أوباما يخسر على الساحة "اللاتينية"...وطفرة "خيرية" روسية! كيف يمكن توصيف المشهد في باكستان؟ وماذا عن أصداء زيارة كلينتون للقاهرة وتل أبيب؟ وكيف يمكن الاستدلال على تراجع سياسة أوباما تجاه أميركا اللاتينية؟ وهل تقبل روسيا والصين بدور أكبر للجمعيات التطوعية والخيرية الخاصة لاسيما أثناء الكوارث؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. واشنطن وباكستان خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم أمس لرصد المشهد الباكستاني. الصحيفة استنتجت أن الباكستانيين ينخرطون في شغب ومشاجرات على مصادر الطاقة ويعانون شحاً في المياه، ويواصل اقتصادهم التراجع، وكما تتنامى هجمات المسلحين "الإسلاميين" سواء المقيمين في أفغانستان، أو المنتشرين في باكستان. وفي غضون ذلك سمح الجيش واستخباراته للمدنيين كي يسيئوا إدارة البلاد، في وقت يدعم فيه الجيش فصائل إسلامية مسلحة تابعة له، وعناصرها تستهدف بانتظام القوات الأميركية في أفغانستان، وتتورط في مؤامرات إرهابية داخل الهند، ولدى الجيش الباكستاني نفوذ كبير على وسائل الإعلام التي تظهر عداء للولايات المتحدة. الصحيفة تقول إن إدارة أوباما على حق، عندما رفضت مطلب لحكومة زرداري يتمثل في دفع واشنطن رسوم مرور على شاحنات المؤن التي تعبر باكستان باتجاه قوات الناتو في أفغانستان بقيمة 5000 دولار للشاحنة كشرط لإعادة تشغيل خط الإمدادات الذي كان قد أغلق في فبراير الماضي عقب مقتل 24 جندياً باكستانياً في تبادل لإطلاق النار على الحدود الباكستانية- الأفغانية، المسألة حسمت بالعودة إلى الرسوم التي كانت مطبقة قبل حادثة فبراير، وهي 250 دولاراً للشاحنة، بعد اعتذار عن الحادث تصفه الصحيفة بغير الكامل من وزيرة الخارجية الأميركية. وترى الصحيفة أنه إذا لم تدشن باكستان حكومة مدنية ديمقراطية قادرة على الحد من التطرف، سيكون على الولايات المتحدة، إما أن تستخدم البراجماتية مع باكستان عندما يكون ذلك ممكناً، أو أن تستخدم سياسة الاحتواء مع إسلام آباد، عندما يتعذر تسيير الأمور معها بمنطق براجماتي. زيارة كلينتون تحت عنوان "إسرائيل والولايات المتحدة على الموقف ذاته تجاه إيران"، نشرت "لوس أنجلوس تايمز يوم الاثنين الماضي، تقريراً لـ"إدموند ساندرز"، رأى خلاله أن وزيرة الخارجية الأميركية وعدت خلال زيارتها لإسرائيل باستخدام القوة الأميركية القصوى لمنع إيران من حيازة سلاح نووي. كلينتون نوهت إلى أن إيران لم تتخذ إلى الآن قراراً استراتيجياً للتعامل مع مخاوف المجتمع الدولي، وذلك رغم إجراء ثلاث جولات من المحادثات الخاصة ببرنامج طهران النووي. لكن الوزيرة الأميركية دعت خلال زيارتها القادة الإسرائيليين بأن يقوموا من جانبهم بالسير نحو السلام الإقليمي، وأن يُظهر هؤلاء القادة "الشجاعة والإبداع" المطلوبين لإنهاء النزاع مع الفلسطينيين. وحسب التقرير، فإن زيارة كلينتون للقدس الغربية التي استغرقت 24 ساعة جاءت عقب زيارة أجرتها الوزيرة الأميركية لمصر قابلت خلالها الرئيس محمد مرسى، ومحطة القدس هي الأولى لهيلاري منذ عامين، وربما تكون الأخيرة لأنها تخطط لترك منصبها بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. الهدف الأول من الزيارة يراه مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، مقارنة ملاحظات الولايات المتحدة الخاصة بالتهديد الإيراني مع الإسرائيليين، انطلاقاً من البرنامج النووي الإيراني ومن أنشطة طهران في المنطقة. ويشار أيضاً إلى أن إدارة أوباما أوفدت مسؤولين دبلوماسيين وأمنيين كُثر للتشاور مع إسرائيل حول إيران. وضمن هذا الإطار من المتوقع أن يصل وزير الدفاع الأميركي إلى إسرائيل خلال الشهر الجاري. ولا يزال المسؤولون الأميركيون على تواصل مع إسرائيل بخصوص المحادثات النووية الإيرانية التي تجريها كل الولايات المتحدة مع خمس قوى دولية كبرى، هي: بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، خاصة أن إسرائيل- القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط- هددت بشن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت الجهود الدولية لحل الأزمة. وعلى الرغم من أن تل أبيب قد خففت من حدة خطابها الخاص بهذه الضربة، فإنها تصر على بقاء الخيار العسكري على الطاولة. كلينتون التي التقت الرئيس الإسرائيلي ورئيس وزرائه ووزير خارجيته، التقت رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، وشجعت نتنياهو على طرح حزمة من الحوافز تشمل إطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين، وإقناع السلطة الفلسطينية بالتخلي عن تهديدها المتمثل في السعى إلى كسب اعتراف دولي من الجمعية العامة للأمم المتحدة. “ساندرز" كاتب التقرير عاد في تحليله إلى مصر، قائلاً إن الوزيرة الأميركية حاولت رأب الصدع المتنامي بين القاهرة وتل أبيب من أجل الحفاظ على معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية. ويبدو أن زيارة كلينتون لمصر وإسرائيل تأتي قبيل جولة في المنطقة سيجريها "ميت رومني" المرشج "الجمهوري" في انتخابات الرئاسة الأميركية، وسيلتقي خلالها مسؤولين حكوميين، وسيطرح رؤيته لسلام الشرق الأوسط، أي أن جولة كلينتون قد ينظر لها ضمن سباق رئاسي بدأ يستعر في الولايات المتحدة. الخسارة اللاتينية أول أمس الاثنين، وتحت عنوان "خمس علامات على خسارة أوباما لأميركا اللاتينية"، كتب "جي. دي. جوردون" مقالاً في "واشنطن تايمز"، عرض خلاله علامات الخسارة وأسبابها، أولاً: أوباما لا ينظر للرئيس الفنزويلي على أنه تهديد "خطير". الرئيس الأميركي إما أنه لا يرى الحقائق أو لا يجد مشكلة في تنامي قدرات فنزويلا العسكرية، هذا البلد يأوي عناصر من حركة "فارك" الكولومبية، وما بها من تجار مخدرات، وعناصر من "حزب الله"، ولدى فنزويلا شراكة استراتيجية مع روسيا وإيران، وتتزعم أيضاً محوراً من ثماني دول معادية للولايات المتحدة، ويحمل اسم "التحالف البوليفاري" للأميركتين الذي يعرف اختصاراً بـ"ألبا". وقياساً على الماضي، هل كان بمقدور أحد أن يتخيل الرئيس كينيدي يقول إن "كاسترو لا يشكل تهديداً خطيراً"،؟ شافير الآن هو كاسترو الجديد. العلامة الأخرى على خسارة أوباما في أميركا اللاتينية أن إيران والصين لديهما نفوذ داخل القارة، فطهران دشنت علاقات دبلوماسية وعسكرية واقتصادية مع فنزويلا وبوليفيا والإكوادور ونيكاراجوا وكوبا، ولديها علاقات أقل درجة مع كل من البرازيل والأرجنتين. والرئيس الإيراني زار أميركا اللاتينية ست مرات منذ عام 2007، وثمة تقارير مفادها أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني تقوم بتدريب عناصر من دول "التحالف البوليفاري" على قمة الاحتجاجات المدنية، أي بالطريقة نفسها التي قمع بها الحرس الثوري "ثورة إيران الخضراء" في 2009. أما الصين فقد طورت علاقاتها مع دول القارة، في وقت تخسر واشنطن حصتها في الجوار اللاتيني، فالصين الآن هي ثالث أكبر مستثمر في أميركا اللاتينية برأسمال بلغ 22.7 مليار دولار في عام 2011، كما تضاعفت صادرات الصين لدول المنطقة خمس مرات منذ عام 2000 إلى الآن، بينما تراجعت واردات أميركا من دول القارة بمقدار الثلث خلال السنوات الأخيرة. مؤشر ثالث ساقه "جوردون"، وهو ضابط بحري متقاعد عمل متحدثاً سابقاً في "البنتاجون"، وجده في تراجع ثقة الأميركيين اللاتينيين في أوباما، فبعد أن كانت نسبة الرضا عنه أو قبوله لديهم – وفق استطلاع معهد جالوب- قد بلغت 62 في المئة عام 2009، تراجعت النسبة لتصبح 47 في المئة عام 2011. وثمة مؤشر رابع يكمن في المستثمرين الأميركيين الذين عليهم أن يناضلوا لحماية مصالهحم، فبسبب ضعف أوباما، لجأت بعض الحكومة إلى الاحتيال على المستثمرين، عبر عمليات التأميم. والمؤشر الخامس، هو صمت أوباما عن قمع تتعرض له الصحافة في فنزويلا والإكوادور. وضمن هذا الإطار شن شافيز هجوماً على وسائل الإعلام التي تنتقده، وفي الإكوادور تم سجن ثلاثة ناشرين بسبب أعمدة اتهمت "رافئيل كوريا" بالتورط في قمع محاولة انقلابية. طفرة "خيرية" استغربت "كريستيان ساينس مونيتور" في افتتاحيتها أول أمس من حجم العمل التطوعي الذي ظهر بعيد الفيضانات التي أودت بحياة 170 روسياً في مدينة "كريمسك" يوم7 يوليو الجاري. فتحت عنوان "ازدهار الشفقة من رحم الكوارث في روسيا والصين"، رأت الصحيفة أن آلاف من الشباب نظموا أنفسهم بسرعة من خلال شبكة الإنترنت وقطعوا مسافة بلغت 700 ميل جنوب العاصمة موسكو للانخراط في جهود الإغاثة بالمدينة التي ضربها الفيضان، وهؤلاء لم يتحركوا فقط لمساعدة الحكومة الروسية في جهود الإغاثة، بل هم دشنوا سابقة في بلد معروف عنه سيطرته وقبضته القوية على المنظمات الخاصة. الصحيفة تقول إن العمل التطوعي الذي تلا فيضانات "كريمسك" يعكس تنامي حالة عدم الثقة في نظام بوتين، ويعكس أيضاً مشاعر القلق تجاه قدرة الحكومة الروسية على إنقاذ حياة الناس. وتنوه الصحيفة إلى العمل التطوعي الذي ظهر في الصين عام 2008 عقب زلزال "سيشوان" الذي أودى بحياة 87 ألف نسمة معظمهم من الأطفال الذين قضوا تحت أنقاض مدارس حكومية غير مبنية بطريقة سليمة، التبرعات الخاصة التي تم جمعها لإغاثة منكوبي "سيشوان" بلغت 1.5 مليار دولار، بعد هذه الكارثة بدأ الحزب الشيوعي الحاكم يعترف ببطء الدور المجتمعي الذي قد تلعبه الجمعيات الخيرية حتى تلك التابعة لجماعات دينية. وحسب الصحيفة، إذا كان بمقدور روسيا السير على النهج الصيني في التعامل مع الجمعيات الخيرية، فعليها البدء بتشجيع وليس قمع هذه الجمعيات. إعداد: طه حسيب