"