صفعة جديدة لنظام الأسد... واستعدادات أمنية لأولمبياد لندن أصداء الكارثة الطبيعية التي ضربت روسيا، واجتماع أنجيلا ميركل وفرانسوا هولاند، وتفاقم الانشقاقات عن نظام الأسد، والاستعدادات الأمنية المبالغ فيها لدورة لندن الأولمبية... موضوعات نعرض لها في قراءة أسبوعية للصحافة البريطانية. الحقيقة المرة في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي التي حملت عنوان:"روسيا: الحكومة وغيرها من الكوارث الوطنية"، تناولت "الجارديان" كارثة الفيضانات التي ضربت مناطق في جنوب غرب روسيا، وخلفت ما لا يقل عن 171 قتيلاً كما غمرت آلاف المنازل. وقارنت في بداية مقالتها بين تلك الكارثة وبين كوارث طبيعية حدثت في بلدان أخرى نجح زعماؤها في التصدي لها أو بذلوا قصارى ما يملكون من جهد في التخفيف من آثارها، فكانت سبباً في زيادة شعبيتهم ونفوذهم السياسي، وتقول إنه على الرغم من أن الرئيس الروسي قد حاول أن يظهر اهتمامه الشديد بالكارثة، وقيامه بالإشراف شخصياً على الجهود الرامية للتخفيف من معاناة السكان وتعويضهم عن مصابهم، فإنه لن ينجح في ذلك لأن هناك تقصيراً واضحاً قد حدث، وأدى إلى هذا العدد الكبير من الضحايا، ولأن هناك ثقة مفقودة بين الشعب وبينه ترجع لممارساته خلال السنوات السابقة سواء كرئيس للجمهورية أو كرئيس وزراء، وتركيز معظم جهده على تعزيز سلطته الشخصية والتخلص من خصومه دون أن يولي الاهتمام الكافي بإصلاح البنية الأساسية في العديد من مناطق روسيا، والتي وصلت إلى مستوى متدن للغاية لا يليق بدولة عظمى مثلها، لدرجة أنه يقال إن سبب ارتفاع رقم الضحايا لا يرجع إلى شدة الفيضانات فحسب، وإنما يرجع لأخطاء فادحة مسؤولة عنها الحكومة ، حيث يقال إن سبب شدة اندفاع المياه وزيادة الخسائر البشرية والمادية بالتالي، يرجع لانهيار الحواجز الواقية لخزان ماء كبير مقام خارج مدينة "كريمسك" مخصص لتخزين كميات المياه الفائضة بداخله. وسبب انهيار جدرانه كما تقول الصحيفة يرجع لعدم الاهتمام بالصيانة والمتابعة والإهمال في العمل من جانب الفنيين المسؤولين. وترى أنه على الرغم من المحاولات الدائبة التي يبذلها بوتين وتبذلها أجهزة إعلامه لتصويره في صورة الرجل القوي الذي يسيطر على بلاده بيد من حديد، فإن فداحة الكارثة وصورته وهو يركب طائرة عمودية وحافلة ويطوف هو والمحافظ على الأماكن التي ضربتها الكارثة، ويتحدث مع المواطنين الغاضبين الذين ينتقدون الحكومة لتقاعسها وإهمالها، قد أظهرته في صورة الرجل الضعيف للغاية الذي يحكم بلداً في حالة انهيار ولا يتوافر حتى على أبسط الإمكانيات اللازمة لمواجهة الكوارث والحالات الطارئة. هاجس التهميش "بريطانيا تجلس على الخط"، هكذا عنونت "ديلي تلجراف" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي التي تناولت فيها اللقاء الذي جرى يوم الأحد الماضي بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للاحتفال بذكرى مرور خمسين عاماً على الاجتماع التاريخي بين المستشار الألماني كوندراد أيدينهاور والرئيس الفرنسي شارل ديجول، الذي وضع نهاية لعداء استمر ما يقرب من قرن كامل بين الدولتين الأوروبيتين الكبيرتين، كما أنتج آنذاك " الجماعة الاقتصادية الأوروبية" التي اختارت بريطانيا في ذلك الحين عدم الانضمام إليها. وعلى الرغم من أنها قد قامت بالانضمام إليها فيما بعد، عندما لم تجد مفراً من ذلك، فإن هذا الامتناع الأولى قد أسس في نظر الصحيفة لنوع من التعالي البريطاني في التعامل مع شؤون القارة، ظل قائماً حتى اليوم. وهكذا فإنه في الوقت الذي يجتمع فيه هولاند وميركل لتدفئة العلاقات بينهما بعد أن مرت بمرحلة من البرود المؤقت نتيجة لاختلاف الرؤى حول معالجة بعض القضايا المتعلقة بسبل الخروج من الأزمة الحالية التي تواجهها منطقة "اليورو" في الوقت الراهن، تواصل الحكومة البريطانية ترددها المتعالي كالعادة ولا تدري هل تشارك في جهود إنقاذ الاتحاد الأوروبي أم لا. ترى الصحيفة أن استمرار هذا الموقف الذي لم يعد له معنى، يهدد بترك بريطانيا جالسة على الخط أو على دكة الاحتياط كي تشاهد محور ألمانيا وفرنسا وهو يقرر مستقبل القارة الذي لن يكون مستقبل بريطانيا ذاتها منفصلاً عنه. المصير المحتوم في عدد "الفاينانشيال تايمز" يوم الاثنين الماضي، كتب "ديفيد جاردنر" مقالًا تحت عنوان"الانشقاقات والتمردات تعري نظام الأسد"، وفيه قارن بين ما حدث في ليبيا وبين ما يحدث في سوريا في الوقت الراهن، فقال إن سبب نجاح المتمردين في ليبيا- بالإضافة لتدخل "الناتو" بالطبع - يرجع إلى أن هؤلاء المتمردين بالإضافة للشجاعة الفائقة التي أبدوها قد تمكنوا من شق الجيش الليبي واختراق الدائرة الضيقة المحيطة بالقذافي لدرجة أن بعض المعلومات الاستخبارية الوثيقة تبين أن في وقت من الأوقات كان هناك ما يقرب من 70 عضواً منسوباً للمتمردين مدسوساً داخل هذه الدائرة حتى تمكنوا من جعلها تتقوض من الداخل في نهاية المطاف، على الرغم من أن نظام القذافي الذي استمر ما يزيد عن أربعين عاماً كان يبدو "عصياً على الانقلاب". ويتساءل الكاتب بعد هذه المقدمة هل يمكن لشيء مثل هذا أن يتكرر في سوريا؟ ويجيب هو نفسه على السؤال بقوله إن على الرغم من أن الصورة العامة توحي بأن نظام الأسد أكثر تماسكاً وتنظيماً من نظام القذافي، وأن الجيش السوري رغم الانشقاقات العديدة التي حدثت حتى الآن يبدو متماسكاً لحد كبير نظراً لأن معظم قادة القطاعات الرئيسية والوحدات المهمة فيه ينتمون للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس، إلا أن هذه الصورة قد اهتزت لحد كبير بعد انشقاق العميد مناف طلاس القائد في الحرس الجمهوري الذي يعتبر الركن الركين الذي تقوم عليه ديكتاتورية الأسد ويخضع لإشراف شخصي من ماهر الأسد شقيق الرئيس. فهذا الإنشقاق يختلف اختلافاً كبيراً عما سبقه، بل ويمثل نقطة فارقة لأن طلاس كان من أقرب المقربين للأسد بل وكانت تقوم بينهما صداقة شخصية وطيدة، ولأن انشقاقه يفتح الباب على مصراعيه أمام انشقاقات أخرى في الدائرة الضيقة هذه المرة وهو ما سيسرع من عملية تآكل النظام من الداخل وسقوطه النهائي. وخطورة انشقاق طلاس ترجع إلى أنه واحد من القادة القلائل من الطائفة السنية الذين كانوا لا يزالون موالين للأسد وخصوصاً بعد إبعاد العديد من قيادات وزعامات تلك الطائفة بعد وفاة الأسد الأب مثل عبد الحليم خدام نائب الرئيس السابق. والانشقاقات المتوقعة كما يرى الكاتب لن تقتصر على الطائفة السُنية، بل إن كثيرين من قيادات الطائفة العلوية نفسها من العسكريين سينفضون من حول الأسد بعد تأكدهم من عدم قدرته على سحق الانتفاضة وسيفضلون مغادرة السفينة الغارقة للنجاة بأنفسهم من المصير المحتوم. لندن تحت الحصار "خوفنا المرضي يمثل نصراً للإرهاب"... هكذا عنونت "ياسمين على باي- براون" مقالتها المنشورة في عدد "الإندبندنت" يوم الثلاثاء الماضي، والتي تحدثت فيها عن الاستعدادات الأمنية المبالغ فيها من قبل السلطات البريطانية قبل انطلاق أولمبياد لندن، والتي أثارت حفيظة الكثيرين من البريطانيين لما رأوه فيها من مبالغات وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بنصب مدافع مضادة للطائرات على أسطح بعض منازل العاصمة تحسباً لأي هجوم إرهابي. وانتقدت الكاتبة تلك المخاوف المضخمة لحد كبير والتي أدت إلى بث الخوف والذعر والشك في سكان العاصمة، وأشارت في معرض التدليل على ذلك إلى الحادث الأخير الذي قام فيه سائق حافلة بالاستنجاد بقوات الشرطة لمجرد شكه في راكب كان يتصرف تصرفات مريبة كما قال في بلاغه قبل أن يتضح فيما بعد أن ذلك الرجل كان يدخن نوعاً من السجائر الإلكترونية الجديدة التي انتشر استخدامها، مؤخراً ورأت الكاتبة أن ذلك الذعر المبالغ فيه لن يؤدي لتقليص الخطر الإرهابي بل أن العكس تماماً هو الذي يحدث . وهي تقول إن سكان العاصمة وإن كانوا لا يمانعون على الإطلاق في التنازل عن جزء من حريتهم من أجل أن يمر حدث على هذه الأهمية بسلام، فإن المشكلة تكمن في كون العديد منهم- وتضرب المثل بنفسها- يشكون في جدوى تلك الإجراءات، التي لن يكون لها من تأثير سوى جعل سكان لندن وبريطانيا عموماً والزوار من دول أخرى يشعرون عند مشاهدتهم لفعاليات المونديال بأنهم يستمتعون بالمشاهدة، ولكن من داخل قلعة وهو إحساس خانق ما في ذلك شك. إعداد: سعيد كامل